خاص B2B-SY | رؤى علي إسماعيل
يبدو أن حق الاحتفال بليلة عيد الميلاد ورأس السنة، ليس إلّا ترفاً حُرّم على السوريين هذا العام، فبين الحفلات وسهرات المنازل سمة مشتركة قوامها الغلاء الذي يحول دون توديع سنة لاستقبال أخرى، فيما يقع المواطن مجدّداً ضحيّة التردي المستمر للأوضاع المعيشية، فلا السهر سهر ولا العيد عيد في أيّامنا هذه.
ومهما كانت الحالة الاقتصادية للمواطن السوري جل ما يريده اختتام سنة بلحظات مميزة -كل بحسب مقدرته- على أمل استقبال السنة الجديدة بالبحبوحة والاستقرار ولا شكّ في أن سهرة رأس السنة وسط الكوارث كلّها، تشكّل متنفساً وتفاؤلاً باستقبال عامٍ جديد، عسى أن يكون أفضل من سابقه.
وبحسب ما رصده موقع "بزنس 2بزنس" فإن الأوضاع الاقتصادية المازومة عكست حركة خافتة مقارنة بالسنة الماضية من حيث تنظيم حفلات رأس السنة والميلاد، والأسعار تتفاوت بين ما هو "مقبول" نسبة لسهرة موسيقية وعشاء وأجواء، وما هو بحاجة إلى أكبر "قرض" مصرفي إلاّ لأصحاب الأموال ومحبّي الفخفخة والسهرات الباهظة الضخمة.
ومن خلال استطلاع أجريناه على بعض أبرز الفنادق والمطاعم في دمشق، للتعرف على أسعار حفلات عيد الميلاد ورأس السنة، كانت حفلات فندق "الداما روز" هي الأغلى بحضور لافت ووجود الفنانين اللبنانيين لإحياء تلك الحفلات.
حيث يحيي كل من الفنان زياد برجي والفنانة سيرين عبد النور حفلة فندق "الداما روز" بتاريخ 23 ديسمبر القادم بسعر 650 ألف (VIP)، و550 ألف درجة أولى و450 ألف درجة ثانية، بينما يحيي معين شريف ليلة 24 ديسمبر بسعر 600 ألف ليرة للشخص الواحد (vip) وبين 400 إلى 500 ألف ليرة للحجز العادي.
وتبلغ تكلفة الشخص الواحد في حفلة الفنان عاصي الحلاني في الفندق نفسه 750 ألف ليرة (VIP) و550 ألف درجة أولى 350 ألف درجة ثانية، ويبلغ سعر حجز حفل جوزيف عطية يوم 22 ديسمبر 625 ألف ليرة (VIP) و525 ألف ليرة درجة أولى و450 ألف درجة ثانية.
وبسعر قريب أعلن مطعم قصر النرجس بدمشق القديمة عن حفل عيد الميلاد، حيث حدد سعر حجز الشخص الواحد لحفل الفنانة الشعبية سارة الزكريا ليلة 23 ديسمبر بـ 450 الف ليرة (VIP) و 350 الف ليرة درجة أولى و175 درجة ثانية، ويبلغ سعر حجز حفل الفنان زكريا رضوان ليلة 24 ديسمبر 150 الف ليرة.
وفي المطعم نفسه، يحيي ليلة رأس السنة كل من الفنانين خلدون حناوي وثائر سلطان بسعر 350 ألف ليرة، كما سيودع الفنان عماد رمال ليلة رأس السنة في فندق شيرتون دمشق، وتتراوح أسعار البطاقات بين 300 إلى 350 ليرة للشخص الواحد. أما حفلة فرقة شلبية في مطعم الحلبي ضمن فندق الفورسيزن بلغ سعر البطاقة 350 ألف ليرة.
أما مطعم وراق الزمن في باب توما فحدد سعر الحجز للشخص الواحد في حفلة رأس السنة بـ150 آلاف ليرة، ومثله كان الحجز في فندق الفردوس في ساحة المحافظة.
وأفاد مصدر فضّل عدم الكشف عن اسمه لـ"بزنس2بزنس" أن "معظم حجوزات حفلات الفنانين اللبنانين "مفولة"، ويرى المصدر أن "تحدّي إقامة حفلة رأس السنة والميلاد في ظلّ الأوضاع الراهنة هو تحدٍّ كبير وأشبه بمعركة وجود".
وبحسب أحد منظمي حفل فندق الشيرتون فإن "الإقبال جيّد هذا العام نسبةً لأوضاع البلد، غير أنّه لا يمكننا تحديد العدد النهائي إذ ما زلنا نتلقّى الحجوزات حتّى الساعة".
صبا ابراهيم، شابة سورية، قالت في حديث لـ"بزنس 2بزنس"، إنها حجزت لحضور إحدى حفلات رأس السنة، مؤكدة أنها "مناسبة للترفيه في ظل الاكتئاب الذي نعانيه وأضافت ضاحكة "إذا الشعب أراد أن يعيش، فلا بد أن يرفّه عن نفسه و إلا فسيموت من القهر".
في المقابل، اتخذت الشابة علا قرارها بعدم السهر ليلة رأس السنة، مشيرة في حديث لـ"بزنس2بزنس"، إلى أنها ستكتفي بجلسة حميمية مع بعض الأصدقاء وأفراد العائلة في البيت.
وأضافت علا: "أفضل السهر في البيت، حيث نشترك في تحضير العشاء، دون أن اضطر لأن أدفع كل ما ورثته عن والدي مقابل احتفال في ليلة واحدة، قد أعود منها مريضة ومفلسة".
ويعكس موقف جولي تراجعاً ملموساً في حماسة عدد كبير من السوريين بشأن احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة، إذ يخطط كثيرون للاكتفاء باحتفال بسيط في البيت، تزامناً مع الأزمة التي تشهدها البلاد.
فيما يفضل جورج حداد السهر مع العائلة، إذ يقول"، إن أجواء رأس السنة في دمشق تتسم عادة بالخطورة خاصة مع كثرة حوادث السير بسبب الإسراف في شرب الكحول، مضيفًا إنه يفضل السهر في جو عائلي حميمي، وأن يصرف المال على أمور يحتاجها بدل أن يضعها على حفلة لن تستمر إلا لساعات قليلة ويكون "الطعام والخدمة فيها سيئة".
في المقابل، يرى أبو سامر أن أسعار الحفلات في دمشق تكشف عن انزياح كارثي في طبقات المحتمع وسط التباين الاجتماعي والاقتصادي بين سكان العاصمة، مبيناً أن الشخص القادر أن يدفع تلك المبالغ لحضور سهرة لبضع ساعات دون شك أن مصروفه يتراوح بين 3 إلى 6 ملايين ليرة سورية شهرياً أقل تقدير، وهذه أرقام لا يمكلها أكثر من 90% من الأهالي في دمشق.
وأوضح أبو سامر لـ" بزنس 2بزنس": أن المشكلة فيما وصل بنا الحال.. فالمجتمع منقسم بين الثراء الفاحش والفقر الدقع وسط غياب شبه تام للطبقة الوسطى، مع وجود طبقة جديدة من الشخصيات الفاسدة وكثرة المنتفعين المرتشين الذين يملؤون طاولات تلك المطاعم والفنادق – دون تعميم – في ليالي الميلاد ورأس السنة وحتى على مدار العام.