بعد سنوات من بناء النجاحات الصناعية في الخارج، بدأت رحلة العودة. أنس جراصيني، مدير التسويق في شركة الشهبندر، يؤكد أن "الاستثمار في سوريا لم يعد فكرة مؤجلة، بل ضرورة وطنية وفرصة واقعية". فبعد أن صنعت شركته اسمًا قويًا في سوق الشوكولا المصرية، تستعد الآن للانطلاق في دمشق، واضعةً خبرة السنوات في خدمة الاقتصاد السوري.
وأوضح جباصيني في تصريح خاص لموقع بزنس 2بزنس أن مصنع "شوكلا ماكس تيلا"، الذي انطلق من مصر عام 2014، جاء بهدف تصنيع شوكولا سائلة بجودة عالية وسعر منافس للسوق المصري، وتمكّن من تحقيق نجاح ملحوظ خاصة بعد تعويم الجنيه المصري، حيث بدأ المستهلكون بالتحوّل من المنتجات المستوردة إلى المحلية.
وتابع جباصيني"المنتج كان بإدارة سورية، ما منحه قيمة مضاعفة وقبولاً واسعاً، واليوم نحن من الرواد في هذا المجال داخل السوق المصري وفي معارض "فود أفريكا" في القاهرة و"غلفود" وISM في دبي."
وفيما يتعلّق بتجربة مصر في دعم المصدرين، قال جراصيني: "المجلس التصديري للصناعات في مصر يمثّل نموذجاً ناجحاً في دعم التصدير، عبر تنظيم المشاركة في المعارض بأسعار مخفضة وتوفير تشبيك فعّال مع السفارات والملحقيات التجارية، ما يفتح أبوابًا واسعة نحو الأسواق الخارجية."
وأضاف: "أتمنى على وزارة الاقتصاد السورية دراسة هذه النماذج وتحفيز التصدير من خلال تقديم الحوافز والإعفاءات، كما هو معمول به في تركيا حيث يُمنح المصدرون 2 إلى 3% من قيمة صادراتهم."
وعن التوجه للاستثمار داخل سوريا، أوضح جراصيني أن شركته بدأت فعلياً بدراسة البيئة الاستثمارية المحلية، وتم منحها وكالة مبدئية تمهيدًا لإطلاق أعمالها رسمياً.
وقال جباصيني"نحن الآن ندرس البنية التحتية والأسواق والمناطق الصناعية، ونولي اهتماماً خاصاً بالإجراءات المرتبطة بالتصدير مثل شهادات المنشأ والشهادات الصحية، والتي نأمل أن يتم تطوير آلياتها لتتناسب مع متطلبات الأسواق الدولية."
ودعا جباصيني الجاليات السورية في الخارج إلى التحرك نحو تأسيس مجالس رجال أعمال وصناعيين تعمل على تعريفهم بالقوانين وتقدم تسهيلات مثل منح الأراضي الصناعية بالتقسيط أو الإعفاءات الضريبية، ما يشجّعهم على نقل جزء من أعمالهم إلى الداخل.
وقال جباصيني : "إذا كانت الشركات الأجنبية ترى في سوريا بيئة خصبة للاستثمار بسبب انخفاض الأجور وتوفر اليد العاملة، فمن الأولى أن نكون نحن، السوريين، السبّاقين لاغتنام هذه الفرصة."
وأكد أن سوريا غنية بالموارد الطبيعية التي يمكن أن تُصنّع وتُصدّر بشكل يُسهم في القضاء على الفقر ودفع عجلة الاقتصاد، مشيراً إلى أن منتجات مثل الفستق الحلبي، قمر الدين، والحلويات التقليدية تمتلك قيمة سوقية عالمية، شرط تسويقها وتصنيعها بالشكل المناسب.
وتابع "نملك في سوريا جميع المكوّنات والسمعة، وحان الوقت لتوظيفهما كما تفعل دول أخرى مثل تركيا، التي بنت اقتصاداً على البندق بينما نملك نحن الفستق الحلبي والتين المجفف واللوز وقمر الدين ولا نستفيد منهم كما يجب."
وأضاف: "لن تنتظر سوريا المعجزات من الخارج. مواردنا كفيلة بصناعة اقتصاد حقيقي إذا استثمرنا بها كما يجب. من الفستق الحلبي إلى قمر الدين، ومن اليد العاملة إلى الأسواق القريبة... كل شيء متاح، والفرصة أمامنا لنبدأ من جديد، بأيدينا، ولبلدنا".