في ظل الحصار الاقتصادي الذي تعاني منه سوريا والذي دفع باقتصادها إلى مستويات خطرة وغير مسبوقة، ظهرت بعض المبادرات التي تستهدف دعم الاقتصاد السوري من خلال حلول اقتصادية يرى مؤسسو تلك المبادرات أنها قد تكون مجدية.
مروة الربيع، مسؤولة إدارية في حركة "مقاطعة البضائع الأمريكية" تحدثت لـ "بزنس 2 بزنس سورية" عن نشاط هذه الحركة مبينة أنها حركة مقاطعة شعبية مستقلة غير ربحية لا تتبع لدولة أو لحزب، تأسست سنة 2019 بمساهمة من مجموعات شبابية في عدد من دول العالم وتطمح إلى التوسّع في أكثر من دولة لمواجهة السياسات الأمريكية الاقتصادية.
وبحسب الربيع، تبلورت فكرة المقاطعة في أذهان هؤلاء الشباب بعد ما شاهدوه من هيمنة أمريكية وممارساتها المجحفة بحق شعوب العالم ومن ضمنها الشعب السوري خاصة في ظل الحصار الاقتصادي والعقوبات، لذلك وجدوا أنفسهم أمام واجب الدفاع عن الوطن، فكانت المقاطعة السبيل الذي اختاروه للتصدي لهذه الممارسات الوحشية الهادفة لإفقار الشعوب وتجويعها بالمرتبة الأولى.
تابعت الربيع: "من هنا اجتمعنا من مثقفين وإعلاميين وباحثين وناشطين من جميع الجنسيات والفئات المجتمعية وتشاركت فرق شبابية عدة في 12 دولة مختلفة القرار بإطلاق حركة مقاطعة، خاصة أن هناك تجارب سبقتنا منها حملات مقاطعة لمنتجات إسرائيلية وأمريكية أظهرت نجاحاً كبيراً في مراحل مختلفة وأكدت أنها أداة ضغط فعّالة يمكن استعمالها واعتمادها كسياسة عامة مع عدد معين من المنتجات حتى تتوقف الولايات المتحدة عن سلوكها، نعمل على مواقع التواصل الاجتماعي عامة لنشر التوعية وثقافة المقاطعة، بالإضافة إلى العديد من الأنشطة التي نقوم بها على الأرض في مختلف الدول التي ننشط بها مثل روسيا، تركيا، لبنان، فلسطين، وسوريا وغيرهم".
وعن أهداف الحركة، قالت الربيع لـ" بزنس 2 بزنس سورية"إن "أهم أهدافنا هي إضعاف الاقتصاد الأمريكي بالعمل على تقليص الصادرات والخدمات الأمريكية إلى العالم والتقليل من استخدام الدولار في العمليات التجارية كافة، وخلق وعي شعبي لدى شعوب العالم عامة وشعبنا السوري خاصة بثقافة المقاطعة بصفتها موقفاً إنسانياً أخلاقياً أكثر من كونها موقفاً سياسياً وتنميتها تدريجياً لتكون أداة ضغط ضد الهيمنة والجرائم الأمريكية، بالإضافة إلى دعم الليرة السورية ومنتجاتنا الوطنية وتشجيع كل يد عاملة على إنتاج الأفضل في جميع المجالات".
وعن مدى وجود جدوى وأثر حقيقي وفعال لحركة مقاطعة البضائع الأمريكية بشكل عام، ولا سيما في سوريا التي تعاني من عقوبات اقتصادية من أميركا تقيد أي تبادل تجاري معها، أوضحت الربيع أن إحداث تغيير ضد ثقافة مزيفة عمرها عشرات السنين وفكرتها أن "المنتجات الأمريكية هي الأفضل" سيأخذ جهد كبير ووقت، لكن "نفسنا طويل" ومصرون على أهدافنا، ومؤمنون بقضيتنا وأوطاننا. أما بالنسبة لنا في سوريا، فرغم العقوبات الاقتصادية إلا أن العديد من المنتجات الأمريكية لا زالت متاحة في الأسواق. وهنا يأتي دورنا في حركة المقاطعة لتوعية الناس بأن هذه الدولة التي تحاربنا بلقمة عيشنا وحياتنا اليومية عبر فرض العقوبات والحصار المجحف اللا إنساني يجب مقاطعتها ومقاطعة منتجاتها مهما كانت ولو عبوة بيبسي أو كوكا كولا.. لأن هذه المنتجات تدر أرباحاً لصالح الاقتصاد الأمريكي الذي نحارب به.
أما بالنسبة للبضائع الأمريكية الموجودة في الأسواق السورية بالتحديد والتي تسعى الحركة لمقاطعتها، "فهناك العديد من المنتجات الأمريكية الموجودة في الأسواق السورية لكن مجتمعنا السوري لا يعلم جميعها ومهمتنا نحن كحركة نشر التوعية من خلال تسليط الضوء على كل ما يتعلق بالمنتجات من أغذية وأجهزة الكترونية وسيارات منها:
الصابون (تايد ، أريال ، فيري)، معجون الأسنان ( كريست، كولجيت، كلوس أب)، المشروبات (بيبسي، سفن، سبرايت، فانتا)، والدخان مثل (مالبورو وكنت)، إلكترونيات مثل (Apple iPhone، وHP، Dell) وتطول اللائحة"، بحسب ما بينت الربيع.
المسؤولة الإدارية في الموقع أشارت إلى أنه "بعد سنوات الحرب الطويلة التي مرت بها سورية منها الحرب الاقتصادية التي تشنها أمريكا من فرض عقوبات والحد من التطور والتقدم في معظم المجالات وجدنا أن تشجيع المنتج الوطني والمحلي هو السبيل الأفضل ليس فقط لمواجهة أمريكا بل لدعم الاقتصاد السوري ومنتجاته، بالإضافة إلى تحفيز الشركات المنتجة على التحسين من جودة صناعاتها. عندما نخلق تلك الثقة بين المستهلك السوري ومنتجه المحلي، أولا هذا يساعد في هدفنا باستبدال السلع الأمريكية بالمحلية، وثانياً يفيد اقتصاد وطننا ليس فقط من خلال التجارة المحلية، بل حتى في تصدير منتجاتنا للخارج".
وطرحت الربيع تجارب سابقة لحملات مقاطعة كان لها أثر إيجابي، مبينة أن فكرة المقاطعة ليست بجديدة، بل كان هناك تجارب عديدة ناجحة عبر التاريخ. يمكننا العودة في التاريخ إلى حملة المقاطعة في جنوب أفريقيا، ومقاطعة المنتجات البريطانية في الهند التي دعا لها غاندي، ومقاطعات أخرى نجحت بإحداث التغيير. مع كل احترامنا للخبراء الاقتصاديين، إلا أننا نرى العكس تماما، وذلك كما سبق وذكرت بأن هناك تجارب سابقة نجحت، وأيضا بسبب إيماننا بالقضية وبأهميتها. لا ندعي أن مواجهة دولة مثل أمريكا أمرا سهلا على الإطلاق، بل العكس تماما، ولكن نحن مستعدون لهذا التحدي النابع من حبنا لأوطاننا وحفاظاً على حريتنا واستقلالنا وسيادتنا.
وختمت الربيع بأنه "هناك العديد من المنتجات السورية منها (زيت الزيتون، التمور والفواكه والخضروات، والأقمشة القطنية السورية) والتي ذات جودة عالية ويتم تصديرها إلى الدول المجاورة والعديد من الدول الأخرى، وكما ذكرت سابقاً، أنه من أحد أهدافنا هو السعي وراء تحسين جودة المنتج المحلي، ودورنا يأتي بالتواصل مع المصانع المنتجة والتباحث معهم من أجل تحقيق هذا الهدف، كما أن دعمنا للمنتجات الوطنية ونشر الثقة يجعل يشجع على تصنيع منتجات ذات جودة عالية. حتى المنتجات الأمريكية خضعت لتطوير عبر الزمن، فمثلا، هل هاتف آيفون اليوم يُشبه هاتف الآيفون الذي صُنِّع منذ عشر سنوات؟ طبعا لا، فإن النظرة السلبية للمنتج المحلي تهدم عزيمة أصحاب المصانع وطموحاتهم في التحسين من الجودة، لذلك يجب علينا تشجيعهم ومساعدتهم بكل السبل المتاحة، بالمقابل، هل جميع شرائح المجتمع قادرة على شراء المنتج الأمريكي؟ الحل هو دعم منتجاتنا المحلية وبذلك ندعم اقتصادنا وليرتنا السورية ونرفع من خلال ذلك مستوى الاقتصاد الوطني".