لفترة قريبة كانت الوظيفة في كنف دوائر الحكومة حلماً كبيراً يداعب مخيلات الكثيرين وخاصة الخريجين من الجامعات والمعاهد بعد سنوات من التعب والدراسة.. لكن وبعد المفرزات وحالة المتغيرات التي طرأت، فالوظيفة لم تعد مقنعة أو يرضى فيها ذاك الإنسان الحالم بمعيشة وواقع ليس بذلك الواقع الذي يعيشه المواطن اليوم، حيث القلة والفقر وتغير الكثير من العادات وحتى الأنماط والأطباق والطبخات!
وكتب هني الحمدان في صحيفة الوطن قائلا: عشرات بين الحين والآخر يخرجون من دائرة الوظائف العامة تحت حجة أن الوظيفة صارت مخسرة، فلم تعد تكفي جزءاً من احتياجاتهم.. ومع بقاء مسائل معيشية ضاغطة كهذه، ترك البعض وظائفهم عن طريق الاستقالات أو الترك.
وأضاف: في حال استمرت الأوضاع كما هي من استمرار المزيد من الاستقالات أو أي منافذ تقود صاحب الوظيفة لهجرها وتركها خلال المرحلة القادمة مع بقاء الظروف الاقتصادية ضاغطة، فالواقع سيكون كارثياً، في وقت كل التوقعات توحي بتغيرات وخسائر على صعيد فقدان الخبرات والكوادر وامتداد لظاهرة عدم الرضا والاقتناع لدى البعض بعدم نجاعة البقاء في الوظيفة العامة لضعف دخلها.
وتابع الكاتب: الأخطر من حالات الاستقالة المعلنة التي تشهدها معظم الإدارات، هو الاستقالات الصامتة، التي حوّلت العديد من الموظفين وبعض المديرين المغلوب على أمرهم، إلى مجرد أسماء وأرقام في قوائم، هؤلاء انسحبوا، أو عطّلوا فاعليتهم، جراء إحساس عام بالإقصاء، أو الحرد، أو عدم تطابق حسابات الحقل لديهم مع حسابات البيدر، بعد كل قرارات التضييق وتقليل بعض القنوات التنفيعية وربطها بالمدير أو بالشخص «المدعوم» كل ذاك أفرز حالة من الفراغ الذي تعاني منه بعض الإدارات، وفي أماكن أفرز كتلة صغيرة أصبحت تتحكم بعجلة دوران الإنتاج أو القرار الإداري والمالي، مقابل شريحة كبيرة من الموظفين موجودة تتفرج، ولا علاقة لها بما يجري، ما يعني أن بعض الإدارات أو المؤسسات صارت خاسرة، وإنتاجيتها لا تسد قيم رواتب موظفيها..!
وأضاف: بعد اليوم إدارات عدة تفتقد وستفقد الكوادر، سواء على صعيد هجرة الكفاءات وتركها، أم التي استقالت علنا أو بصمت، ومن بقي يجلس اليوم على المدرجات، بانتظار أهداف غير ممكنة أصلاً.
وختم الكاتب بالقول: على الحكومة إلا العمل على كيفية الحفاظ على موظفي إداراتها وتعزيز أصحاب الخبرة والمؤهل، وتشغيل الآلاف المتعطلين بلا فائدة منهم.. أكيد تعرف الحكومة واقعهم وعدم نجاعتهم بشيء يذكر!