خاص B2B-SY | فاطمة عمراني
تسود الشارع السوري حالة من الاستياء والغضب إزاء موجة الغلاء الممتدة منذ فترة طويلة والتي شملت كافة السلع الاستهلاكية، ولم يكن لأغلب المواطنين ذوي الدخل المحدود، خيارات لمواجهة الغلاء غير خفض عدد الوجبات اليومية، أو محاولة الحصول على المواد الغذائية التي تضاعف ثمنها بطرق مختلفة دون جدوى.
عجز حكومي عن ضبط الأسعار
يؤكد التهاب الأسعار على مدار العام عجز الجهات المعنية وعدم قدرتها على التحكم في السوق وضبط أسعار هذه الأخيرة، فهي ما زالت لليوم تواصل ارتفاعها لتبلغ أرقاما قياسية، أما عن أسباب الارتفاع فقد حمل البعض مسؤولية هذه الزيادة إلى سياسة المضاربة والاحتكار التي يتفنن فيها بعض التجار، أما آخرون فألقوا اللوم على وزارة "حماية المستهلك" التي عجزت عن تقديم أية حماية للمستهلك في وجه التجار وابتكار حلول لمعالجة الغلاء الفاحش، ليبقى المواطن البسيط في ظل هذه الأوضاع المتضرر الوحيد.
ووفق التقارير الشهرية لرصد أسعار السلع الاستهلاكية التي يقوم بها موقع "بزنس 2 بزنس سورية" في أهم الأسواق المحلية، تبين أن جميع السلع الغذائية من خضار وفواكه ولحوم بيضاء وحمراء ومواد تموينية وأجبان وألبان قد حافظت على ارتفاع أسعارها بنسب شبه ثابتة.
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن سبب حفاظ السلع على استقرار أسعارها هو استقرار سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار خلال العام الأخير وانخفاضه التدريجي بنسب ثابتة ليصل لنحو 440 ليرة سورية.
كما يلاحظ أنه بالرغم من ارتفاع الأسعار قياساً بمتوسط دخل المواطن السوري الذي لا يتجاوز 40 ألف ليرة، إلا أن الأسواق السورية لم تعان من فقدان السلع الغذائية سواء في الأسواق الشعبية أم في المولات التجارية الكبيرة.
اختلاف المواسم سبب ارتفاع أسعار الفواكه!
يقول عدد من تجار سوق الشيخ محيي الدين بدمشق لـ "بزنس 2 بزنس سورية" إن "اختلاف المواسم" هو السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الخضار والفواكه منذ بداية عام 2018، فأسعار الفواكه الصيفية أغلى من نظيرتها الشتوية، ويمكن للفرد شراء 4 كيلو فواكه بأنواع مختلفة في الشتاء بألف ليرة فقط، وهذا ما يبدو مستحيلاً في فصل الصيف.
وكانت قد تراوحت أسعار الفواكه الشتوية ما بين 200 إلى 400 ليرة كالتفاح والبرتقال واليوسفي والذرة وغيرها في بداية العام الحالي، أما الفواكه الصيفية فلا يقل سعر الكيلو منها حالياً عن 400 ليرة، حيث يبلغ سعر كيلو كل من الكرز والمشمش 400 ليرة، وسعر كيلو الدراق والخوخ 500 ليرة، وكيلو التين والعنب 700 ليرة، أما المنغا والكيوي فقد تجاوز كل منهما الـ 1200 ليرة.
أما الفواكه ذات المواسم القصيرة كالعوجا والجارنك فقد بدأت أسعارها من 15000 ليرة مع بداية طرحها في الأسواق، لتصل بانخفاض تدريجي سريع لنحو 500 ليرة.
من جهة أخرى، شهدت الفواكه الموجودة على مدار العام تذبذباً واضحاً في سعرها كالموز الذي بلغ سعر الكيلو منه في شهر كانون الثاني 1200 ليرة، وبعد تدخل وزارة التموين لامس 500 ليرة، ثم عاد ليرتفع مؤخراً لـ 1000 ليرة للكيلو الواحد.
الخضار: استقرار ثابت في الأسعار
حافظت أغلب أنواع الخضار في الأسواق السورية على ثبات أسعارها منذ بداية العام الحالي لحد الآن، مع ارتفاع أو اخفاض لا تتجاوز 100 ليرة عل مدار النصف الأول من 2018.
ويشر مؤشر "بزنس 2 بزنس سورية" لرصد أسعار السلع الغذائية إلى استقرار أسعار الخضار الأكثر استهلاكاً لدى السوريين، حيث بلغ سعر كيلو البطاطا نحو 250 ليرة، وكيلو البندورة 200 ليرة، وكيلو الخيار 200 ليرة، في حين تراوح كيلو البصل ما بين 150 إلى 200 ليرة، أما كيلو الليمون فقد ارتفع من 350 ليرة في الموسم الشتوي إلى 750 ليرة حالياً ما دفع العديد من المواطنين السوريين للاستغناء عنه واستبداله بـ "حمض الليمون".
اللحوم الحمراء والبيضاء لا زالت خارج المائدة
لم تمنع العشرات من ضبوط وزارة التموين اليومية الموجهة ضد اللحامين من الحد من الغش في اللحوم، فما زالت الأسواق السورية ممتلئة باللحوم المغشوشة.
ولكن خبراً كهذا قد لا يعني نسبة كبيرة من الشعب السوري الذي بات مضطراً للاستغناء عن اللحوم الحمراء والبيضاء مع ارتفاع أسعارها أيضاً لنحو 1000 ليرة للحوم الحمراء و200 ليرة للحوم البيضاء.
حيث ارتفع سعر كيلو لحم الضأن من 6000 إلى 7000 من بداية العام للآن، وارتفع سعر كيلو الفروج الحي من 700 إلى 1000 ليرة، أما المأكولات البحرية فلن تخطر على بال المواطن حتى في أحلامه بعد أن بلغ متوسط سعر كيلو السمك نحو 6000 ليرة سورية.
المواد التموينية والأجبان والألبان
لم تسلم المواد التموينية من موجة الغلاء التي طالت جميع السلع في البلاد، ووفقاً لمؤشر السلع لموقع "بزنس 2 بزنس سورية" فقد حافظت تلك المواد على استقرار أسعارها منذ بداية عام 2018 للآن، وتراوح سعر كيلو الرز المصري والإسباني ما بين 400 إلى 600 ليرة، أما كيلو البرغل فقد بلغ سعره 450 ليرة، وعلبة السمنة ذات الـ 2 كيلو بـ 7500 ليرة، أما كيلو السكر بنحو 300 ليرة سورية.
من جهة أخرى، لا زالت ربطة الخبز تحافظ على سعرها 50 ليرة سورية، ولكن مع تدهور جودة الرغيف لأدنى مستوى، فأصبح المواطن مضطراً لشراء الخبز السياحي الذي يباع بـ 350 ليرة سورية.
وبالنسبة للألبان والأجبان، لم تسجل تغيراً ملحوظاً في أسعارها منذ بداية العام الحالي، وبلغ سعر كيلو الحليب 250 ليرة، وكيلو اللبن 500 ليرة، أما اللبنة والجبنة بأنواعها المختلفة فقد تراوحت أسعارها ما بين 700 إلى 2700 ليرة سورية.
المواطنون: اضطررنا للاكتفاء بوجبة واحدة!
يقول محمد (موظف) لـ "بزنس 2 بزنس سورية" إنه قرر تقليل وجباته اليومية كأحد الحلول لمواجهة غلاء السلع، "لكن على الرغم من ذلك لم نسلم من العجز والديون الثقيلة"، ويؤكد "كنا نحصل على غذائنا كاملاً في ثلاث وجبات، لكن بعد موجة الغلاء في ظل الحرب اضطررنا للاكتفاء بوجبتين أو واحدة في بعض الأحيان".
ولا يختلف عن ذلك وضع سائق التاكسي إسماعيل، إذ يشكو في حديثه لـ "بزنس 2 بزنس سورية" تدهور وضعه المعيشي، ويقول إنه يصرف نصف دخله اليومي على سيارته من بنزين وجبايات مرورية ارتفعت هي أيضاً، بينما يسخر النصف الآخر للمصروف المنزلي، "حيث لا يكفي لربع الاحتياجات الضرورية".
التجار: لسنا مسؤولين عن ارتفاع الأسعار
يؤكد التجار بالأسواق في حديثهم لـ "بزنس 2 بزنس سورية" أنهم ليسوا السبب في ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الجنوني، وإنما السبب هو جشع التجار الكبار" الحيتان" الذين يتحكمون في الأسعار لصالحهم و "يبيعوننا بأسعار مرتفعة ويتركون لنا الاحتكاك المباشر مع المستهلك الذي يتهمنا بالجشع والاستغلال رغم أننا ضحايا مثلهم حيث يقل هامش الربح كلما ارتفعت الأسعار".
أما الجهات المعنية متمثلة بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك فتؤكد أنها تبذل جهداً كبيراً لضبط الأسعار في الأسواق، وتدعو المواطن الذي يشعر بالغبن عند تسوقه للشكوى عبر مديريات حماية المستهلك أو عبر تطبيق عين المواطن، مبينة استعدادها لاتخاذ الاجراءات المطلوبة بشكل فوري.
فيما يشتكي السوريون من تواصل ارتفاع أسعار المواد الأساسية، ويرون في ذلك "تكذيباً لما يروجه بعض المسؤولين عن تمسك الحكومة بسياسة دعم المواد الغذائية واسعة الاستهلاك".