بين الباحث الاقتصادي ورئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية الدكتور سنان علي ديب، أنه \السمة الأكبر للعام الماضي عام 2017 كانت التعافي الاقتصادي و ذلك بعدما أطلقنا على العام الماضي 2016 عام الاحتواء لكل الضربات و الأساليب القذرة وخاصة بالاقتصاد من حصار ومضاربات و عقوبات و تهريبات من أجل ضرب المنتج المحلي و حرق وتهريب محاصيل أساليب دواعش الاقتصاد و متربصي الفرص القذرة .
ولفت الدكتور ديب في تصريحه لموقع "بزنس 2 بزنس سورية" إلى أنه كان واضحاً التوجه العام نحو التقشف للأغلبية عبر السياسات والأدوات المالية و النقدية و عبر جدولة المستوردات بحيث تتجه نحو السلع الضرورية و نحو طاقات إنتاجية جديدة سواءاً بالقطاع الزراعي أو الصناعي وبما يعطي الشكل العام للمشهد بانتظار الغوص بالتفاصيل , ولكن هذا التحسن الاقتصادي لم ينعكس بشكل مناسب على معيشة المواطنين فالتحسن الجزئي للمؤشرات الاقتصادية كان يفترض انعكاسها على معيشة المواطن عبر زيادة الرواتب و الأجور وخاصة بعد الفجوة الكبيرة بين الدخل والأسعار و التي بلغت فوق الـــ200 ألف وفق متوسط أجر ( 26 ) ألف و متوسط تكلفة معيشة لأسرة من 5 أشخاص حوالي 275 ألف ليرة سورية ، و توقع الخبراء اتخاذ الحكومة هذه الخطوة ,
وأضاف: خطوة أولى لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين وفق نسب فقر كبيرة وفقر مدقع لأكثر من النصف و لكن قلة الموارد من جهة وعدم استثمار الوضع الاقتصادي والعسكري على نحو أمثل جعل اتخاذ هذا القرار أمراً صعب التحقيق في ظل تكرار مسؤولي الشأن المالي احتمالية ذلك لاعتبارات عديدة، فإطلاقنا على العام عام التعافي والانطلاقة،كان من منظور ما كان يراهن عليه طوال الحرب من ناحية الإسقاط الاقتصادي لتحويل سورية إلى دولة فاشلة لكنّ هذا الرهان سقط، وقد كتبت الانطلاقة والتعافي برسائل وعناوين ومنها معرض دمشق الدولي ومؤتمرات للاستثمار دلت على تزايد الأمن والأمان بفضل الجيش العربي السوري، وزادت الموارد الاقتصادية بتحرير الكثير من الأراضي وكذلك المناطق التي تحوي الآبار النفطية والغازية، ما انعكس إيجاباً على الطاقة وخاصة الكهرباء وخفّت أغلب الأزمات فيما يخص الطاقة وزاد الأمان على أغلب طرق النقل وأعادت الحياة لأغلب المدن الصناعية وحاولت الحكومة تلبية أغلب مطالب الصناعيين، لذا كانت انطلاقة مدروسة وإن لم تنعكس على مستوى معيشة المواطنين رغم تحسن سعر الصرف وبقيت الفجوة كبيرة بين مستوى الدخول والمبلغ اللازم لتأمين مستلزمات المعيشة.
وزارة التجارة كان ظهورها ديكورياً!
وقال الدكتور ديب: قد توافقت رؤيتنا مع رؤية للحكومة في عدم زيادة الأجور من أجل عدم فلتان الأسعار في ظل «حركة بدون بركة» لوزارة حماية المستهلك في ضبط الأسعار ومواجهة الاحتكار، الذي يعد أحد أهم مسببي التحكم بالأسعار، وكذلك يؤخذ على موضوع السياسات النقدية والمالية بأن المصرف المركزي لم يكن جاداً في تخفيض سعر الصرف وكان موضوع الرسوم والضرائب بعيداً عن الحالة المعيشية للمواطن وفي حالات محاباة لبعض الفئات على حساب المواطن,ولكن بنظرنا سارت الظروف بالشكل الذي بنينا عليه نظرتنا لعدم زيادة الرواتب إلا أن الأداء الحكومي بالسير نحو هذا الخيار كان ضعيفاً من ناحية مواجهة قوى السوق المحتكرة للمواد و المتحكمة بالعباد ويعد ذلك استمرارية لنهج ما قبل الأزمة بترك مفاتيح الاقتصاد و السلع الضرورية بيد بعض المحتكرين الهادفين للربح ولو على حساب لقمة عيش المواطن و عافية الوطن فكانت وزارة حماية المستهلك هي الأكثر ظهوراً ولكن ديكورياً من دون فاعلية فكانت عقوباتها آنية شكلية و ليست غائية هادفة لضبط الأسعار و منافسة محتكري المواد وكيف تفعل ذلك إن استمرت بآلية استجرار المواد من محتكريها و الانقياد بالأسعار ورائهم وإن قامت بحملات إعلامية دعائية على سلع لا تنعكس على معيشة المواطن كالمتة و الشاورما لتفاجئنا باستجرار مادة الموز و توزيعها في وقت يجب أن يواجه استيراده المحارب لمحصول الحمضيات الاستراتيجي و يبقى السؤال كيف تستجر مؤسساتها الموز لكسر سعره و تتعامى عن الاستجرار المباشر عن طريقها أو عن طريق مؤسسة التجارة الخارجية لسلع ضرورية يومية يحتاجها المواطن باستمرار ، وهنا يجب التأكيد على أهمية الدور المنوط بوزارة حماية المستهلك و بوقت التعافي و الانطلاقة و هذا الدور لم يستثمر ولم يكن بما تتطلبه الظروف و الصور و الديكورات لا تعني الكفاءة و الجودة بالأداء وإنما العبرة بانعكاساتها على أسعار المواد وجودتها و صحيتها و توفيرها ومنع احتكارها و إيجاد العقوبات الرادعة لتكون وسيلة لعدم المشاركة بالحرب على البلد من منظور اقتصادي,
السياسة النقدية
وبالنسبة للسياسة النقدية قال ديب: فإنه على الرغم من استقرار سعر الصرف بعد هزات سابقة لكنه أطال الاستقرار حول سعر فاق ما ورثه الحاكم الحالي بحدود 530 ليرة بعد ان أوصله السابق ل470 بعد هزات عنيفة و حالة تذبذب تعد أخطر من الارتفاع، وهو أمر أثنى عليه التجار والصناعيون نظراً لتأثيره الإيجابي في الأسواق استيراداً وتصديراً، وكانت السياسة التي انتهجها المركزي اعتماده على المصارف العامة والحد من دور شركات الصرافة التي كانت متهمة سابقاً في المضاربة على سعر الليرة وتوسيع نطاق السوق السوداء، التي تقلص دورها تباعاً وخاصة بعد قراره مؤخراً في تخفيض سعر الصرف إلى حدود 430 ليرة، ما شكل صدمة بداية للأوساط الصناعية والتجارية، التي استجابت للوضع الراهن نتيجة طمأنتها للمتغير الجديد، الذي يصب في مصلحة قوة الليرة واستعادة عافيتها، وتالياً تحسين القدرة الشرائية للمواطن عند عكس ذلك على أسعار السلع، الأمر الذي لم يستجب له التجار فوراً من جراء عجز التجارة الداخلية عن وضع حد لاحتكارهم لها بسبب اعتماد سياسة تسعيرية غير صحيحة، ما يفترض إعادة النظر فيها بغية تمكنها من فرض سيطرتها على الأسواق وإلزام التجار بقراراته
وأضاف: لم تكن السياسة النقدية لمصرف سورية المركزي منذ بداية العام الجاري واضحة المعالم حتى الأشهر الأخيرة، إذ كان جل الاهتمام منصباً على سعر الصرف المتأرجح بين الارتفاع والانخفاض، وكيف السبيل إلى مواجهة مضاربي السوق والحفاظ قدر الإمكان على الاحتياطي الاستراتيجي من القطع الأجنبي، ولكن لم يُكتب للقائمين على المركزي حينذاك النجاح في مساعيهم، والسبب يعود إلى قرارات فتحت المجال أمام المواطنين لتحويل أموالهم بالليرة إلى قطع أجنبي وادخاره، أملاً بتنفيذ صفقات تحويل يجنون منها مرابح خيالية، وكان للانخفاض الحاد في سعر الصرف لحدود 400 في السوداء ومحاولة المركزي تثبيته بحدود 440 ليرة تأثيراً على القراءة لأهم المواضيع التي كان الرهان واضح عليها , فبعد سيرورات سعر الصرف أصبح المركزي يملك الأدوات للتحكم بسعر الصرف و لكن إصراره على سعر مرتفع دفعنا للتساؤل حول المبررات وخاصة كان الرهان على تحسين سعر الصرف و ضبط الأسعار ومنها الوقود لتحسين مستوى المعيشة من دون الانقياد لزيادة الرواتب و التي ضمن هكذا سلوكيات أصبحت ضرورية ,
السياسة المالية
وقال أيضا: بخصوص السياسة المالية سعت وزارة المالية لرفع المساهمة في إعادة الإعمار من خلال رفع رسم المساهمة في إعادة الإعمار إلى 10% بعد أن كان 5%، وبرر كسلوك آني رغماً من إنعكاسه على مستوى المعيشة و استمرت الدراسات لزيادة الرسوم للكثير من الخدمات وسط استغراب لجهل الغاية من هكذا سياسة , وكان هناك إيجابيات بالعمل الجدي بموضوع القروض المتعثرة بحيث بوشر بتحصيلها ووضعها موضع التطبيق و تحصيل جزء كبير منها وكذلك فتح موضوع إعادة تقييم أملاك الدولة و التي كانت تؤجر بأسعار زهيدة وسط فساد علني غير عابىء بأي مسؤولية و كذلك كان العام الماضي إيجابي من ناحية التخفيف من أغلب الأزمات المازوت , الغاز , الأدوية, وكذلك كانت من الأمور اللافتة تصريحات لبعض المسؤولين لا تراعي المواطن و لا ظرف البلد متضمنة استخفافاً و استهزاءاً وهو ما يجب أن يلفت النظر له لتداركه , من مزايا العام المنصرم طرح مشروع الإصلاح الإداري وفق رؤية صائبة و تحليل عميق و دقيق للواقع وعلاجات صحيحة ولكن لم يبدأ العمل به وكانت أهم بنوده التعيين على أساس الكفاءة و النزاهة و تفعيل دور المتابعة و المراقبة و المحاسبة للإحاطة بالفساد المستشري بشكل غير طبيعي يستثمر جزء منه من تجار الأزمة تجار الدم ,الفساد الذي لم يستثن أي قطاع ومنها التعليم و القضاء و حتى نهج تحويل أغلب المشافي لهيئات أكمل المشوار وكذلك لوحظ تعافي السياحة و خاصة الداخلية بانتظار عودة العافية للصناعة السياحية التي كانت رافداً كبيراً لموازنتنا , المهم وإن كان هناك تقصير يوازي ما حققته المؤسسة العسكرية من إنجازات و لكن اللبنات الأولية الأساسية للإنطلاقة الفعالة قد وضعت بانتظار وضعها موضع التطبيق و العمل لمكافأة المواطن الذي صبر و احترام الدماء التي فاضت و الأمل كبير و الإمكانات متوفرة و سيكون العام القادم عام الوطن والمواطن و السياسات الهادفة لتحقيق العدالة الإجتماعية قدر الإمكان لمواطن يراعي ظروف بلده ولكنه يتطلع لإستثمار الموارد و الطاقات الإستثمار الصحيح ..