أنجز "المركز الوطني لبحوث الطاقة" بحثاً بعنوان «الدراسة التحليلية لواقع الطاقة في سورية»، وجاء في الدراسة أن حجم التحديات ولاسيما الطاقية منها والتي تواجه بلدنا خلال الفترة الحالية بات واضحاً، وهى تحديات تهدد بإلحاق أضرار كبيرة بالاقتصاد الوطني، ونظراً لخطورة التحديات الاقتصادية وأثارها السلبية المختلفة فإنه يتوجب علينا أن نسرع العمل على تطبيق الخطط والبرامج التي يمكن من خلالها مواجهة تلك التحديات حتى لا تتفاقم المشكلات المترتبة عليها.
وأكدت الدراسة أن الأزمة التي تمر بها سورية ولغاية اللحظة الراهنة انعكست بشكل دراماتيكي على الاقتصاد السوري منذ بداية عام 2012 حيث كان لتعاقب العقوبات المفروضة على سورية أثراً واضحاً سببت خللاً بنيوياً في التوازن الكلي للاقتصاد وأدى تسارع النمو الاقتصادي في السنوات (2005-2011) إلى ذلك زيادة الطلب على الطاقة الأولية بمختلف أشكالها، فقد نمى استهلاك الطاقة الأولية بمعدل (10.5%) خلال تلك السنوات، بينما تراجع بشكل ملحوظ خلال فترة الأزمة.
وتأتي أهمية هذه الدراسة على اعتبار أن قطاع الطاقة في سورية قطاعاً استراتيجيا بامتياز ويمثل العامل الأهم في تحقيق أي معدل للنمو وذلك بمساهمتها لمباشرة وغير المباشرة في تكوين الناتج المحلي الإجمالي لكافة قطاعات الاقتصاد الوطني.
كما إن توفير البيانات والمؤشرات السنوية المتعلقة بقطاع الطاقة بحيث تكون أقرب ما يمكن من الواقع والدقة إضافة لبلورة وتحليل واقع هذه المؤشرات الطاقية من خلال تقديم الدراسة التحليلية لواقع الطاقة يأتي ليلعب دوراً هاماً في توضيح التأثيرات الفعلية للأزمة على المشهد الطاقي والتي أدت إلى تغيير الصورة النمطية لواقع الطاقة بشكل عام فبالنظر للواقع الحالي لقطاع الطاقة وتماشياً مع مقتضيات هذه الدراسة فقد كان من غير الممكن الاعتماد على سنة أساس قريبة من تاريخ إعداد هذه الدراسة حيث كان لابد في بعض مفاصلها من الرجوع لبيانات سنوات سابقة تصل أحياناً حتى العام 2005 وذلك نظراً لضرورة إيضاح تأثر المشهد الطاقي وواقعه قبل وأثناء الأزمة تم الارتكاز في معظم جوانب الدراسة التحليلية على البيانات الطاقية للعام 2011 على اعتبارها أقرب سنة كانت مستقرة في شتى النواحي الاقتصادية إن صح التعبير لتكون هذه الدراسة بمثابة دافع لوضع خطة عمل تنفذ من قبل الفاعلين في هذا القطاع وخصوصاً القائمين على صناعة القرار والمخططين إضافة إلى المراكز البحثية الأخرى والجامعات والهيئات المعنية وكذلك الجهات الفاعلة فيه إنتاجاً وإدارة واستهلاكاً.
وخلصت الدراسة إلى توصيات عدة أهمها:
1. التركيز وبشكل كبير على نشر الوعي الطاقي وخاصة في مجال ترشيد استهلاك الطاقة على مستوى الوزارات والمؤسسات استكمالاً للحملة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة التي تم اطلاقها من قبل وزارة الكهرباء في العام 2011.
2. تحسين كفاءة إنتاج الطاقة الكهربائية وتخفيض الفاقد بجميع أنواعه كأولوية استراتيجية على التوازي مع زيادة الطاقة المركبة.
3. على الرغم من ضرورة ترشيد استهلاك الطاقة في كافة القطاعات وعلى الرغم من أن القطاع المنزلي هو القطاع الأكثر استهلاكاً للطاقة النهائية فإنه ليس من المانع تسليط الجهود على تنفيذ الإجراءات المتعلقة بترشيد استهلاك الطاقة وتحسين كفائتها في القطاعات كافة.
4. تحقيق التوازن في أسعار حوامل الطاقة المختلفة، بحيث لا يؤدي تغير سعر احدها إلى اختلال المشهد النمطي لتوزيع استهلاك الطاقة حسب مصدرها وانعكاس ذلك سلباً على الاقتصاد الوطني.
5. تطبيق القوانين والتشريعات الصادرة في مجال ترشيد استهلاك الطاقة وتحسين كفاءتها على أرض الواقع ومراقبة عمليات التطبيق وخصوصاً قانون الحفاظ على الطاقة رقم /3/ لعام 2009 والعمل على إدراج مشاريع تحسين كفاءة استخدام الطاقة ضمن الخطط الاستثمارية للمؤسسات وتتبع تنفيذها بالتنسيق مع المركز الوطني لبحوث الطاقة والقانون (18) للعام 2008 والمتعلق بمعايير كفاءة استهلاك الطاقة للأجهزة الكهربائية.
6. دعم مشاركة الطاقات المتجددة في جانب الطلب (الاستهلاك) لما له من فوائد اقتصادية كبيرة. مثال على ذلك (السخان الشمسي والمخمرات المنزلية وأنظمة التغذية الذاتية باستخدام الخلايا الكهروضوئية والعنفات الريحية الصغيرة …إلخ).
7. التوجه لوضع الخطط المستدامة التي تضمن بقاء موارد الطاقة الحالية لفترة زمنية أطول والبحث عن موارد محلية إضافية جديدة مثل الحجر السيجيلي، الفحم الحجري، المحطات الادخارية والطاقة النووية.
8. وضع سياسة طاقية متوازنة تحقق التوازن الأمثل بين العرض والطلب لتحقيق سياسة تزود مستدامة تعتمد على معطيات تطور الطلب والتزود، مع مراعاة امكانية تدخل الدولة في طرح آليات جديدة لتحديد أسعار حوامل الطاقة واعتماد سياسة دعم جديدة، بحيث تؤدي إلى إعطاء الدعم لمستحقيه ومنع الهدر في استهلاك الطاقة والتشجيع على ترشيدها .
المصدر: سينسيريا