خاص B2B-SY
خلال الأشهر الأخيرة، زادت المصارف في سوريا مبالغ القروض مؤكدة جدوى هذه القروض ومدى تأثيرها على الحياة الاقتصادية بأنها لن تزيد من التضخم الحاصل في البلاد لأنها ستذهب في معظمها إلى الترميم، إلا أن النتائج جاءت مخالفة فمن حيث الواقع فإن هذه القروض ووفق شروط الحصول عليها باتت خارج قدرة الكثير من السوريين.
صحيفة "الوطن" المحلية، أوضحت في تقرير لها أن القروض المصرفية التي لطالما كانت تشكل طوق النجاة للكثير من السوريين، خاصة من يريدون اقتناء منزل أو البدء بمشروع يتناسب مع وضعهم الوظيفي المرتبط بسقف الراتب، تحولت إلى حلم مستحيل لا يكفيه أعلى سقف من القروض.
ولفت التقرير، إلى اختلاف آراء السوريين حول مبالغ القروض ونسب الفوائد رغم إجماع معظمهم على أن القروض بأنواعها لم تعد مسعفة، لافتا إلى أن بعض السوريين استفادوا من بعض القروض الاستثمارية ولكن عمدوا إلى تخفيض سنوات السداد لتعويض حجم الخسائر من الفوائد، بينما حصل البعض على قروض لا تتجاوز 10 ملايين ليرة، بالتشارك مع آخرين بسبب وضع راتب المتقدم للقرض، بينما لم يتمكن آخرون من الحصول على قروض نتيجة عدم كفاية رواتبهم.
بدوره، أكد معاون مدير المصرف العقاري، أكرم درويش، أن القروض الممنوحة من المصارف تُقدم حسب إمكانية المصرف ووفق شروط تناسب صاحب الدخل بزيادة عدد الكفلاء وحدود سقف السحب، مبيّنا أن سقف القرض كحد أعلى هو 100 مليون ليرة، وفق اختلاف مدة السداد، فعلى سبيل المثال وكحد أعلى للتقسيط حيث تصل المدة إلى 15 سنة، يتم احتساب الفائدة بـ15.5 بالمئة، من القرض السكني و18 بالمئة، من القرض الاستثماري.
حول إمكانية تخفيض نسب فوائد القروض السكنية على حساب القروض الاستثمارية بناء على اختلاف استخداماتها وموارد سدادها، بيّن درويش لـ الوطن"، أن فائدة القرض السكني أقل من فائدة الاستثماري، فالبنك المركزي رفع الفوائد على الإيداعات التي ندفعها للزبون المودّع في البنك.
وعليه بالمقابل سيتم رفع القروض وإلا سيتسبب ذلك بخسارة للبنك، بالتالي كان الفرق ما بين النسبة التي تم رفعها للسكني يتراوح بين 15 و15.5 بالمئة، أما الاستثماري بين 17 و18 بالمئة، والفوائد 11 بالمئة، للإيداعات كحد أدنى، ولا يمكن للبنك تحمل عبء أكثر، لأن تكلفة الفائدة حاليا محسوبة لدى البنك 4 و5 بالمئة، وعلى هذه الحسبة يجب أن يأخذ البنك 17 و18 بالمئة، ورغم هذا، البنك قِبل بالـ 15 بالمئة، للسكني بالحد الأدنى المقبول.بحسب درويش.
أما حول المطالبة برفع سقوف القروض العقارية كالإكساء والترميم والشراء وغير ذلك، أكد درويش، أن إدارة المصرف رفعت طلبا للمركزي طالبت فيه برفع سقوف قرض العقاري إلى 100 مليون إضافة لطلبات برفع سقوف باقي القروض خاصة قروض (السيريا كارد)، لتوازي بشكل مقبول الأسعار وتكون ذات نفع لطالب القرض، رافضا التصريح بسقف الرفع حتى يأتي الرد من المركزي.
وأوضح درويش، حول آلية التقدم للقرض وطلبها، أن القروض إلى حد 15 مليونا، يتم التعامل معها داخل الفروع العقارية من دون الرجوع للإدارة لتقليص مدة استلام القرض بالنسبة لطالبه، وهو عامل مساعد قدر الإمكان، وهناك حاليا طلب لرفع هذا السقف إلى حد 25 مليون.
وبالنسبة لرغبة طالبي القروض، خاصة الاستثماري منها، بإلغاء شرط الكفيل الموظف والاكتفاء بالسجل التجاري، شدد درويش، على أنه شرط يكفل للبنك موضوع السداد، خاصة بعد التعثرات التي حصلت سابقا من تجار وصناعيين، إما تقاعسوا عن الدفع أو هربوا خارج القطر مثلا، وعليه من حق البنك الحصول على ضمان حتى لو كان بسيطا إضافة للسجل التجاري والرهن لضمان حقوق البنك، فكان هذا الشرط وسيلة ضغط وضمان للمصرف.
وحول المطالبات برفع قروض الجمعيات السكنية، من 100 مليون، إلى ما بين 500 مليون، ومليار ليرة لقدرة هذه الجمعيات على تحريك السوق العقارية واليد العاملة والبنوك، قال درويش، إن المصرف ملتزم بالقرارات الصادرة عن البنك المركزي والسقوف المحددة من قبله، وهذا القرض يمنح للجمعية بشخصيتها الاعتبارية، وبالتالي سقف القرض الممنوح لهذه الجمعية يخضع لشروط سقوف القروض الممنوحة التي هي 100 مليون ليرة.
من جهته، أوضح مدير البحوث والاستشارات لدى المعهد الوطني للإدارة العامة، أيهم أسد، أن هناك أثرا سلبيا لقروض المصارف، وهو "أنها قروض غير منتجة للثروة والدخل إنما منتجة لأصول قابلة للتداول فقط".
وحول إمكانية توفر هذه القروض لذوي الدخل المحدود، كشف أسد، أن القروض العقارية الحالية، هي خارج قدرة ذوي الدخل المحدود وخارج قدرة موظفي القطاع العام تحديدا لأربعة أسباب هي، مستوى الدخل المتدني للموظفين وذوي الدخل المحدود الذي لا يكاد يغطي نفقات المعيشة الأساسية، وارتفاع قيمة القرض وقيمة الفوائد عليه التي لا يستطيع أصحاب الدخل المحدود تحمل قيمة أقساطها وفوائدها.
بالإضافة إلى عدم توفر الضمانات العقارية لدى الكثير من المواطنين الراغبين بالحصول على القرض، ما يحرمهم من فرصة الحصول على قرض في حال قدرتهم على ذلك، وأخيرا عدم كفاية مبلغ القرض إلا لتغطية جزء صغير جدا من تكلفة العقار الشخصي بسبب التضخم الكبير في أسعار العقارات التي تصل قيمتها إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف سقف القرض.بحسب أسد
ووفقاً للبيانات المالية الصادرة عن المصرف العقاري السوري، في النصف الأول من العام الجاري، فإنه منح قروضا بإجمالي 15.9 مليار ليرة، منها 9.6 مليار ليرة قروض ترميمية، فيما لم تتجاوز قروض شراء الوحدات السكنية الجاهزة 1.8 مليار ليرة. وفي حين أن قروض الإكساء تجاوزت 1.7 مليار ليرة، وقروض الجمعيات التعاونية لم تتجاوز 100 مليون ليرة، فإن قرض المنزل غير المكتمل وصل إلى ما يقرب من مليار ليرة.
في وقت سابق من الشهر الماضي قال مدير عام المصرف العقاري السوري، مدين علي، "إن سيولة المصرف تتجاوز الـ 290 مليار ليرة، وإن المصرف في طريقه لمضاعفة سقف أغلبية القروض التي يمنحها بعد إعداد مذكرة تتضمن مقترحات لرفع سقف القروض الممنوحة من القطاع العقاري، بما فيها قرض الإسكان".
وأضاف علي، "وكما هو الحال في قروض التأهيل والترميم والإكساء وغيرها، فإن السقف المالي الجديد هو 100 مليون ليرة، بدلا من السقف الحالي وهو 50 مليون ليرة".
وأشار علي، إلى أن رفع سقف القروض جاء مبنيا على تقييم العقارات لسقوف القروض الحالية، وقدرتها على الاستفادة من التمويل الذي يحصل عليه الناس أو المنظمات من القطاع العقاري، خصوصا في ظل حالة التضخم التي سادت خلال الفترة الماضية.