نظام الحوالات المالية من الخارج إلى الداخل وبالعكس يثير سخط العملاء للعام الثاني على التوالي، نتيجة أسلوب التعاطي، حيث تدفع شركات الصرافة للمستلم بالليرة السورية، ولا توافق على التحويل من الداخل إلى الخارج إلا بعملة الدولار الأمريكي حصرياً، وقانونياً التعامل بالقطع الأجنبي بحدّ ذاته ممنوع من قبل المصرف المركزي.. وبالمقابل إذا أراد أي مواطن تحويل مبلغ من المال لا يستطيع الحصول عليه من شركات الصرافة، لأن شروط منح العملات الأجنبية لا تتضمّن بنداً يسمح بالشراء بهدف التحويلات الخارجية، وإنما بهدف السفر أو تمويل الواردات، ودون ذلك عقوبات واتهامات بالاتجار في العملات تصل إلى غرامات مالية كبيرة بحق المخالفين والسجن لعدة أشهر.
ما أجبرَ الكثيرين للجوء إلى السوق السوداء ودفع مبالغ زائدة للحصول على الدولار وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء، بفارق بين 30 إلى 35 ليرة سورية عن السعر الرسمي، حسب تصريحات بعض المواطنين لـ”البعث”.
وأكد مدير فرع شركة الفؤاد للصرافة بـ”البحصة” إبراهيم رجب أن التحويل للخارج بالدولار بناء على تعاميم صادرة عن “المركزي”، وفي حال توفرت كميات من العملة الخضراء لدى شركة الصرافة تقوم بتصريف المبلغ المطلوب للمواطن إلى دولار، على أن يحوّله إلى الخارج من مكتب الصرافة نفسه الذي قام بالتصريف، مؤكداً لـ”البعث” حصول عملاء على آلاف الدولارات مطلع الشهر الجاري لهذه الغاية.
تكذيب
أقاويل نفاها جملة وتفصيلاً غالبية المواطنين الموجودين في صالات مكاتب الصرافة، مستغربين هذه الادعاءات عبر استطلاع للرأي قامت به “البعث” الأسبوع الجاري. وأشارت سيدة إلى اضطرارها لشراء ألف دولار بسعر 242 ليرة من السوق السوداء لتحويله إلى ابنها في الأردن.
وقال آخر: إنه استلم حوالته من أخيه المقيم بالدنمارك بالليرة السورية على سعر صرف “رسمي” حُدّد بـ 219 ليرة، علماً أن “المركزي” سمح لشركات الصرافة بنسبة وصلت إلى 40% من قيمة الحوالات الخارجية، للاستفادة منها في تلبية حاجيات المواطنين. إلا أن “المركزي”، وحسب موظفة في مكتب بيكو للصرافة بساحة محافظة دمشق، حصر في الآونة الأخيرة تلبية حاجيات المواطنين من القطع، بمركزه الموجود في العاصمة، وفروعه المنتشرة بالمحافظات، على أن يقتصر دور كل شركة من شركات الصرافة على بيع القطع حسب ما يتوافر لديها من عملات وبناء على السعر الرسمي الذي يحدّده “المركزي” يومياً. وضمن هذا السياق، أشار رجب إلى أن الأمر يعود إلى مدى إمكانية توافر القطع في خزائن الفؤاد للصرافة.
خسائر
مسؤول مالي ثانٍ في مكتب المتحدة للصرافة بيّنَ لـ”البعث” أن “المركزي” أصدر قراراً يقضي بصرف حوالات السوريين عبر شركات الصرافة بالعملة السورية.. وهذا ما يمنع وصول الدولار إلى جيوب المستهلكين من جهة، ويفرض عليهم خسارة لا يُستهان بها من جهة أخرى، فسعر الصرف المعتمد هو السعر الذي يعمّمه البنك المركزي على شركات الصرافة والذي يعتبر أدنى بنحو 30 إلى 35 ليرة من سعر السوق السوداء.. ما يعني خسارة مباشرة في مدّخرات السوريين.
والجدير ذكره أن “المركزي” وفي جميع جلسات التدخل كان يُلزم مكاتب الصرافة بشراء مبالغ تتراوح بين 100-200 ألف دولار أمريكي بسعر صرف تراوح منذ مطلع العام الجاري ما بين 205 و220 ليرة للدولار الواحد، على أن يُصار إلى بيعه للمواطنين ولكافة الأغراض التجارية وغير التجارية وبذات السعر الرسمي المحدّد، بالتوازي مع الاستمرار في تمويل طلبات تمويل المستوردات المقدّمة عن طريق المصارف ومؤسسات الصرافة من خلال حصيلة الحوالات الواردة والمسلّمة المسموح لها الاحتفاظ بها والبالغة 40%، بهدف تعزيز حالة الارتياح في السوق والتأكيد على توافر معروض كافٍ من القطع الأجنبي في السوق، مع إتاحة المجال لمؤسسات الصرافة المرخصة التي لديها حجم طلبات كبير يفوق المبالغ المذكورة، بتقديم طلبات لشراء مبالغ إضافية من القطع الأجنبي من مصرف سورية المركزي بشكل يومي.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: من يضمن عدم تسرّب هذا القطع –الموضوع بين يدي قائمين على شركات الصرافة- إلى قنوات أخرى كالسوق السوداء أو إلى جيوب بعض تجار الـ”فوركس”؟!.
أساليب
وفي جميع الأحوال، صاحب الحاجة، أي الراغب في الحصول على العملة، لا بد أن يصل إلى ضالته بالمصادفة أو القصد، أو أن يصل إليه أصحاب الحاجة الأخرى في السوق السوداء، فمجرد أسئلة “الطالب” المتكررة في السوق، تدعو تجار السوق العاملين في تصريف الدولار “الأخضر” لمراقبته، وبعد أن يطمئنوا إليه يقتربون منه على سبيل المساعدة، ويبيعون بالسعر الذي يناسبهم، ونتيجة ذلك يرتفع سعر صرف الدولار، ولا ينعم بالاستقرار ولو لمدة قصيرة من الزمن .
تصريف العملات الأجنبية ليس المشكلة الوحيدة، بل إن مسألة تحويلها أصبحت مشكلة هي الأخرى بعد توقف الخدمة لدى شركة “ويسترن يونيون” في غالبية المصارف الخاصة، وفي معظم شركات التحويل الموجودة في دمشق، حتى أنه لا يوجد في مدينة دمشق، منذ بداية الشهر التاسع وحتى تاريخه، سوى ثلاثة مكاتب صيرفة تعمل على تحويل الأموال إلى الخارج عبر شركة “ويسترن يونيون”، فيما تساهم في استقبال حوالات السوريين من الخارج مع مكاتب شركات صرافة أخرى.