تواصل أسعار السلع والخدمات في سوريا ارتفاعاتها المتتالية، ضاربة عرض الحائط قدرات المستهلك الذي لم يعد يلتقط أنفاسه، ولم يقف الارتفاع عند حدود الأسواق، وانتقل إلى رسوم الجامعات مروراً بالاتصالات ومن ثم لرغيف الخبز، ويبدو أن "الحبل على الجرار".
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية، إن الزيادات في الأسعار تتسبب بها ثلاث مجموعات من العوامل، الأولى من الخارج (التضخم المستورد)، والثانية من قرارات رفع الأسعار وبدلات الخدمات التي تفرضها الجهات الحكومية، وأما المجموعة الثالثة من العوامل التي ترفع الأسعار، فهي تشوه قوى السوق والاحتكار وحجب السلع، وبالتالي الخلل الطبيعي والمصطنع بين العرض والطلب.
وأضاف فضلية لصحيفة الثورة: إذا كان التضخم المستورد حقيقة وواقعاً قسرياً يتعلق بأسباب خارجة عن السيطرة لأسباب قاهرة، وإذا كان رفع الأسعار المصطنع في السوق لدوافع الطمع بجني الأرباح الاحتكارية والاستثنائية هو نتيجة سلوكيات مكروهة ومخالفة للقانون تتابعها الجهات الرقابية بالقدر الممكن المحدود، إلا أن المجموعة الثالثة من العوامل التي تتسبب برفع الأسعار هي الأهم والأكثر أثراً كونها صادرة عن الجهات الحكومية وينظر لها المواطن بأنها ترجمة لواقع غلاء حقيقي، وباعتبارها تمس أهم المواد والسلع والخدمات على الإطلاق، مثل المشتقات النفطية والرسوم التعليمية والخبز.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن رفع سعر المشتقات النفطية وأهمها المازوت تتسبب برفع أسعار كل شيء (حتى أجور غسل السيارات)، كما أن رفع الرسوم التعليمية سيطال حتماً القدرة الشرائية لكل العائلات، وأما رفع سعر ربطة الخبز للمستبعدين من الدعم ترك بدوره أثراً فحصة الخبز من إجمالي إنفاق معظم الأسر أصبحت تشكل أكثر من ٥٠% وبالتالي فإن أي رفع لسعره سيؤثر سلباً وبشكل ملموس على قدرتها الشرائية.
وقال فضلية: إن ارتفاع أسعار الأساسيات أعلاه، سواء أكان الارتفاع أو الرفع مبرراً أم لا، فسيؤدي إلى إضعاف القوة الشرائية عموماً، الأمر الذي سيدفع أصحاب الفعاليات إلى رفع أسعار منتجاتهم وبدلات خدماتهم، أي سيؤدي إلى رفع أسعار السلع والخدمات الأخرى، فتسود ممارسات وثقافة الغلاء إلى المستوى الذي يصعب على الجهات الرقابية التحكم بها.
وأضاف الخبير الاقتصادي: عندما تسود هذه البيئة السوقية المشوهة يضطرب الحراك الاقتصادي والإنتاجي والتجاري بما في ذلك أنشطة قطاع الخدمات، وتتأثر السلوكيات المعيشية، وسيرورتها، ناهيك عن الأثر الكبير على المجتمع، ما لم تبادر الجهات الحكومية والرسمية بخلق عوامل مخففة وإيجاد سبل مساعدة إسعافية ومتوسطة وطويلة الأمد تساعد في التخفيف من آثار هذه الحالة وتساعد بالخروج منها شيئاً فشيئاً وعلى مراحل تنسجم مع الظروف الحالية والمستقبلية المتوقعة.