تحدث الباحث الاقتصادي إيهاب اسمندر عن تفاقم ظاهرة التضخم في الاقتصاد السوري خلال الفترة من 2015 إلى 2023، حيث شهد العام 2021 أعلى معدل للتضخم بنسبة 119%. وتشير الأرقام إلى ارتفاع معدل التضخم بشكل سنوي بمتوسط يبلغ حوالي 40%، وهو من أعلى المعدلات في المنطقة العربية.
واضاف:خلال الفترة السابقة ارتفعت اسعار خدمات الفنادق والمطاعم بنسبة 30%، أما التبغ والمشروبات الكحولية فتصل إلى 12%، والأغذية والمشروبات غير الكحولية إلى نسبة 11%.
وأضاف لصحيفة البعث: ارتفع مؤشر أسعار الصحة بشكل أكبر من ارتفاع المؤشر الإجمالي فهو يصل إلى 3 أضعاف بسبب قرار رفع أسعار الأدوية (70-110%).
وقال: لم يلعب التسعير الإداري دوراً في ضبط مؤشر الأسعار أو تخفيضه بل على العكس من ذلك، تكون زيادة أسعار المواد المسعرة إدارياً أكبر من متوسط ارتفاع مؤشر الأسعار بشكل عام كارتفاعات أسعار الخبز بنسبة 400%، والمازوت 1600% والبنزين 5000%، وبالتالي قد يكون التسعير الإداري أحد أسباب ارتفاع الأسعار، حيث يتسبّب ارتفاع أسعار الغذاء بنحو 43% بالتضخم في سورية، كما تساهم أسعار السكن والكهرباء والوقود بـ25% من التضخم، بالإضافة إلى دور قطاع النقل في التضخم 7% يليه مجموعة المشروبات الكحولية والتبغ ومجموعة الملابس 4%.
وأضاف الخبير الاقتصادي: تفقد الليرة السورية نحو 59% من قيمتها بشكل وسطي سنوياً، حيث لم تتمكّن السياسة النقدية المتّبعة من ضبط تراجع الليرة، مع عدم التقليل من تأثير العوامل الأخرى والتي تلعب دوراً في قيمة الليرة كالاحتياطي النقدي والعجز في ميزان المدفوعات والسياسة المالية وغيرها من العوامل.
وقال اسمندر: إن تراجع قيمة الليرة قلّل بشكل كبير من الثقة بها، وبالتالي يساهم هذا الأمر بدوره بمزيد من الضغط للتخلص من الرصيد النقدي نحو مخزون سلعي أو ذهبي أو عملات قابلة للتحويل مما يسبّب مزيداً من التضخم.
وأضاف: الانخفاض المتسارع لقيمة الليرة السورية أمام الدولار جعل قيمة سلة الاستهلاك الغذائي الأساسية والتي تقدّر بـ148 دولاراً، بحسب برنامج الغذاء العالمي لعام 2023 أي ما يعادل نحو 2.072 مليون ليرة سورية شهرياً، أي أكثر من 4 أضعاف سقف راتب الفئة الأولى، وهذا يعني أن معظم العاملين بأجر لدى القطاع الحكومي تحت خط الفقر الغذائي.
وقال: اتبعت الحكومة منهجاً عاماً لمواجهة التضخم بفرض زيادات دورية على الرواتب مع بعض المنح أحياناً، مبينا أن الرواتب زادت بشكل اسمي بمعدل 32% بشكل سنوي وسطي، مقابل زيادة التضخم 42% بشكل سنوي وسطي، أي أن الزيادة الاسمية للرواتب لم تستطع مواجهة التضخم من ناحية الزيادة الحقيقية في الرواتب، وهنا تصبح المشكلة أكبر.
وقال اسمندر: لأن التضخم آفة مزمنة ترافق الاقتصاد السوري لا بدّ من إعادة النظر بالسياسات النقدية والمالية المتّبعة لمواجهة التضخم وآثاره، كما أن سياسة التسعير الإداري لعدد كبير من السلع لم تكن كافية للحدّ من التضخم بل لعبت دوراً في زيادته، ويحتاج الاقتصاد السوري خلال الفترة الحالية والمقبلة لبرامج نوعية لزيادة الإنتاج السلعي لمواجهة فجوة الاقتصاد الحقيقي التي يعانيها.