خاص B2B-SY
يواجه مزارعو التبغ في محافظة طرطوس من الإهمال، علماً أن هذا المحصول الذي لم يعتبر لغاية اليوم استراتيجياً يحقق أرباحاً خيالية لا ينوبهم منها إلا الفتات، رغم تعبهم وجهدهم، الأمر الذي يضع هذه الزراعة على محكّ البقاء والاستمرار.
حيث اشتكى مزارعو التبغ في طرطوس من تدني أسعار محصولهم المسعر من قبل المؤسسة العامة للتبغ، وارتفاع أسعار الأدوية والأسمدة اللازمة لزراعته.
وقال أحد المزارعين إن المؤسسة حددت سعر شراء التبغ بـ 6500 ليرة للكيلو، وهي التسعيرة الجديدة التي اعتمدتها المؤسسة لهذا الموسم، في حين يباع الكيلو في السوق بـ 50 ألف ليرة وارتفع إلى 70 ألف ليرة للنوع الممتاز المزروع في منطقة القدموس، وفقاً لصحيفة الوطن المحلية.
وأضاف أن تسعيرة المؤسسة غير منطقية ولا تمت للواقع بصلة وهي أقل من السعر الحقيقي في السوق بنحو 10 أضعاف، متسائلاً: "هل حسبت المؤسسة أسعار الشتول والأسمدة والأدوية والخيوط والنايلون وأجور النقل وضمان الأرض؟ هل من المعقول أن تبلغ الكلفة لديهم مع الربح 6500 ليرة وللصنف الممتاز؟".
بالمقابل لفت مزارع في منطقة الشيخ بدر إلى أن التاجر يشتري كيلو التبغ (ورق) بـ 17 ألفاً ويعود ليفرمه ويبيعه بـ 50 إلى 60 ألف ليرة، علماً أن كل 15 كيلوغراماً من التبغ الورق يعطي 8 كيلوغرامات من الدخان فقط، متسائلاً: "كيف تريد المؤسسة منا أن نبيعه بـ 6500 ليرة فقط؟".
وأشار أحد مزارعي القدموس لـ " الوطن" إلى أن كلفة الكيلوغرام تصل إلى 12 ألف ليرة والمزارع اعتاد أن يعيش على ثمن الموسم طوال العام لكساء أبنائه وإطعامهم.
بدوره، لم يخفِ محمد حسين رئيس اتحاد فلاحي طرطوس وجود الكثير من الصعوبات التي تواجه المزارعين، أهمها قلّة الأسمدة، بل انعدامها في بعض الأحيان وذلك للسنة الثانية على التوالي، وغلاء المبيدات الحشرية وكذلك الأدوية الزراعية، وارتفاع أجور الأيدي العاملة وعدم تناسب الجهد المبذول مع تسعيرة المؤسّسة العامة للتبغ.
بالإضافة لارتفاع سعر الأسمدة العضوية وقلّة الحصول عليها، عدا عن تأثير المتغيّرات المناخية كسقوط حبات البرد والحرارة التي كثيراً ما تكون مدمّرة للمحصول.
وبين حسين لصحيفة ”البعث” أن تكلفة إنتاج الكيلو الواحد من التبغ تصل لأكثر من 12,300 ليرة، في حين تحدّد المؤسسة سعره فقط بـ4000 ليرة في أحسن الحالات وهذا فيه ظلم للمزارع.
وأشار إلى أن كلفة الدونم الواحد ولكي يعطي إنتاجاً مقبولاً تصل إلى أكثر من نصف مليون ليرة بحسب ما يتمّ تخديم الأرض وتوفير ما تحتاجه من مستلزمات زراعية مختلفة.
ورداً على سؤال “البعث” حول العلاقة مع مؤسّسة التبغ وكيفية تقييم التنظيم الفلاحي لواقع تسويق المحصول من قبلها وبعض المشكلات المتعلقة بمكافحة “تهريب” المادة خارج حدود المحافظة، أكد حسين أنه يوجد تنسيق ولكن في الوقت نفسه يوجد ملاحظات، ومنها عدم قيام تسويق الموسم وترك المزارع لقدره!.
وبالنسبة لتهريب المادة خارج حدود المحافظة، بيّن أن الجهات المكلفة بذلك متعدّدة، وأن أرقام التغريم كبيرة، فالمزارع الذي يتمّ ضبطه وبحوزته بضعة كيلوات من التبغ، سواء على دراجته أو سيارته، يتمّ كتابة ضبط بوزن المضبوط مضروباً بثلاثة، فمثلاً يحسب سعر الكيلو المضبوط بـ49 ألف ليرة وبالتالي يصبح سعره 147 ألف ليرة!.
وهنا سأل رئيس اتحاد فلاحي المحافظة: هل بيع المادة ونقلها خارج حدود المحافظة يعتبر تهريباً طالما المؤسّسة لم تقم باستلام المحصول من المزارع وتركه يتصرف فيه في ظل الحديث عن وجود فائض بالإنتاج؟!.
وبالنسبة لمستقبل زراعة التبغ في المحافظة لم يبدِ حسين تفاؤلاً كبيراً، بل توقع زوالها إذا ما بقيت العلاقة الحالية على حالها بين مؤسّسة التبغ والمزارع، حيث لا يوجد دعم لا أثناء الزراعة ولا في موسم التسويق.
وتقدر المساحة المزروعة بالتبغ في محافظة طرطوس لهذا العام بنحو 20 ألف دونم، موزعة بمعظمها من نوع (شك البنت) إضافة إلى بعض التنباك وهي موزعة في قرى طرطوس وبانياس والقدموس والشيخ بدر، بكمية إنتاج مقدرة بنحو 800 طن، وفقاً للمؤسسة العامة للتبغ.
ورغم أن "المؤسسة العامة للتبغ" رفعت في نهاية أيار الفائت سعر شراء التبغ من المزارعين لتشجيع زراعته فإن المزارعين ما زالوا يعتبرون السعر قليلاً جداً مقارنة بتكاليف الأسمدة والمازوت وبقية مستلزمات الإنتاج يضاف إليها حجم الجهد المبذول
أخيراً وفي ظل هذا الواقع غير الجيد لزراعة التبغ ومن يعمل بها، يبدو أن زراعتها مهدّدة بالزوال طالما ظل الدعم الحكومي خجولاً للمزارعين الذي يتكبدون نفقات كبيرة أثناء الزراعة ويظلمون في موسم التسويق كون الأسعار لا تتناسب والنفقات.
لذلك يأمل المزارعون من المؤسّسة العامة للتبغ أن تنتهج سياسة زراعية وتسويقية واضحة وعادلة تأخذ بالاعتبار ظروف هذه الزراعة البعلية بالمقام الأول والكلفة الحقيقية للإنتاج.
بالإضافة إلى أن تعمل على توفير كافة مستلزمات الزراعة من أسمدة ومبيدات مع تأمين هامش ربح ملحوظ للمزارع يضمن له العيش الكريم