يمسك الرجل الستيني بالأغصان المحروقة من أشجار البرتقال و الليمون بفعل النار ويقول بتأثر"هذا أسوأ ما يمكن أن يحصل معنا بعد الحرب، نحن منكوبون، خسرنا كل شيء دون أن يسأل عنا أحد، فالحكومة نسمع تصريحاتها ولا نرى مسؤوليها إلا عبر القنوات الرسمية".
مدير الزراعة: معظم موسم الحمضيات تضرر
مساحات واسعة من أشجار الليمون والبرتقال والزيتون تروي الكثير عن فخر زراعات الساحل السوري، المتميزة باخضرارها وكثافة ورقها ووفرة ثمارها. وتقدّر مصادر في محافظة اللاذقية - المنتج الأول للحمضيات- الإنتاج المتوقع لهذا الموسم بما يزيد على مليون ومئة ألف طن من الحمضيات المتنوعة، قبل الحرائق.
المهندس منذر خير بيك، مدير الزراعة في اللاذقية، قال بحسب ما نشرته " وكالة آسيا للأنباء" أن إنتاج الحمضيات في سورية نحو مليون طن سنوياً تزيد أو تنقص قليلًا حسب المواسم والأمطار والعوامل الجوية، حيث يقدر هذا الإنتاج بـ 1% من الإنتاج العالمي السنوي من الحمضيات البالغ 100 مليون طن في كل عام".
وتقدّر إحصاءات وزارة الزراعة السورية أن نحو 65 ألف أسرة سورية تعمل في زراعة الحمضيات، وتبلغ المساحة الإجمالية المزروعة بالحمضيات في سورية نحو 35 ألف هكتار، تحتوي هذه المساحة عن 13 مليون شجرة، منها 11 مليون شجرة تثمر سنوياً، وما يميز الحمضيات السورية أنها خالية من الهرمونات، وتعتمد في نضوجها على العوامل الطبيعية، و"لكن معظمها تضرر واحترق" بحسب مدير الزراعة .
محافظ اللاذقية: 30 ألف عائلة تضررت
محافظ اللاذقية، إبراهيم خضر السالم، أكد في تصريحٍ لوكالة أنباء آسيا أنّ عدد العائلات المتضررة من الحرائق الأخيرة وصل إلى 30 ألف عائلة في 143 قرية تتبع لمناطق القرداحة، وجبلة، واللاذقية، والحفة .
وبيّن السالم، أن "الحرائق طالت منازل المواطنين في بعض القرى، ما اضطرهم إلى هجرها مؤقتاً، والانتظار في أقرب مكان آمن، كما ألحقت الحرائق أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية" .
الزيتون أصابه ما أصاب الحمضيات، نكبةٌ كبيرة حلّت بمزارعي الزيتون في الساحل، بعدما كان جزءاً أساسياً من أرزاقهم، ومن ثروات سورية الزراعية، وهي التي احتلت المرتبة الثانية عربياً، بعد المغرب في إنتاجه.
ولكن حرق كروم الزيتون قبل قطاف الزيتون مباشرة جاء ليضرب توقعات الأهالي والحكومة بموسم جيد لهذا العام، حيث أكد وزير الزراعة حسان قطنا أن الخسائر الأولية في محافظة طرطوس تقارب 2500 دونماً مزروعة بالزيتون، إضافة لأضرار بسيطة في البيوت المحيطة.
أما بالنسبة لمحافظة اللاذقية "فأضرار كبيرة طالت أشجار الزيتون والحمضيات، ما بين 600 و700 دونماً، إضافة لحرق 600 هكتار في موقع حراجي واحد أكلتها النيران، لافتاً إلى أن غابات اللاذقية تشكل 31% من مجموع غابات سورية، وتعتبر الأغنى من ناحية التنوع الشجري والحيواني، لذلك سيكون هناك خطة متكاملة لإعادة تشجير هذه الغابات" .
وأضاف قطنا: "تم تشكيل لجنة رئيسية برئاسة المحافظ في كل محافظة، ولجنة مركزية على مستوى مدير الزراعة والفنيين التابعين له على مستوى كل منطقة إدارية، وتشكلت أيضا لجنة من الفعاليات الموجودة فيها، إضافة إلى تشكيل عدد كبير من المجموعات على المستوى المحلي لحصر كل الأضرار سواء على المواقع الحراجية أو المنازل أو الأشجار المثمرة"
إحصائيات وهمية!
وفي الوقت الذي تقدر وزارة الزراعة الأضرار بأنها هائلة، يؤكد د. أمجد بدران، الخبير في وزارة الزراعة، أن "نسبة الأضرار التي طالت أشجار الزيتون لا تتعدى 2% من العدد الكلي للزيتون في الساحل، وأن ما يروج له يهدف إلى رفع أسعار المحاصيل الناجية من الحريق لا أكثر" .
لافتاً إلى أن "الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون تقدر بـ 43 ألف هكتار، وأنه بحسب كلام الوزير فإن الأضرار تقدر بحوالي 600%، أي أن النسبة لا تقدر ب 1ونصف %، لذلك علينا أن نفرق بين الأذى لبعض الفلاحين الذي طال كامل رزقهم، وبين الأثر العام ، والذي يمهّد لرفع سعر زيت الزيتون على مستوى البلد".
ضرب الأمن الغذائي ..
تعتبر شجرة الزيتون مصدر رزق لكثير من أهل الساحل، بحسب ما أشار إليه المحلل الاقتصادي د. سنان علي ديب، حيث تشكل شجرة الزيتون ما يقارب 66% من إجمالي الأشجار المثمرة في سورية، وتغطي ما يصل إلى نحوِ 11.5% من المساحة المزروعة فيها .
ويبدو أن الحرائق سبقت حركة الحكومة البطيئة وخططها المتأخرة، فأودت بأرزاق وآمال عشرات الآلاف من المزارعين الذين تجاهلتهم حكومتهم لعقود، ثم جاءت الحرائق لتنهي ما بدأته الحكومة.