
نقلت صحيفة «الوطن» عن مصادر مطلعة في شؤون الجهاز المركزي للرقابة المالية أن وجهة نظر الجهاز للمرحلة الحالية والقادمة فيما يتعلق بالإصلاح وتطوير العمل في قطاع الجهاز تتلخص بوجوب تحديد هدف معين والوصول إليه من خلال الإجراءات الإصلاحية وعدم التصرف بشكل غير مدروس (خبط عشواء) بمعنى الرجوع إلى القانون الناظم لعمل الجهاز المركزي للرقابة المالية والاطلاع على التفاصيل الموجودة فيه كافة وفي حال وجد خلل أو نقص أو حتى خطأ في هذا القانون يصار إلى تعديله وإضافة ما هو ناقص واستكمال مسببات نجاحه
أو حتى إلغائه ووضع مشروع قانون جديد بدلاً منه، يناقش ويدرس ويستوفي الشروط المطلوبة كافة، أما في حال كان القانون نموذجياً أو في أفضل الأحوال جيداً فيجب البحث عن أسباب أخرى لتراجع العمل وضعف الأداء، من خلال تحديد مسببات هذا التراجع والتي قد يكون منها على سبيل المثال عدم لحظ بعض الحالات ضمن مواد القانون أو قصور نصوصه عن تشميل الحالات كافة التي تعترض العمل في الدوائر والمؤسسات فيتم إضافة هذه النصوص وتعديل الموجود منها بما يتلاءم مع حاجات العمل، أو عدم وجود تدريب أو تأهيل للموظفين فيصار إلى تأهيلهم وتدريبهم وإكسابهم المهارات اللازمة، أو يمكن أن يكون سبب تراجع مستوى العمل نقص أو ضعف الإمكانات المادية للموظفين (سواء لسورية الأجور أم بالنسبة للتعويضات والحوافز الممنوحة لهم بالنظر إلى خصوصية عملهم) فيصار إلى دراسة هذه الناحية وتحديد تعويضات تكون مجزية وكفيلة بقيام الموظف بعمله حرفياً دون نقصان.
المصادر أكدت وجهة نظر أخرى غاية في الأهمية يجب أن تلحظ في عمل الجهاز وهي استقلالية الجهاز والتخلص من التشابكات التي خلقتها الحكومة السابقة في عمله بالنظر إلى التدخلات الكثيرة التي عاناها الجهاز سابقاً في حكومة عطري ما أفرز عقبة من العيار الثقيل في اتخاذ القرار تجاوزه الجهاز نفسه بتدوين الرأي والقرار الواضح والصريح وفقاً لما تنص عليه القوانين واللوائح والأحكام الناظمة لعمل الجهاز ورفعه لرئيس مجلس الوزراء، ومن ثم يكون الجهاز قد أبدى رأيه واتخذ قراره وفق القانون، والحكومة حرة فيما تتخذه من قرارات مغايرة أو مناقضة أو (للتريث) أو (للحفظ) على مسؤوليتها وحدها، أما ما قيل سابقاً وتناولته بعض الوسائل الإعلامية من مشاريع مختلفة بانتظار الجهاز المركزي للرقابة المالية فتارة دمجه مع الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش وتارة أخرى تحويله إلى هيئة لمكافحة الفساد، حيث توضح المصادر أن التطوير والإصلاح لا يكون بالدمج والإلغاء والتحويل فقط لمجرد الدمج والتحويل دون نتائج حقيقية بل لا بد من آثار إيجابية يخلقها هذا التحول، ومن الأجدى لتطوير عمل الجهاز متابعته لعمله وتقييم هذا العمل، مع الأخذ بالحسبان أن الجهاز المركزي للرقابة المالية من أقدم الأجهزة الحكومية في سورية، بل قبل أن تصبح الجمهورية العربية السورية، حيث يعود إلى الدستور المؤقت لسورية في عام 1919، كما تم إقراره لاحقاً في دستور عام 1930 حينما سمي ديوان الرقابة والمحاسبة، مع الأخذ بالحسبان أن جهاز الرقابة المالية موجود في كل دول العالم دون استثناء، حيث في العالم منظمة تدعى (المنظمة العالمية لأجهزة الرقابة المالية) ومقرها في النمسا ورئيسها الحالي بلجيكي الجنسية، ولا تتبع لمنظمة الأمم المتحدة بل هي مستقلة وترسم سياسات الرقابة المالية في دول العالم وسورية عضو فيها بطبيعة الحال، إضافة إلى المنظمة العربية لأجهزة الرقابة المالية ومقرها في تونس، وترسم سياسات الرقابة المالية في الوطن العربي ولا تتبع أو ترتبط بجامعة الدول العربية، وهما منظمتان مستقلتان تماماً وترسمان السياسات الرقابية في النواحي المالية فقط ولا دخل لها بالسياسة أو أي نواح أخرى ضمن الدول سواء عربية أم أجنبية.
أما تبعية أجهزة الرقابة المالية في دول العالم ومنها سورية فتوضح المصادر المطلعة بأن بعض هذه الأجهزة يرتبط بالسلطة التنفيذية أي الحكومة (مجلس الوزراء) على حين يرتبط بعضها الآخر بالسلطة التشريعية ممثلة بالبرلمان (مجلس الشعب)، وفي كثير من دول العالم تكون أجهزة الرقابة المالية فيها مرتبطة برئيس الدولة، على حين إنها في سورية ترتبط برئيس مجلس الوزراء، ومن ثم فهناك اختلاف في المرجعيات التي تتبع لها أجهزة الرقابة المالية.
وتضيف المصادر: إن من أبرز معوقات عمل الجهاز حالياً هي عدم وجود مقر له، حيث تتشرذم مديرياته وأقسامه في أربعة مقرات أحدها مملوك للجهاز على حين أن المقرات الثلاثة الأخرى هي مقرات مستأجرة، ومن ثم وعند إتمام إحدى المعاملات أو أحد الملفات يجب تسيير الملف إلى المديرية التالية المعنية به التي تكون خارج المقر فتستغرق وقتاً ونفقات محروقات وجهداً من الموظفين حتى تتم العاملة الواحدة، ما يفرز معوقات إضافية أمامه، لا بد من لحظها وتجاوزها.