تبقى الودائع واحدة من أهم بيانات المصرفية، فهي تعكس علاقتها مع السوق، وقد بلغ إجمالي الودائع في المصارف الخاصة العاملة في السوق السورية البالغة عددها 14 بنكاً بنهاية عام 2019: 1464 مليار ليرة وذلك سواء لودائع الزبائن، أو ودائع المصارف لدى بعضها البعض، حيث ودائع الزبائن هي الكتلة الأساسية بحوالي 1130 مليار ليرة.
وتعتبر هذه الكتلة قليلة نسبياً وتحديداً إذا ما قارناها بكتلة الودائع في مصرف واحد من المصارف العامة، وهو المصرف التجاري السوري الذي بلغت كتلة ودائعه 1620 مليار ليرة في منتصف 2019، أي ما يفوق الودائع الموجودة في 14 مصرفاً خاصاً!
الأهم في رقم الودائع هو تغيّره السنوي، وهي لم ترتفع إلا بمقدار 22 مليار ليرة بحسب صحيفة قاسيون المحلية، وزيادة لا تتعدى 2% بين عامي 2018- 2019، وللمقارنة، فإنها قد ازدادت في عام 2018 بنسبة 14% قياساً بالعام الذي سبقه.
إن هذه الزيادة القليلة في ودائع الأموال في المصارف الخاصة خلال عام 2019 وعدم تدفق الأموال من السوق إلى المنظومة المصرفية، يعكس جانبين اقتصاديين عامين: فيدلّ بالدرجة الأولى على ركود واسع، لأن تراجع توسّع الودائع يعكس عدم توسّع الأعمال النظامية على الأقل، فالعملاء الكبار يودعون أموالاً إضافية في المصارف لتسيير أعمالهم الاقتصادية، وليس طمعاً في الفوائد!
كما يدل عدم التوسع في الودائع بالدرجة الثانية على لجوء السوق إلى طرق أخرى لحفظ المال خوفاً من تراجع قيمة الودائع المودعة بالليرة تحديداً في المصارف، أو تقييد حركتها، كما حصل في عام 2020 عندما تمّ إصدار قرار بتجميد عملية الإقراض وتقييد تحريك الأموال لفترة طويلة.
يمكن القول: إن المصارف الخاصة لم تشهد إضافة أية أموال من السوق تقريباً، ونسبة 2% قد لا تتعدى فوائد هذه الودائع التي يتركها أصحابها ويضيفونها إلى أرصدة ودائعهم الأصلية.
الربح ازداد بنسبة 118%!
المفارقة، أنّ هذا لم ينعكس تراجعاً في أرباح المصارف، بل على العكس ازدادت أرباح المصارف الصافية في 2019 بالمقارنة بالعام السابق بنسبة هامة، حيث ازداد الربح الصافي للمصارف بنسبة 118% من 14 مليار ليرة في عام 2018 وصولاً إلى 30,6 مليار في 2019، وسجّل مصرف واحد خسائر وهو بنك سورية والخليج بينما سجلت ثلاثة بنوك في 2018 خسائر: الأردن، سورية والخليج، والبنك العربي.
وهذه الأرباح هي أرباح تشغيلية بجزء هام منها، أي من دخل الفوائد والعمولات، وجزء هام منها أيضاً من ريع رؤوس الأموال المتداولة خارج سورية، حيث تودع المصارف أرصدة وودائع عديدة في المصارف الخارجية تحصل على دخل منها.
وقد بلغت نسبة الدخل التشغيلي من الخارج 27% تقريباً من مجموع الدخل التشغيلي للمصارف الخاصة في 2019، ومبلغاً قارب 17 مليار ليرة.
تختلف البنوك بمستوى دخلها الآتي من الخارج، فتصل في بنك قطر إلى نسبة 64% من الدخل التشغيلي، وفي بنكي سورية والمهجر، وسورية والخليج إلى 44%، وفي بنك البركة (وهو أكثر البنوك ربحاً) إلى نسبة تقارب ربع الدخل التشغيلي.
وبالعموم، فإن جزءاً هاماً من دخل هذه المصارف يأتي من تعاملاتها مع الفروع الأم في الخارج، ومن إيداع أرصدتها وودائعها وتشغيلها في الخارج، حيث تمتلك الفروع الأصلية للبنوك نسبة تقارب 49% وسطياً من الملكية (كوسطي لثمانية من البنوك العاملة).
ضرائب أقل من 6 مليار ليرة
تدفع المصارف ضرائب دخل أرباح على ربحها التشغيلي داخل البلاد بنسبة 25% من الدخل، وتدفع ضريبة ريع رؤوس أموال متداولة تأتي بالدرجة الأولى من أنشطتها في الخارج تقارب نسبة 7,5%. ولكن بالمجمل، فإن بيانات المصارف تشير إلى أن الكتلة الإجمالية المدفوعة كضرائب في هذا العام لا تتعدى 5,9 مليار ليرة من مجموع 158 مجمل الدخل التشغيلي قبل خصم مصاريف منه.