شهدت الأسواق خلال الفترة الأخيرة حالة غير مسبوقة من الركود وانخفاض مستويات الأجور مقارنة بمتطلبات المعيشة وارتفاع الأسعار، وهذا ما يدفع السوريين إلى البحث عن فرص عمل تتناسب مع الواقع المعيشي في سوريا بحيث يوفر لهم ولأسرهم الاحتياجات الأساسية، لكن فرص العمل الجيدة في سوريا باتت شبه مستحيلة، في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية.
فيما أظهرت بيانات مركز الإحصاء المركزي، انخفاض نسبة البطالة في بيانات قوة العمل الصادرة عن المكتب، من 31.2 في المئة عام 2019، إلى 20.9 في المئة عام 2020، على الرغم من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع التضخم، إضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
الباحثة الاقتصادية، رشا سيروب، تساءلت في تصريحات نقلتها صحيفة "الوطن المحلية، اليوم الثلاثاء، عن كيفية انخفاض معدلات البطالة، رغم وجود كل مقومات التدهور الاقتصادي خلال 2020، مثل الحظر الكلي والجزئي، كذلك دخول قانون قيصر للعقوبات الأميركية مجال التنفيذ.
وكلاهما بحسب سيروب يشكّلان حالة من عدم اليقين التي تقوّض أي نشاط استثماري محتمل، أي لا يمكن القول إنه نفذت استثمارات جديدة قادرة على امتصاص هذا المقدار الكبير من فائض البطالة.
أكدت سيروب أن هذا الانخفاض في معدل البطالة وهمي، ولو كان حقيقياً لكنا لحظنا أثر ذلك في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، بل على العكس، فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي بالقيم الحقيقية بما يقارب 4 في المئة مقارنة مع العام السابق.
وأضافت سيروب: "من ناحية أخرى، حاولنا تبرير هذا الانخفاض الكبير في معدل البطالة نتيجة انخفاض قوة العمل التي قد تنتج عن الهجرة أو العزوف عن البحث عن فرص عمل بطالة اختيارية، لكن البيانات أظهرت أن قوة العمل ازدادت بـ330 ألف شخص، والمفارقة الأكبر أن قوة العمل لدى الذكور ازدادت بـ 740 ألف شخص".
تلك الأرقام الصادرة عن مركز الإحصاء ليست الأولى من نوعها التي تثير الجدل، فقبل أيام أظهرت بيانات المكتب، تبايناً كبيراً في عدد السكان، الذي وفق بياناته بلغ عام 2017، 26.3 مليون شخص، وخلال عام 2018، بلغ عدد السكان 16 مليوناً، أي بانخفاض أكثر من 10 ملايين عن عام 2017، وفي عام 2019 بلغ عدد السكان 16.3 مليوناً، وفي عام 2020 بلغ عدد السكان 28.840 مليون شخص.
وتقف مشكلة البطالة كإحدى أكبر المشكلات التي يعاني منها السوريون وخاصة في السنوات الأخيرة، وفي آب عام 2021، كشف الباحث الاقتصادي شامل بدران، عن تراجع معدل النمو في سوريا إلى معدلات قياسية، مع ارتفاع معدل التضخم في الاقتصاد إلى نحو 878 في المئة، ووصل معدل البطالة إلى 31.4 في المئة.
ونهاية أيار الماضي، كشف مدير "مكتب الإحصاء المركزي" السابق، شفيق عربش، أن معدل الفقر في سوريا بلغ 90 في المئة بين عامي 2020 و2021.
وقد انعكس التضخم الاقتصادي على الأسعار التي تشهد ارتفاعاً مستمراً في الأسواق، بسبب ضعف القدرة الشرائية، وزاد الأمر سوءاً مع ارتفاع سعر المازوت والخبز لأكثر من الضعف، مع تدني الرواتب في القطاعين العام والخاص، ما خلق صورة قاتمة لمستقبل السوريين.