ترددت في الآونة الأخيرة دعوات إلى استبدال العملة السورية بطبعة جديدة، بحجة رفع قيمة العملة المحلية. وفي هذا السياق ينبغي استعراض مزايا ومساوئ إجراء كهذا ليعيها الجمهور ويأخذها صانع القرار (لعله) في الحسبان.
تلجأ السلطات النقدية أحياناً إلى استبدال العملة المحلية لعدة أسباب يأتي في مقدمتها حماية الاقتصاد الوطني من الآثار السلبية للمضاربات التي تجري على العملة المحلية في الأسواق الخارجية أو للتخلص من كميات كبيرة من العملة المزورة المطروحة في الخارج أو لإظهار هيبة الدولة وسيادتها على عملتها الوطنية.
لكن لهذا الإجراء آثار سلبية عديدة أولها الأثر النفسي السلبي الذي سيتركه الإعلان عن النية باستبدال العملة، والذي سيدفع حتماً بقيمة العملة المحلية إلى مزيد من الانخفاض (حيث سيؤدي هذا الإعلان إلى عرض كبير من الليرات السورية في الأسواق الخارجية خشية عدم القدرة على تبديلها)، كما أن إجراء كهذا لن يجلب العملة الصعبة إلى سورية بل سيدفع المضاربين في الخارج إلى إعادتها إلى سورية للتبديل ومن ثم استرجاعها لاحقا. أضف إلى ذلك التكاليف المرتبطة بعملية الاستبدال (إتلاف العملة القديمة، طباعة العملة الجديدة، تكاليف انشغال المصارف وموظفيها بتبديل العملة وغيرها) والتي من الأجدى أن تصرف على مجالات أخرى، وكذلك يجب ألا ننسى الضرر الذي سيلحق بالمواطنين الذين ربما يفشلون في استبدال ما لديهم من عملة إما لبعدهم الجغرافي أو لعدم علمهم بالاستبدال.
إن تجارب الدول العربية السابقة في استبدال عملاتها (العراق، السودان) ليست بالمشجعة، كما أن الصعوبات الكثيرة التي تواجهها السلطات النقدية في طباعة كميات إضافية من العملة، فضلاً عن استبدالها بالكامل، يجعل هذا الطرح برمته محل شك. لذا فإن اتخاذ أي قرار في هذا الإطار ينبغي أن تسبقه دراسة جدوى اقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية ونفسية للآثار التي ستنجم عنه حتى لا نشهد فوضى نقدية تفقد المواطنين ثقتهم بالليرة السورية وتهدر ثروة الوطن.
د. سليمان موصلي ـ الوطن