أشار " المدير العام للآثار والمتاحف الدكتور مأمون عبد الكريم " إننا أمام نكبة وطنية وقومية وعالمية نتعرض لها منذ عام 2011 تمثلت في محاولات المجموعات المسلحة اغتيال الذاكرة والهوية السورية وتخريب وتدمير المواقع والمباني الأثرية التي تحمل تاريخ وثقافة المجتمع السوري منذ عصور غابرة.
وأكد عبد الكريم أن هناك 750 موقعاً ومبنى أثرياً تعرضت للتخريب بأشكال وطرق مختلفة وكانت الأضرار متفاوتة بين جسيمة ومتوسطة، وأوضح أن حلب هي المدينة الأكثر تضرراً ولا يمكن مقارنتها بأي مدينة أخرى وأن هناك 135 موقعاً أثرياً تعرض للتخريب على حين أن أغلب الأضرار في حمص قابلة للترميم والإصلاح.
وأشار عبد الكريم لصحيفة "الوطن" عن أشكال التخريب الذي تعرضت له الآثار والمتاحف في سورية والذي تم من خلال عدة محاور في البداية، كان هناك تخريب ناتج عن الاشتباكات وتحصن المسلحين في هذه المواقع الأثرية وتحويلها إلى أرض معركة، أما الشكل الثاني والأكثر خطورة فهو العصابات الأثرية التي دخلت إلى سورية وعاثت فساداً في مناطق دير الزور والرقة وآثار آفاميا في حماة ووادي اليرموك في درعا ومناطق جنوب الحسكة وريف حلب مستغلين الفراغ الأمني وغياب المؤسسات الحكومية، وأوضح عبد الكريم أنه أمام هذا الواقع وصعوبة الوصول لبعض المناطق الساخنة كان التعويل على دور المجتمع المحلي في هذه المناطق ودورها في حماية الآثار والمتاحف في مناطقهم بالتعاون بين مديرية الآثار والمتاحف والنخب الثقافية المجتمعية والدينية في المناطق الساخنة التي يصعب الوصول إليها.
وأضاف عبد الكريم إن هناك شكلاً آخر من التخريب ينجم عن جهل وعدم وعي الأهالي بأهمية التراث والحضارة حيث قام بعض الأهالي بتحطيم الأحجار الأثرية واستخدامها في البناء أو استخدام هذه الأماكن الأثرية للسكن، وحول هذه النقطة أشار عبد الكريم أن المديرية منذ عام 2012 أطلقت حملة «سورية بلدي» والآن حملة تراثنا هويتنا التي انطلقت في حمص وستنطلق قريباً في باقي المحافظات لنشر الوعي بأهمية التراث التي يحمل ثقافتنا وتاريخنا.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي الذي تتعرض له المواقع الأثرية في سورية أكد عبد الكريم أن المديرية قامت بإجراءات صارمة وإخلاء جميع المتاحف منذ أن تصاعدت الأزمة ونقلها إلى الأماكن الآمنة، مؤكداً أن 99 من القطع الأثرية في أماكن آمنة باستثناء بعض الاختراقات في الرقة وسرقة بعض القطع الأثرية من مجموعات أحرار الشام، إضافة إلى قاعة الأسلحة في دير عطية التي تعرضت للسرقة وتمت استعادة بعضها، يضاف إليها التمثال الآرامي البرونزي المسروق من حماة إضافة لبعض الجزئيات والقطع الأثرية التي سُرقت أيضاً ومع خطورة هذا الوضع والواقع الأليم الذي تتعرض له الحضارة السورية من محاولة إبادة وسرقة التاريخ والهوية السورية كان لا بد من الضغط على المجتمع الدولي للتحرك وإصدار قرار يحمي الآثار السورية، وحدث ذلك بإصدار مجلس الأمن الدولي القرار 2199 الذي يمنع فيه التعامل والاتجار بالتراث الثقافي السوري وتجفيف كل مصادر التمويل للتنظيمات الإرهابية وبالتالي أي قطعة أثرية تحمل الهوية السورية ستتم إعادتها إلى الأراضي السورية.
وأكد عبد الكريم أهمية قيام الدول المجاورة بإغلاق حدودها في أوجه عصابات الآثار ومنعها من تهريب الآثار السورية وهناك تحرك دولي يتم حالياً مع اليونسكو والشركاء الوطنيين لوضع خريطة طريق لإعادة إعمار ما تم تدميره وتخريبه وعلى وجه الخصوص ترميم وبناء ما تم تخريبه في حلب التي تعتبر أشهر مدينة عربية إسلامية.
وختم عبد الكريم موضحاً أنه تم وضع خريطة تفاعليه على موقع المديرية تبين جميع الأضرار التي تعرضت لها الأماكن الأثرية في سورية.
يذكر أن هناك عشرات المدن الأثرية في سورية تعود لحضارات وحقب تاريخية مختلفة منها أوغاريت وماري وحموكار وغوزانا أرفاد والرصافة وأرواد وبصرى وسد جيلا وشهبا وقنوات وراميتا وإيبلا وعمريت.