خاص B2B-SY | رؤى إسماعيل
سلامة المواطن ليست ترفاً، كما أن التحاليل والفحوصات المنتظمة ليست حكراً لمصابي الامراض المزمنة والمستعصية، إلا أنها وبلا شك تشكل عبئاً مادياً غير مقدور عليه نسبة لأرتفاع أسعارها الذي نتج عن النقص الحاد بالكواشف المخبرية (مواد كيميائية تُستخدم في التحاليل المخبرية)، وعدم قدرة المختبرات على تحمل عبء الفروقات مع المستودرين لتجد ضمان استمراريتها، في جيب المواطن.
وفي ظل غلاء المستلزمات والأدوات المخبرية تجد أغلب المختبرات أن أسعار التحاليل كما هي اليوم خسارة لها، في حين يجد المواطن نفسه عاجزاً وغير قادر على دفع الكلفة، فسيكون عليه في ظل التسعير العشوائي أن يتنقل من مختبر إلى آخر على مبدأ (كل مخبر يسعّر على ليلاه).
سعر وحدة التحليل المخبرية ارتفع من ألف ليرة منذ نحو العام إلى 1300 ليرة حالياً، ما أدى إلى رفع سعر التحليل المخبري الذي يتكون من عدة وحدات مخبرية.
ارتفع تحليل سكر الدم على سبيل المثال والذي يتكون من وحدتين مخبريتين من سعر 2000 ليرة إلى 2600 ليرة، ووصل سعر تحليل الشحوم الثلاثية إلى 6500 ليرة، أما فحص الكوليستيرول ارتفع سعره إلى 4000 ليرة، وبلغ سعر تحليل تعداد عام صيغة 9000 ليرة.
كما ارتفع سعر فيتامين /B12/ إلى 31200 ليرة، أما تحليل فيتامين /D3 / بلغ نحو 41600 ليرة فيما وصل سعر تحليل سرعة تثفل إلى 2600 ليرة، وارتفع تحليل الغدة إلى 20800 ليرة.
أخصائي في التحليل المخبري أوضح لـ "بزنس 2بزنس" عن وجود قرار من السيد وزير الصحة بتجميد أو حل هيئة المخابر، الأمر الذي اعتبره الأخصائي أنه خلق حالة من الارتباك والفوضى بعمل مخابر التحاليل الطبية.
وأشار المصدر (فضل عدم ذكر أسمه) أن الهيئة كانت صلة الوصل بين المخابر وشركات القطاع العام التي تعمل بآلية الصندوق المشترك إلا أنه تم حلها من قبل الوزارة دون طرح البديل.
وكشف أن آلية استرجاع نسبة الاقتطاع من قبل شركات التأمين لنسبة من قيمة تكلفة التحاليل "غير واضحة ومُبهمة"، مُبيناً أن المخابر هي الحلقة الأضعف بين شركات التأمين ومؤسسات الدولة والمواطن طالب الخدمة المخبرية.
وضمن هذه المعطيات، أصبحت المخابر تحت سلطة تجار المواد المخبرية الذين سعروا موادهم بالدولار وزادوا تكاليف النقل وأجور الشحن دون رقيب أو حسيب وفقاً للمصدر، فيما المخابر لا تزال ملتزمة بسعر الهيئة حتى العام السابق، حيث وصل سعر الوحدة حينها الى 1000 ليرة، فيما وصلت هذا العام الى 1300ليرة سورية.
ولفت الإخصائي في التحليل المخبري إلى أن بعض الشركات كانت تسعر يومياً حسب سعر السوق السوداء صعوداً دون نزول، مبررين أن انخفاض سعر صرف الدولار "غير حقيقي".
وأوضح المصدر خلال حديثه لـ "بزنس 2 بزنس" أن أسعار الكواشف وورق الطباعة والحبر والسيرنكات والكهرباء والكمامات والكحول والقطن بالإضافة إلى المواد الاستهلاكية وأجور العمال جميعها أرتفعت أضعاف مضاعفة وبتسارع رهيب.
وأشار أن الارتفاع أسعار التحاليل المخبرية الذي نتج عن ارتفاع كل ما سبق هو حتما غير كاف كأجر تجاري أو حتى كأجر طبي، موضحاً أنه "عندما كان تحليل السكر بـ 80 ل.س كانت علبة كاشف السكر بألف ليرة سورية، وإذا ما حسبنا نسبة ارتفاع سعر علبة كاشف السكر يجب أن يكون تحليل سكر الدم 8000 ل.س هذا بالمنطق التجاري".
وأوضح المصدر أن التأمين حالياً يغطي نسبة كبيرة من تكلفة التحاليل ولكن الموافقة على بعض التحاليل الهرمونية والواسمات تحتاج لتقارير اضافية تُطلب من صاحب الخدمة، مشيراً إلى أن تأخر بعض شركات التأمين بالدفع للمختبر أدى إلى امتناع بعض المخابر عن تقديم الخدمة الطبية للمريض.
ولفت المصدر إلى أن بعض التحاليل التي لها علاقة بالانجاب والعقم وعمليات التجميل غير مشمولة بالتأمين.
وأكد الأخصائي المخبري أن الصعوبات التي تعترض عمل المخابر كثيرة حيث أدت الى إغلاق بعض المخابر والسفر وتقليص عدد العاملين نتيجة اتجاه قسم من المرضى نحو مشافي ومراكز الدولة الصحية التي تقدم خدماتها رغم تشكيك من قبل الأطباء بنتائجها أحياناً.
وأما عن "السمسرة الطبية"، قال المصدر في حديثه لـ"بزنس 2 بزنس"، إن "هذا موضوع مخجل، وهي ظاهرة موجودة، الطب مهنة إنسانية خالصة لا يختلف اثنان على ذلك، لكنها اليوم تسير حثيثًا في طريق اللاإنسانية، وباتت تساهم بزيادة أعباء الناس واستنزاف أموالهم وإمكانياتهم، نتيجة للتعاقدات والاتفاقيات عن طريق تلقي بعض الأطباء ومقدمي الخدمة الطبية على نسبة (عمولة) مقابل إرسال المرضى لهم ويزداد الأمر بشاعة حين يكتب له أشعة وتحاليل لا يحتاج إليها في الحقيقة لمجرد أن يحصل على نسبته منها .."
وفي ختام حديثه، طالب الأخصائي المخبري إلغاء صفة مدير المخبر والعمل على ألا يكون هناك مخبر بدون طبيب مخبري موجود على رأس عمله ومعاقبة من يقوم بتأجير شهادته من الاطباء، بالإضافة إلى ضبط تجار الكواشف المخبرية حتى يتم ضبط أسعار التحاليل والفحوص.