خاص B2B-SY
يشهد سوق العقارات في سوريا ارتفاعا هائلا في الأسعار، على الرغم من انخفاض الدخل والقوة الشرائية للمواطنين، ما تسبب باستحالة التملك للطبقات الوسطى والفقيرة، وحصرها بالطبقات المتنفذة وشديدة الثراء.
تقرير لموقع "أثر برس" المحلي، أشار إلى أن محافظة اللاذقية، شهدت ارتفاعا جنونيا بأسعار العقارات خلال سنوات الأزمة، وكانت كلمة السر وراء هذا الارتفاع غير المبرر هي "ارتفاع الأسعار عالميا"، علما أن ارتفاع الأسعار لم يقتصر على تجار مواد البناء فقط، وإنما انسحب إلى عدد من أصحاب المكاتب العقارية، الذين اتبعوا المثل الشعبي "ما حدا أحسن من حدا"، الذين لعبوا الدور الكبير في عملية البيع والشراء.
وفي هذا السياق، ارتفعت أسعار العقارات عاليا، حيث أصبح شراء المنزل ضربا من المستحيل، بعد أن كان في السابق حلما بالنسبة للغالبية العظمى، التي اعتقدت للوهلة الأولى عندما سمعت الأرقام المطلوبة، أنها تشتري منزلا في باريس أو في لندن، وليس في اللاذقية، حيث يقارب سعر المنزل في الكورنيش الجنوبي من المدينة المليار ليرة، في الوقت الذي يرى فيه خبير عقاري، أنه لا أحد يستطيع شراء عقار، إن لم يكن في جيبه 50 مليون ليرة على الأقل، بحسب "التقرير".
التقرير، نقل عن أحد أصحاب المكاتب العقارية في حي الزراعة بمدينة اللاذقية، أن العقارات تشهد جمودا كبيرا في حركة البيع والشراء، وبالرغم من ذلك فإن العقارات التي تباع في بعض أحياء المحافظة بأسعار فلكية، مدللا على ذلك بالأرقام الكبيرة التي تباع بها المنازل في منطقة الكورنيش الجنوبي، التي تعتبر من أغلى المناطق في المحافظة، حيث يتراوح سعر العقار السكني فيها بين 500-900 مليون ليرة، ويتجاوز المليار ليرة في عدد من الأبنية.
وأضاف يأتي حيا مشروع ياسين والأميركان في الدرجة الثانية بالأسعار المرتفعة، حيث بلغ سعر متر البناء السكني على الهيكل مليوني ليرة، مشيرا إلى أن مساحة العقار، والمزايا التي ترافقه من إطلالة ووجوده ضمن البناء والحي، تلعب دورا كبيرا في رفع سعره.
وأشار، إلى وجود أحياء ضمن مدينة اللاذقية، أسعار المنازل فيها مرتفعة ولكن بفارق كبير عن أسعار أحياء الدرجة الأولى والثانية، كحي المشروع السابع فالأسعار تتراوح فيه بين 150-300 مليون ليرة حسب موقع المنزل وإطلالته وارتفاعه.
أما أكثر الأحياء نشاطا في عملية البيع والشراء، بحسب صاحب المكتب، فيأتي على رأسها حي الزقزقانية، وذلك لقربه من الجامعة، بالإضافة إلى تعدد خيارات أسعار العقارات السكنية فيه، والتي تتراوح بين 60-300 مليون ليرة، حسب العقار وتصنيفه (طابو- على الشيوع- أسهم مالي عقاري).
ووفقاً لأحد أصحاب المكاتب العقارية، فإن اختلاف الأسعار يعود إلى اختلاف المنطقة، فسعر متر البناء يختلف بحسب المنطقة، والترخيص والتصنيف، مشيرا إلى أن سعي الكثير من مالكي الأموال المجمدة إلى استثمار أموالهم في شراء عقارات وتأجيرها، ساهم بشكل كبير في زيادة أسعار العقارات.
وأضاف، أن الكثيرين يعتقدون أن ارتفاع الأسعار سببه طمع أصحاب المكاتب العقارية الذين يتقاضون عمولة مبالغا فيها، لكن الحقيقة أن أصحاب العقارات أصبحوا أكثر طمعا من أكبر تاجر عقارات في المحافظة، وما يجري في اللاذقية من ارتفاع بالأسعار ينطبق على العديد من المحافظات السورية.
وفي سياق متصل، فإن ارتفاع أسعار المنازل برأي تجار البناء، مقبول إذا ما قورنت بالأسعار الفلكية للأراضي، إذ يؤكد أحد تجار البناء للموقع، أن أصحاب الأراضي ينتهزون حقيقة أنه لا توجد في المحافظة أراض صالحة للبناء ضمن المخطط التنظيمي، ما أدى إلى ارتفاع سعر متر البناء وغلاء العقارات بشكل عام، وخاصة في المناطق المنظمة.
ونقل التقرير عن الخبير العقاري، فراس سليمان، أن سوق العقارات كبقية أسواق الاقتصاد يخضع إلى قوى العرض والطلب لتحديد سعر العقار بيعا وشراء من جهة، وأسعار الإيجارات من جهة أخرى، مؤكدا، أنه لا يستطيع أحد أن يشتري منزلا على الهيكل في أطراف المدينة إذا لم يكن في جيبه على الأقل 50 مليون ليرة.
ولفت سليمان، أنه كلما ارتفع الطلب على العقارات ارتفعت أسعارها، وكلما انخفض تراجعت الأسعار، مؤكدا أن الوضع تغير منذ عام 2013، حيث حدث ارتفاع مطرد لأسعار العقارات في اللاذقية، بلغ أضعاف أضعاف ما كانت عليه قبل سنوات الحرب.
بدوره، أوضح الباحث الاقتصادي، سنان ديب، أن قانون الضرائب والبيوع العقارية في ظل عدم تطور القدرة الشرائية كان من أسباب رفع الأسعار، بالإضافة لصدور قرارات متتالية وغير مرنة من المصرف المركزي كرفع الفوائد وحجز الأموال، وزعزعة ثقة التعاطي مع البنوك.
وأشار ديب، إلى أن عدم وجود رؤية صحيحة لقطاع العقارات أوصلها لأسعار تتجاوز التضخم، وتعتبر خيالية وأغلى من دول العالم، موضحاً أن الأسعار لا تعكس التضخم ولا العقلية الصحيحة في المجال التجاري، كما كان لأسعار مواد البناء دور كبير في الغلاء، فقد أدى رفع سعر الإسمنت مؤخرا بشكل مباشر على العقارات، وارتفعت الأسعار حوالي 5 بالمئة.
تقرير سابق لـ"بزنس 2بزنس"، أشار إلى أنه على الرغم من الركود في سوق العقارات السورية، هناك عقارات في منطقة المالكي بدمشق، أغلى من أسعار العقارات في العاصمة البريطانية لندن.
التقرير نقل عن الخبير الاقتصادي، محمد الجلالي، أن تراجع الطلب على العقارات أدى إلى تراجع أسعار السوق، وهو ما تشهده أغلب الدول، في حين أن القيم العقارية لا تزال أقل بنسبة تتراوح بين 20 و30 بالمئة، عما كانت عليه قبل عام 2011، فعلى سبيل المثال، الآن الشقة التي كانت تباع سابقا بمبلغ 100 ألف دولار، قيمتها الحالية 70 ألف دولار، إلا أن المواطن يرى أن سعر العقارات مرتفع لأن دخله بالليرة السورية وليس بالقطع الأجنبي.
وحول حالة التناقض في أسعار العقارات في سوريا، قال الجلالي، إن "أسعار العقارات في مناطق العشوائيات أو الريف تعتبر منطقية وقريبة من التكاليف؛ لكن في المناطق الراقية مثل المالكي وأبو رمانة والتي لا تبعد أحياناً سوى عدة كيلومترات عن مناطق العشوائيات حيث يمكن شراء عشر عقارات أو أكثر بسعر شقة واحدة في هذه المناطق (المالكي وأبو رمانة)، وهذه الظاهرة غير موجودة بأي دولة في العالم”.