اشارت تقارير صحفية أن أن المواطن السوري لم يعد يستطيع تمييز المنتجات المزورة من الأصلية خلال الأيام ، وذلك مع انتشار محترفين في التزوير الذي أضحو يقلدون البضائع دون أي رقيب او حسيب
في الأسواق .. تباين أسعار وكميات محدودة
يبلغ سعر كريم أساس يحمل اسم ماركة "ماكس فاكتور" على معظم البسطات 200 ليرة سورية، فيما يصل سعر المنتج الأصلي في أحد متاجر دمشق إلى 1700 ليرة سورية بفارق يصل لأكثر من 85% ، وسعر "الماسكارة" من نفس الماركة، على البسطات يبلغ 150 ليرة سورية، في حين يتجاوز سعر المنتج الحقيقي 1500 ليرة سورية، أي عشرة أضعاف سعر البسطة.
أسعار الصبغات أيضاً تضاعفت في المتاجر التي تدّعي أن بضائعها أصلية، فعلى الرغم من توقف جلّ عمليات الاستيراد والتصدير من معظم البلدان المنتجة للمواد المعروضة، يّدعي أصحاب المحال أن لديهم "مصادرهم الخاصة"، دون الإفصاح عنها، فيما لفت بعضهم إلى أن بعض ما يوجد على رفوف المتاجر هو بضائع قديمة كانت مخبأة في المستودعات، أو أن تكون تلك البضائع قادمة عن طريق لبنان.
هذا التشوّش في السوق قدّم فرصة كبيرة لأصحاب البضائع الأصلية للتحكّم بالأسعار، بحجة محدودية الكميات وزيادة الطلب على المنتجات، أو صعوبة تأمينها.
وقالت فتاة، رفضت ذكر اسمها: "أستخدم كريم أساس محدد النوع، ولا أستطيع استبداله بمنتج آخر، بسبب حساسية بشرتي لأدوات التجميل، لذا أنا مضطرة للخضوع إلى تسعيرة التاجر الذي يؤمنه لي بثلاثة أضعاف سعره الأصلي".
وأخرى اضطرت لاستبدال كريم الوقاية من أشعة الشمس، الذي اعتادت استخدامه، بسبب انقطاعه التام من الأسواق منذ أكثر من عام، بعد أن وصل سعره إلى ضعفي السعر السابق.
حماية المستهلك عاجزة وحدها عن المتابعة
قال " رئيس دائرة حماية المستهلك في "مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق" وفقا لموقع "الاقتصادي" : "إن عناصر حماية المستهلك تقوم وضمن الحملات التموينية في الأسواق، بأخذ عينات من مختلف السلع الموجودة بالأسواق، وخصوصا في حال الشك بالنوعية والسعر، ولكنها وفي الظروف الحالية، غير قادرة على متابعتها بشكل دائم، وبالتالي من المفترض على المشترين الذين يتعاملون مع هذه المنتجات الانتباه، فليس من المعقول شراء منتج جيد بربع سعر المنتج الأصلي، فهذا يؤكد أنه مغشوش ومزور".
وبين بشارة إن عناصر المديرية ضبطت أكثر من مرة ورشات لتصنيع مواد تجميل مزورة، حيث تم إغلاق هذه الورشات وإحالة أصحابها إلى القضاء.
لعنة لا تستثني أحد
فروق كبيرة بالسعر بين المنتجات الأصلية والمزوّرة، ما يجذب المستهلكين الذين لن يستطيعوا اقتناء الأصلية لسعرها الباهظ والمتضاعف منذ بداية الأزمة، ككل البضائع الأخرى، فضلاً عن فقدانها وتوقف الاستيراد والتصدير من وإلى أوروبا وغيرها من الأماكن المشهورة باحتراف تصنيعها.
التزوير بات متقناً لدرجة كبيرة، فالشكل يزداد تشابهاً مع المنتجات الأصلية كل يوم، حتى اللصاقات الليزرية تم تزويرها، لخداع المستهلك الذي لايملك خبرة كبيرة بتمييز البضاعة المقلّدة، إضافة إلى إغرائه بالسعر المنخفض غالباً مقارنة بالسعر الأصلي.
صاحب متجر أدوات تجميل في دمشق، يعمل بهذا المجال منذ سبع سنوات، قال: "إن خبرتي الطويلة بهذا المجال لم تنقذني من الغش بمنتجات ماكس فاكتور"، متسائلاً "فما بالك بالمستهلك الذي يجهل تماماً الفروق الدقيقة بين تلك المنتجات".
بضائع صينية تقلد المنتج السوري
لم يعد تزوير البضائع حكراً على منتجات الماركات الأجنبية الشهيرة فقط، حيث يروي صاحب شركة "سيدة المشرق" لصنع أدوات التجميل، نور الدين عيّاش، قصته مع البضائع المقلدة لـ"الاقتصادي"، قائلاً: "ننتج مواداً تجميلية متنوعة للسوق السوري منذ سنوات عديدة، لنفاجئ منذ فترة قصيرة بكميات كبيرة من منتج مزوّر يحمل اسم بودرة سلاف، التي نملك علامتها التجارية، لتغزو المحال والبسطات في محافظات دمشق وطرطوس واللاذقية وحلب وحتى الرقة".
وأضاف عياش "لاحقت الأمر بنفسي، لأجد أنّ المواد المزوّرة ذات صناعة صينية، دخلت البلاد بطريقة غير مشروعة عن طريق الأردن، قادمة عبر ميناء دبي من الصين"، لافتاً إلى أنّه تمت ملاحقة أصحاب المحال، واتخاذ إجراءات قانونية بالتعاون مع القضاء والتموين، في طرطوس واللاذقية، أما في دمشق فتمت تسوية الأمر ودياً مع تعهّد أصحاب المتاجر بعدم شراء أو بيع المنتج المزور.
ولفت عياش إلى الضرر الذي سببته البضاعة المزورة بالمستهلك، وبالشركة مادياً ومعنوياً، "إذ امتنع العديد من المستهلكين والتجار عن شراء منتجاتنا، لما لحق بها من صيت سيء بسبب التزوير الذي طال اسمنا التجاري، ما أجبرنا على نشر إعلانات توّضح للباعة والمستهلكين الفروق بين المنتَجَين، وتحذرهم من الوقوع في فخ التقليد".
عقوبة التزوير تصل إلى ثلاث سنوات من الحبس
وفيما يتعلق بحماية الملكية للماركات والعلامات التجارية، أوضح مدير حماية الملكية في "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك" عماد الدين عزيز لـ"الاقتصادي"، أنه يتوجب على التاجر أو الصناعي صاحب العلامة التجارية التي تعرضت للتزوير، التقدم بكتاب إلى النيابة العامة يفيد بوجود تزوير لعلامته التجارية من قبل أحد الأشخاص، وطرحها في الأسواق، لتقوم النيابة العامة بتحويل الكتاب إلى مديرية حماية الملكية الفكرية للتحقق من ملكيته للعلامة التجارية.
وأردف عزيز، يتم إحالة الموضوع من النيابة العامة إلى القضاء بعد تأكيد حماية الملكية، لاتخاذ الإجراءات حسب القوانين المرعية، كما يتم توجيه كتاب إلى مديريات حماية المستهلك في المحافظات التي تتواجد فيها هذه المواد المزورة لضبطها وإتلافها وتنظيم الضبط المناسب بحق المخالف.
وتعرّف العلامة الفارقة حسب المادة (2) من الفصل الثاني لـ"قانون حماية الملكية" كما يلي: "تعتبر علامة فارقة كل إشارة تمكن من تمييز منتجات أو خدمات شخص طبيعي أو اعتباري ويمكن أن تتكون العلامة الفارقة على سبيل المثال من الأسماء أو التسميات ".
وجاء في الفصل التاسع من الباب الأول للقانون ذاته: "يُعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة من (300.000) ثلاث مائة ألف إلى (1000.000) مليون ليرة سورية، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أقدم على:
أ. استعمال علامة فارقة تخص غيره عن طريق وضعها بسوء قصد على منتجاته أو خدماته.
ب. تقليد علامة فارقة تخص غيره ولو أضاف إليها كلمات أو غير ذلك مثل تشبيه ومشبّه وصنف ونوع أو صفة وغيرها.
ت. استعمال علامة فارقة مقلّدة.
ث. بيع أو عرض للبيع أو التداول أو حيازة بقصد البيع والتداول منتجات عليها علامة موضوعة بغير حق أو مقلدة مع علمه بذلك.
تحذيرات عالمية من عيوب خلقية
وحذّرت الكثير من الدراسات العالمية من الآثار الخطيرة للمنتجات المزورة، فحسب دراسة قامت بها "الأكاديمية الوطنية للعلوم" في أميركا، حول العطور المزورة، تبين أن صناعة العطور التي لا تخضع لأي أنظمة أو قيود، تستطيع أن تضيف أي عدد من المواد الكيماوية إلى منتجاتها من دون أن تكشف ماهيتها وكيف تؤثر على الإنسان، حيث تستخدم في صناعة العطور مواداً تستخرج من البترول، بما في ذلك سموم قادرة على التسبب بأمراض سرطانية وعيوب خلقية واضطرابات في الجهاز العصبي المركزي.
وبحسب الدراسة، فإن اعتبار تركيبات العطور من الأسرار التجارية، أتاح للشركات المصنّعة أن تُدخل 600 مادة كيماوية أو أكثر في صنع عطر واحد.
ولفتت الدراسة إلى أنّ نجاة المستهلكين من آثار آنية للمنتجات المقلدة لا يعني بالضرورة نجاتهم من آفات مستقبلية، حيث إنّ بعض المواد الكيماوية المستخدمة لإطالة عمر المواد العطرية، يمكن أن تحدث تشوهات بجينات الحيوانات المنوية، ما قد يؤدي إلى العقم.