خاص B2B-SY | طلال ماضي
برأسمال 50 ملياراً و قروض بلا فوائد كفيل بالقضاء على على بطالة 10 الاف عامل في سورية ودخولهم الى سوق العمل الانتاجي الحقيقي
في أحدث احصائية صادرة عن ادارة المخاطر المصرفية تقول: ان نسبة التعثر في المشاريع الصغيرة والمتوسطة تكاد لا تذكر وأقل من واحد بالمئة، بالرغم من ان فوائد هذه القروض التي تمنح للفقراء 14 بالمئة .
وبالرغم من ان اصحاب الدخل المحدود هم من يسدد والاكثر حاجة اليوم الى مشاريع صغيرة ومتوسطة زراعية ومنزلية لاستمرار الحياة وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء، وفقدان الليرة أكثر من 18 ضعفا من قيمتها، وانخفاض الراتب اربعة أضعاف من قيمته، ما يؤكد على ضرورة تغيير فكر الاقراض حسب الظروف الراهنة ،والابتعاد عن العمل بعقلية التسليف القائمة على الخوف من استثمار الأموال المُسلفة في المتاجرة بالعملة ، والتوقف عن السباق القائم بين المصارف لمن يعطي القيمة الأكبر لأي مشروع في حال توفر الضمانات .
الحرب على سورية تركت تجربة يجب على الجميع الاستفادة منها، أن الصمود دائما للمشاريع الصغيرة، وهذه التجربة استغلتها دول مرت بأزمات مشابهة في البرازيل وبنغلادش ،الا أن هذه الدول اخترعت ما أسمته بنوك الفقراء، واعطتهم حق "الائتمان"، والتفتت الى الفقراء في منازلهم وجففت الفقر بالقضاء على البطالة.
الحكومة تكثف من اجتماعاتها الدورية، وتعلن باستمرار عزمها دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، الا ان الخارطة التسليفية تقول تجري الأموال بما لا يشتهي التمويل الصغير، وأصحاب بعض المنشآت ما زال يقارع من أجل الحصول على المبلغ الذي يطور عمله، بشراء اليات أو تمويل انتاجه والسبب ان الحكومة اليوم فاقت على اخطاء الماضي وتريد ان تهندس حساباتها، وتؤطر جميع المنشات في قيود عقارية مصححة الاوصاف، ومدفوعة الضرائب الدسمة، دون ان تلتفت الى الانتاج والفقراء، وهنا بيت القصيد والحاجة الى بنوك الفقراء والورشات التي تنتج تحت الدرج، وبحاجة أموال أقل من 5 مليون ليرة سورية وهنا يكون التمويل على الانتاج والتشغيل الحقيقي.
ياسادة التسليف المصرفي بشقيه العام والخاص ومؤسسات التمويل الصغير بعيدة كل البعد عن الاثر التنموي للقرض، ومعظم القروض تمنح لأجل غايات استهلاكية، ولا تمول الفكرة او المشروع وأول سؤال يطرح من قبل المصارف على المقترض ما هو دخلك، وما هي الضمانات المقدمة، علما ان هذه المصارف ترغب بالضمانات ضمن المدينة ، وتهرب من الضمانات الريفية ، وتمنح بفوائد 14 بالمئة، وتطلب دراسة جدوى، واعداد ميزانية، وسجل حرفي، وتصنيف في غرفة التجارة ، وحسب نوع الضريبة التي يدفعها ارباح حقيقية أو دخل مقطوع.
لو فكرت الحكومة اليوم باحداث بنوك الفقراء بقيمة 50 مليار ليرة سورية ، وعملت على منح قروض للفقراء اصحاب الأفكار والمشاريع الزراعية والصناعية والتجارية وغيرها، وخصصت فريق عمل لمتابعة أعمال الفقراء، ومنحت كل واحد منهم 5 مليون ليرة من دون فوائد، سيكون العائد هو القضاء على بطالة 10 الاف عامل ودخولهم الى سوق العمل الانتاجي الحقيقي، ولو اشترطت على المنتجين الانتاج لخمس سنوات مقابل التنازل عن مبلغ القرض، ستكون النتيجة النهائية مبهرة في الانتاج لكن اليوم المشكلة في الحكومة الخلاف بين حسابات الحقل والبيدر، وما يمر تحت الطاولة أكبر بكثير مما هو فوق الطاولة، وهنا الخسارة والطامة الكبرى.
وبكل بساطة يمكن للفريق الاقتصادي في الحكومة الذهاب إلى القرى البعيدة "للتعلم من الفقراء" حول ما يحتاجونه فعلاً، ومعرفة أشياء غير موجودة عنهم في التقارير المبروظة على طاولتهم، وخاصة ما يخص التنمية الريفية، والتفكير خارج صندوق الانجازات الضيقة التي تتباهى بها الحكومة.
الفقراء أميون ولن يتمكنوا من ملء الاستمارات اللازمة للحصول على تلك القروض، وليس لديهم كذلك أي ضمانات لكن لدى الدولة تجربة رائدة في الجمعيات التعاونية الزراعية، التي يمكنها من الوصول الى الفقراء والمنتجين الحقيقيين كونها بنت المجتمع المحلي الذي يستطيع مراقبة نفسه بنفسه فقط امنحه الثقة والشفافية .
مسؤول في احد مؤسسات التمويل الصغير يقول اعطونا الاموال ونحن نتحرك ونتحمل جميع المخاطر، وهذا أكبر دليل على الثقة بالفقراء الذين يخافون العيب والحرام، ويعيدون الاموال، ويؤكد ضرورة التفكير الجدي ببنوك الفقراء فهل ستفعلها الحكومة ام آخر همها الفقراء والانتاج؟!.