يدور الحديث في سوريا حول التضخم الحاصل في الأسعار،وانخفاض قيمة الأوراق النقدية السورية لدرجة بات الناس يحملون حقائب أو أكياس لحمل الأموال عند شراء الحاجيات والمستلزمات الحياتية.
إزاء ذلك تداول مؤخرا حديثا عن احتمالية قيام الحكومة السورية بحذف أصفار من قيمة أي ورقة نقدية يتعامل بها السوريين اليوم، أي بدلا من (5000 ليرة سورية) يختصر من الرقم صفرين ويعتبره (50 ليرة)، في سبيل مواجهة مستويات التضخم العالية.
الباحثة الاقتصادية رشا سيروب، قالت لصحيفة "الوطن" المحلية إن عشرات الدول لجأت إلى إزالة الأصفار من عملتها للحد من الضغوط التضخمية، لكن ما لبثت أن عادت مشكلة الأصفار بسرعة، فاضطرت لحذف أصفار جديدة.
وشددت على أنّ القيام بهذا الإجراء من دون تحقيق عوامل عديدة أهمها الاستقرار السياسي والقانوني والقضائي، والالتزام بالقانون الدولي والتوافق مع التغيرات الدولية؛ لن يكون غير فعال فحسب، بل سيكون فاشل.
وفي ضوء مشكلة الزيادات غير المنضبطة في الأسعار في سوريا، ذكرت سيروب أن حذف الأصفار من العملة ليس سياسة اقتصادية بل إجراء تقني يؤدي إلى تخفيض القيمة الاسمية للعملة المحلية دون تأثير في قيمتها الحقيقية، وذلك من خلال التخلي عن عملة قديمة وظهور عملة جديدة، وفقاً لتصريحاتها لصحيفة "الوطن".
ولفتت سيروب إلى أنّ إجراء حذف الأصفار لا يمكن تطبيقه حالياً بسبب ارتفاع الأسعار المستمر، وعدم استقرار في سعر صرف الليرة السورية، إضافة إلى الإفراط في المعروض النقدي الناجم عن سياسة التمويل بالعجز، فضلاً عن غياب وضعف الثقة في أي قرار حكومي. وأكدت أنّ هكذا قرار سيكون مجازفة خطيرة للاقتصاد، قد تؤدي إلى انهياره.
واعتبرت أن هذا الإجراء -في حد ذاته- تهديد، بسبب ضعف الثقة بالحكومة وبإجراءاتها وقراراتها، وتطبيقه قد يؤدي إلى انتشار حالة من الذعر لدى المواطنين، تدفعهم إلى التخلي عن الليرة السورية بطريقة لا يمكن السيطرة عليها من خلال التوجه إلى الملاذات الآمنة (الذهب، والعملات الأجنبية، والعقارات)، ما يؤدي إلى سحب الأموال من النظام المصرفي وتجفيف مصادر السيولة في الاقتصاد ما يفاقم الوضع الاقتصادي ليصبح أكثر سوءاً.
وضمن هذا السياق، يرى الباحث الاقتصادي علي محمد، في حديثه لصحيفة "الوطن" بإن حذف الأصفار من العملة عملية فنية وليست اقتصادية، ولا تتعدى مزاياها إلا في المساهمة بالتخفيف من حمل كميات كبيرة من العملة، وتوفير نفقات طباعة عملات من فئات أعلى.
وأضاف أن هذه العملية إن لم تكن مصحوبة بخطط وإصلاحات اقتصادية متينة سواء على صعيد السياسة النقدية أم المالية وكذلك الاستراتيجية الخاصة بالاستثمار، فإن النتيجة ستكون مراوحة في المكان، لا بل قد يكون هناك ارتفاع أسعار وخلق مشكلات جديدة في آليات تحديد الأسعار في السوق.
الجدير بالذكر أن التضخم الاقتصادي انعكس على الأسعار التي تشهد ارتفاعاً مستمراً في الأسواق المحلية، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين بالإضافة إلى ارتفاع سعر المازوت والخبز لأكثر من الضعف مما زاد الأمر سوءاً .
ً