في الوقت الذي تواصل فيه الأسعار صعودها الآني، والذي وصل حدّ التغير بين ساعة وأخرى، فيما المواطن لاحول له ولاقوة، تواصل حماية المستهلك إطلاق العنان لتصريحاتها التي باتت مستفزة لدى الجميع لأنها لا تغير من الواقع شيئا بل تزيده سوءا وتعقيدا.
وكشف مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أن تخفيض الأسعار في ظل الظروف الحالية يعدّ أمراً غير واقعي، وأن الوزارة تعمل على تكثيف الدوريات وضبط المخالفات وردعها حرصاً على عدم حصول تجاوزات كبيرة، غير أن واقع الأسعار العالمية وسعر صرف الدولار وغيرها مؤثر حقيقي على الأسعار والتي لا يمكن تخفيضها بناء على النوايا بل على الوقائع الاقتصادية غير الملائمة.
وأشار المصدر إلى أن تقلص القدرة الشرائية للدخل هو واقع عالمي، وأن الكساد التضخمي هو السمة الأساسية للاقتصاد العالمي حالياً، وتداخل المواد المستوردة في المنتجات المحلية يرفع أسعارها، وأن هذا الأمر خارج عن إرادة الوزارة وقدرتها، حتى من خلال مؤسّسات التدخل الإيجابي التي قد تستطيع تخفيض الأسعار للمستهلك بقيمة تصل إلى 10% أو أكثر قليلاً حسب نوع السلعة تبعاً لقبولها بأرباح أقل من السوق.
في السياق، استغرب مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نضال مقصود، ما سمّاه "باللغط" الحاصل حول تعميم الوزارة الأخير الخاص بتداول الفواتير، موضحا أن ما صدر يشير إلى عدم معرفة حقيقية بواقع عمل الوزارة، وواقع تسعير المواد، لافتاً إلى أن التعميم يؤكد على تداول الفواتير النظامية، حيث تقبل الفواتير المقدّمة إلى هيئة الضرائب والرسوم بوصفها بنود التكلفة الحقيقية والتي يضاف إليها هامش الأرباح النظامية، وهي الطريقة المتبعة في تصدير النشرات السعرية نفسها.
وبيّن مقصود أن قرار ما يُسمّى بتحرير الأسعار أو الانتقال إلى السوق الحر ليس من صلاحية الوزارة، وأن الوزارة ملتزمة بالقانون 37 لعام 2010، ولا يمكنها تجاوزه في أي حال من الأحوال، والذي يؤكد على دور الوزارة في العمل على تدفق المواد في الأسواق وعدم انقطاعها، محدداً نظماً وبنوداً واضحة لآلية التسعير لا يمكن تجاوزها.
وأشار إلى أن سرعة تغيّر الأسواق وأسعار المنتجات عالمياً بفعل التضخم العالمي وتكلفة الشحن وغيرها، يرتب زيادات على التكلفة الحقيقية لبعض المواد، وهو ما يضطر التجار إلى عدم طرح المواد في الأسواق بانتظار اجتماع التسعير الأسبوعي لتقديم الفواتير الجديدة وبنود التكلفة الحالية، ما قد يؤثر على تدفق المواد ووصولها للمواطنين، ما دفع الوزارة إلى العمل بالتعميم الجديد، ودعم انسياب المواد إلى الأسواق من التجار بالأسعار الحقيقية من دون تعريضهم للمساءلة.
وأكد مقصود أن دوريات حماية المستهلك تتأكد من مطابقة الفواتير مع الأسعار المعلنة، وعدم السماح باستخدام الفهم الخاطئ للتعميم في تضليل المستهلكين وعرض أسعار غير واقعية، لافتاً إلى أن الوزارة تتأكد بجدية من صحة الفواتير المقدمة، ودقتها، محذراً من محاولة التلاعب بالفواتير وعرض فواتير وهمية أو مزورة ما يعرّض صاحبها للمساءلة القانونية.
ونفى مقصود، لصحيفة البعث، توقيف النشرة السعرية الأسبوعية المستمرة في الصدور أسبوعياً، غير أنها في الوقت نفسه تعمل على تسعير نحو 12 مادة أساسية، بينما تعامل المواد الأخرى بالطريقة نفسها التي صدرت في التعميم، مشيراً إلى أن التعميم يشمل المواد الأساسية أيضاً في حال حصول أية تعديلات على أسعارها ووصول توريدات جديدة بكلف جديدة للتجار، ريثما يتمّ التعامل معها في النشرة السعرية اللاحقة وفق بنود التكاليف المرعية.