أوضح الخبير المالي وائل الحبش" ، أن فضيحة القروض المتعثرة وقضية السـرية المصرفية التي يطالب بها المقترضون، تجعل من الضروري تســليط الضوء على تبعاتها وأســبابها، "فدائرة الفســاد المالي والمصرفي لا تتم إلا باســتكمال جميع أركانها، وهنا لابد من الاشارة تحديداً إلى شــركات التدقيق المحاســبية وإلى المحاســبين القانونيين، وعلى الرغم من معرفتنا يقيناً بوجود العديد من النزيهين الشرفاء في هذه المهنة المالية، والذين قدموا إلى هذه المهنة وعلّموها للآخرين، إلا أن عمليات الإقراض الضخمة لشـركات رجال الأعمال السوريين لم تكن لتتم دون ختم هؤلاء المحاســبين القانونيين، فعمليات إخفاء المصاريف وتدوريها أو حتى تزوير البنود المحاســبية في القوائم المالية وقوائم الدخل ليس بمســتحيل أو صعب من الناحية المحاســبية، طالما أن النزاهة المحاســبية والأخلاقية لهؤلاء ضعيفة إن لم تكن مفقودة بالكامل".
وأضاف "الحبش" بحسب موقع "الاقتصادي" "بســبب السرية المصرفية وتزوير البيانات المحاســبية كان رجل الأعمال السوري الفاســد منهم، يقدّم القوائم المالية المحاسبية التي لا تظهر القروض البنكية الضخمة ومطاليب الدائنين، وكانت البنوك الخاصة بضغط من مجالس إداراتها أو بضغط المنافسة في السوق المصرفي السـوري تقدم القروض المصرفية الضخمة، إما بضمانات محدودة أو بضمان الاسـم التجاري العريق لرجل الأعمال المقترِض، مما جعل أموال المودعين السوريين والمفروض أنها مؤتمن عليها من إدارة البنوك العامة والخاصة، في دائرة المزاج والمحاباة لأعضاء مجالس الإدارة و المدراء التنفيذيين في البنوك الســورية".
وأوضح الحبش أن الشـركات المساهمة العامة السورية سواء المدرجة منها في "سوق دمشق للأوراق المالية"، أو التي لم تدرج بعد أو تلك التي لا يحق لها بالأصل لتدرج في السوق المالي وهي تحت المساءلة والاسـتفهام، "فليس خافياً كيف أن معظم الشركات المساهمة العامة المدرجة وغير المدرجة منحصرة بعدة شركات تدقيق محاسـبية، كان من المفترض أن تكون مثالاً في النزاهة المحاسـبية لنعلم من وراء الكواليس أن القوائم المحاســبية المدققة تتم وفقاً لرغبة مجالس إدارة هذه الشركات المساهمة، وليس طبقاً للنزاهة المحاسبية والمعايير المحاسبية الدولية".
وأشار إلى أن هناك شركات محاسبية كبرى ومختفية وراء الكواليس، مشــاركة حتى "النخاع" في عمليات الاحتيال والنصب على الأموال العامة، "وحيث أن هيئة الأوراق و الأسـواق المالية تحرص على التزام هذه الشركات بالقوانين والتعليمات التنفيذية، فليس لها السـلطة أو القدرة على إنكار ختم المحاسب القانوني أو الشركة المحاسـبية المعتمدة لدى هيئة الأوراق والأسواق المالية، طالما أن هذا التزوير والتضليل المحاسبي يتم في الخفاء، ولا تظهر آثاره وانتكاسـاته إلا وقت الأزمات الاقتصادية والسياسية، فكانت الأزمة الســورية الأداة التي مزقت الســتارة وأظهرت هذا الفسـاد المالي والمصرفي والمحاسبي".
وأكد على أهمية أن تتخذ "جمعية المحاسـبين القانونيين" إجراء تنفيذي صارم بحق المحاسبين القانونيين وشركات التدقيق المحاسبية التي يثبت تورطها في ختم ومهر القوائم المالية التي تخفي بيانات محاسبية جوهرية، تؤثر على حقوق المساهمين في الشركات العامة أو تخفض من ائتمان الشركة تجاه الجهات الدائنة، طفسـحب رخصة المحاسـب وإغلاق المكتب أو الشركات المحاســبية هو أقل ما يمكن أن يتم لمجموعة تظهر النزاهة وتقوم على مســاندة مجالس إدارة الشركات التجارية في تضليل المساهمين والبنوك و الدائنين والحكومة، كما على هيئة الأوراق المالية أن توجه إنذارات شديدة اللهجة إلى الشركات وغرامات على مجالس إدارة الشـركات المساهمة التي يثبت تلاعبها وتزويرها للقيود والبيانات المحاســبية".
وكان رئيس "جمعية المحاسبين القانونيين" فؤاد بازرباشي أوضح حزيران من العام الماضي، أن المحاسبة القانونية وتدقيق الحسابات في سورية لم تصل بعد إلى مرحلة تطبيق معايير المحاسبة الدولية، نظراً لعدم وجود نص ضريبي يفيد تطبيق هذه المعايير ضمن القوانين الناظمة لمسألة الضرائب.