أكدت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي تُقدّر أصوله بنحو تريليون دولار، سيواصل ضخ استثماراته في مجموعة واسعة من القطاعات الاستراتيجية، تشمل الدفاع، وصناعة السيارات، والصناعات التحويلية، والسياحة، والترفيه، والمعادن والتعدين، والطاقة المتجددة، والمياه، والتكنولوجيا، والاتصالات، والإعلام، والعقارات، والخدمات اللوجستية.
وبحسب التقرير، فإن تمويل هذه الاستثمارات سيعتمد على مزيج من التدفقات النقدية الداخلية، وإصدارات الدين، إلى جانب بيع الأصول التي بلغت آجال استحقاقها. وفي خطوة لافتة، أصدر الصندوق أمس الثلاثاء أول سندات خضراء مقوّمة باليورو عبر شركة "Gaci First Investment"، بقيمة بلغت 1.65 مليار يورو (ما يعادل 1.9 مليار دولار)، موزعة على شريحتين.
ووفقاً لبلومبيرغ فرغم الدور المحوري الذي يلعبه الصندوق في تنفيذ المشاريع الكبرى، شددت "موديز" على أن مساهمة القطاع الخاص تبقى أساسية لاستكمال هذه المشاريع، خاصة في ظل تنامي نشاط الشركات المحلية والدولية، بدعم من الإصلاحات التنظيمية وتحديث البنية التحتية وارتفاع الطلب الاستهلاكي.
وأشار التقرير إلى أن استثمارات القطاع الخاص، بما في ذلك شركات محفظة الصندوق، بدأت تكتسب زخماً متزايداً، مدفوعة بالشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ومع ذلك، فإن حجم وتعقيد هذه الاستثمارات، لا سيما في مشاريع طويلة الأجل مثل مدينة نيوم، ينطوي على مخاطر تشغيلية وتمويلية، يتوقع أن تتم معالجتها عبر تنفيذ مرحلي، وضبط الاستراتيجية، وتعزيز إدارة المخاطر.
6 قطاعات غير نفطية تستعد للتوسع:
وتوقعت "موديز" استمرار الزخم الاقتصادي غير النفطي في السعودية، مع استعداد قطاعات الضيافة، وتجارة التجزئة، والسياحة، والتصنيع، والتعدين، والعقارات لجني مكاسب إضافية، مدفوعة بارتفاع الاستهلاك المحلي، والاستثمارات الاستراتيجية، والإصلاحات التنظيمية، ومشاركة القطاع الخاص، في ظل تسارع تنفيذ مشاريع رؤية 2030.
هذا النمو دفع وزارة المالية السعودية إلى رفع تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للعام المقبل إلى 4.6% بدلاً من 3.5%، ما يعكس الثقة المتزايدة في أداء الاقتصاد غير النفطي.
السياحة والعقارات في صدارة المستفيدين:
توقعت "موديز" أن تستفيد قطاعات السياحة والبنية التحتية من استضافة المملكة لفعاليات عالمية كبرى مثل معرض إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، عبر تعزيز تدفقات رأس المال الأجنبي وزيادة الطلب على الفنادق والمرافق الترفيهية.
كما ساهمت مشاركة المرأة في سوق العمل وارتفاع الدخل الأسري في إعادة تشكيل أنماط الاستهلاك، ما عزز الطلب على قطاعات التسلية والتجزئة والترفيه، ورفع من نشاط مراكز التسوق والفنادق والمرافق الثقافية.
وتقود مشاريع الصندوق مثل مدينة القدية الترفيهية، ومنتجع البحر الأحمر، وبوابة الدرعية، نمو أصول الضيافة والثقافة والترفيه، مع توقعات بزيادة الطلب على الأصول الموجهة للمستهلك، ما يعزز جودة الشركات الائتمانية من خلال نمو الأرباح والنطاق التشغيلي.
العقارات التجارية تجذب الشركات العالمية:
يشهد قطاع العقارات التجارية طلباً متزايداً، مدفوعاً بنقل المقرات الإقليمية للشركات إلى الرياض، خاصة في مركز الملك عبدالله المالي (كافد)، الذي بات يمثل نقطة جذب رئيسية لقطاع الخدمات المالية والأعمال.
التعدين والتصنيع يقودان التنويع الاقتصادي:
يرى التقرير أن قطاع التعدين، الذي يُعد أحد ركائز رؤية 2030، يتمتع بآفاق نمو قوية، خاصة بعد تقدير قيمة الثروات المعدنية في المملكة بنحو 9.4 تريليون ريال. وتأتي شركة "معادن" في مقدمة المستفيدين من هذا الزخم.
أما قطاع التصنيع، فيشهد توسعاً مدفوعاً بتوطين التكنولوجيا المتقدمة، مع بروز شركات وطنية مثل "آلات" و"سير"، اللتين تتوسعان في إنتاج الأجهزة الذكية والسيارات الكهربائية.
ضغوط التمويل تلوح في الأفق:
ورغم متانة التصنيفات الائتمانية، حذّرت "موديز" من أن بعض الشركات السعودية غير المالية قد تواجه ضغوطاً متزايدة في التمويل، نتيجة اعتمادها على الاقتراض لتمويل توسعاتها.
وأشارت إلى أن الشركات التي تفتقر إلى تخصيص منضبط لرأس المال، أو تعاني من ضعف في إدارة السيولة والمخاطر، قد تكون أكثر عرضة للتحديات التشغيلية والمالية، خاصة في المشاريع طويلة الأجل.