قبل أقل من خمسة عشر يوماً من بدء العام الدراسي تبدأ طوابير المواطنين في المدن السورية بالإصطفاف على أبواب المحال التجارية و المكتبات العامة لشراء الحاجيات المدرسية من لباس و قرطاسية و غيرها .
لكن سنةً بعد أخرى يتحول بدء العام الدراسي إلى كابوس مزعج يراه المواطن السوري في صحوته قبل نومه و لا سيما ذلك المواطن ذو الدخل المحدود في ظل أزمة إقتصادية تتصاعد فيها الأسعار بين يوم و آخر و يرتبط فيها سعر أي شيء بسعر الدولار حتى تلك الحاجيات التي تصنع وطنياً .
أهالي الطلبة يشتكون في كل عام إرتفاع الأسعار الجنوني و خاصةً أسعار الزي المدرسي الذي يتجاوز ( ٥٠٠٠ ) ليرة سورية و التي تعتبر ربع راتب موظف من موظفي الدخل المحدود .
"عبير" أم لثلاثة أطفال تقطن مدينة حمص أوضحت لآسيا أنها تخصص سنوياً مبلغاً كبيراً للزي المدرسي والمستلزمات المدرسية لكل ولد من أولادها ، و طالبت الجهات المعنية بتحديد أسعار المواد المدرسية و الإكثار من صالات التدخل الإيجابي التي تؤمن بعض الأساسيات بأسعار مقبولة .
أحد المواطنين من حمص قال : يحتاج الواحد من أبنائي مع بدء العام الدراسي إلى لباس بثمن ٤٠٠٠ و حذاء بثمن ٢٥٠٠ و قرطاسية تقارب ٣٠٠٠ و حقيبة بثمن ٢٠٠٠ فيكون المجموع هو ١١٥٠٠ مع العلم أن راتبي هو ١٨٠٠٠ و انا أعمل في شركة للقطاع الخاص .
بالتواصل مع السيدة لينا التلاوي مديرة مدرسة عيسى الفاحلي بحمص قالت لآسيا : نحن نغض الطرف في بداية العام الدراسي عن بعض الطلاب الذين ياتون إلى المدرسة بدون لباس مدرسي نظراً للأوضاع المادية التي يعاني منها ذويهم و نعطيهم فرصة أسبوع كامل لاستكمال شراء كافة إحتياجاتهم و هذا جل ما نستطيع القيام به لمساعدتهم .
بعض المواطنين يفضلون اللجوء إلى تدوير الملابس بين ابنائهم توفيراً لثمنها حيث يرتدي الأخ الأصغر ملابس شقيقه الأكبر و يحافظ بعض الأباء على أدوات و قرطاسية من عام سابق إلى عام لاحق لتوفيرها و استخدامها بدلاً من شراء ماهو جديد .
أما أصحاب المحال التجارية فيبررون إرتفاع أسعار المواد التي يبيعونها بالقول : نحن نبيع بما يتناسب مع هامش الربح الضئيل المتروك لنا من قبل التجار الذين يستوردون البضائع من الخارج أو من قبل أصحاب المصانع التي نشتري منها البضائع .
و عن ارتباط أسعار المواد بسعر الدولار يقول أحد الباعة : عندما أشتري بضاعة في وقت يكون فيه الدولار مرتفعاً سأضطر لبعها بسعر مرتفع و عند إنخفاض سعر الدولار لا أستطيع خفض أسعار المواد لأنني في هذه الحال سأخسر .
يبقى المواطن هو الخاسر في كل تلك المعادلات و هو الذي تدور فوقه رحى الأيام و يبقى يعاني بين مطرقة الحرب من جهة و سندان متطلبات حياته اليومية و حياة أبنائه .