كمدينتها، تنام زهور دمشق بذراً تحت ترابها، حتى يخطر لإحداها أن تستيقظ، فتتمطى وتدفع شتلةً مبهرة نحو ضوء الشمس، فيما تضرب بجذورها الأرض.
تتجهز الورود التي لم تكف عن الاستعداد لتكون جميلة بانتظار هذا اليوم، فتنشر أريجها للمرة السابعة والثلاثين في أروقة حديقة تشرين وسط العاصمة السورية دمشق مع انطلاقة معرض الزهور الدولي.
يجمع معرض الزهور عيون الكبار والصغار المفتوحة على اتساعها من الدهشة، في الحدث السياحي البارز الذي يستعرض أجمل منتوجات نباتات البلاد، وأهم أساليب تنسيق الزهور، التي تشارك بها شركات محلية وعربية ودولية، بالإضافة إلى المشاتل الخاصة، ومنتجي العسل والأعشاب، ودور النشر المتخصصة بعلم النباتات، وبعض الجمعيات الأهلية.
تتأمل ريماس كيالي (9 سنوات) الزهور باستغراب، تلاحق الفراشات التي تزين الرياحين، تتأمل الصباريات التي تستمتع بأشعة الشمس، وكالكثير من رواد المعرض؛ تكتشف في كل خطوة شيئاً جديدة.
تتحدث الطفلة لـ "سبوتنيك" عن سعادتها بالتواجد ضمن فعاليات المعرض، فتقول: "زرت المعرض لأشاهد الزهور الملونة والجميلة، وأدعو الجميع لزيارة المعرض باستمرار، والتمتع بألوان قوس القزح في وريقات الأزهار".
وبرغم الحصار الاقتصادي الخانق، وتدني الوضع المعيشي، إلا أن منتجي البذور تمكنوا من تطوير عملهم ومضاعفة إنتاجهم، بحسب ما بين صاحب شركة مملكة البذور، يحيى بركات، في حديثه لـ" سبوتنيك ".
وأوضح بركات: "أنتج بذوراً بلدية لكنها أجنبية الأصل، وأنتج بعض أنواع البذور بكميات مضاعفة، كبذور الفريز التي كنت أنتج منها كيلو غراماً واحداً، فيما أقدم اليوم 50 كيلو، ولدي أيضاً العديد من الأصناف الجديدة لبعض النباتات كالفجل، وأزرع أنواعاً جديدة محلياً كالبروكلي".
ويتابع: "أحاول جلب البذور وزرعها محلياً لتقديم سعر مناسب للجميع لأشجع الزراعات المنزلية التي أعتقد أن الاعتناء بها كالاعتناء بطفل صغير".
وكما جميع مناحي الحياة، لم يسلم إنتاج الزهور من آثار الحرب التي خيمت على البلاد، فتسببت بعقبات في وجه مصدري الزهور بدءاً من إغلاق المعابر، إلى التصدير عبر مدن وسيطة كبيروت ومرسين، وليس انتهاءً بتصدير الزرعات بدون تربة عبر كراتين، وفقاً لرئيس منتجي النباتات والازهار في اتحاد المصدرين السوريين، المهندس محمد الشبعاني.
كشف الشبعاني عن تصدير كميات كبيرة من النباتات السورية إلى العديد من الدول رغم الحصار، كالسعودية وقطر وتركيا والعراق، مؤكدا أن ميناء مرسين على البحر المتوسط يعد نقطة انطلاق نحو أسواق أخرى.
وأشار رئيس منتجي النباتات والازهار في حديثه لـ "سبوتنيك"، إلى أن أحد سلبيات الحصار هو وجود شهادات منشأ أخرى تنسب إليها النباتات السورية، كما أن ارتفاع تكاليف التصدير البري أو الجوي يشكل عائقاً أمام المصدرين.
تودع الطفلة ريماس معرض الزهور، وتغرق في حلم طويل فيما تبدأ بعدّ الأيام لزيارته من جديد في دورته القادمة، لتستمتع مجدداً بعذوبة زهوره تحت أشعة الشمس.
سبوتنيك - فاطمة عمراني