بعد صدور مرسوم تكليف الدكتور محمد غازي الجلالي بتشكيل الحكومة السورية، تسود أجواء من التفاؤل الحذر بين السوريين، أملاً في خروج البلاد من أزماتها المستمرة منذ عام 2011. حيث تنتظر الحكومة الجديدة ملفات حساسة، أبرزها تعزيز الإنتاج، وضع خطط إعادة الإعمار، وتحسين الأمن الغذائي. كما يشمل التحدي إعادة المنتج السوري إلى المنافسة في الأسواق العالمية. موقع "بزنس2بزنس" يستعرض لكم في هذا التقرير أبرز 15 ملفاً ينتظر أن تكون في صدارة أولويات رئيس الوزراء وفريقه الوزاري الجديد.
أولاً: الإنتاج في سورية
يُعد استئناف الإنتاج في سورية أولوية قصوى، ويتطلب توفير حوامل الطاقة وضمان استمرارية الكهرباء. ويجب على الحكومة الجديدة العمل على إخراج البلاد من دوامة التقنين والاعتماد بشكل متوازن على شبكات الطاقات المتجددة، مع تحديد سعر عادل للكهرباء يتناسب مع مختلف مصادر الطاقة.
ثانياً: الثروات الطبيعية والباطنية
تواجه الحكومة الجديدة تحدياً كبيراً في استثمار الثروات الطبيعية وأملاك الدولة والأوقاف بما يسهم في تعزيز موارد الخزينة. إذ ينبغي أن تركز الجهود على معالجة مشكلة تدني الرواتب والأجور وتحفيز العمل الحكومي، فضلاً عن تطوير الأداء الإداري. كما أن الثروات الباطنية التي تمتلكها سورية، والتي طال انتظار استثمارها بشكل فعّال، يجب أن تحظى بأولوية قصوى، كونها قادرة على دفع عجلة الاقتصاد السوري وفتح آفاق جديدة للاستثمار داخل البلاد.
ثالثاً: الصناعة
أولاً إحياء الصناعة يتطلب قرارات جريئة بشأن المصانع المدمرة، سواء عبر تلزيمها للقطاع الخاص أو النهوض بها عبر تمويلها بقروض خاصة. كما ينبغي التخلص من سياسات الدمج وفك الدمج التي أدت إلى الترهل الإداري على مدى سنوات و يجب أيضاً توجيه الجهود نحو الصناعات التكميلية التي لا تحظى باهتمام القطاع الخاص، لكنها ضرورية لتعزيز الإنتاج.
رابعاً: النقل
النقل يشكل جزءاً أساسياً من الحياة اليومية للسوريين، ويجب على الحكومة الجديدة منح تراخيص للشركات الكبرى لاستثمار النقل الداخلي وإنهاء أزمة الازدحام. و يتطلب الأمر أيضاً تنظيم عمل سيارات الأجرة وتحديد نظام الأجور، إلى جانب تحسين النقل بين المحافظات، وحل مشكلة الخطوط الحديدية، مع إعادة تشغيل سكة حلب-دمشق بأسرع وقت. كما يجب إيلاء الاهتمام لمؤسسة الطيران السورية وتعزيز إمكانياتها، بالإضافة إلى إعادة تفعيل الأسطول البحري والمرافئ وتقييم تجارب الاستثمار الحالية.
خامساً: التجارة الداخلية
التجارة الداخلية بحاجة لإعادة التوجيه، عبر تعزيز المخازين الاستراتيجية في سورية والدخول في الأسواق الخارجية لتبادل المنتجات المحلية بالسلع المستوردة. ويجب ضبط الأسعار في الأسواق، والإشراف على جودة المنتجات وحماية الملكية الفكرية. كما أن طرح صالات "السورية للتجارة" للاستثمار يعتبر خطوة ضرورية بعد تجربة غير ناجحة، مع تحويل نشاطها من بيع التجزئة إلى بيع الجملة، وتقليد سياسات دول الجوار في إدارة المخازين، مع ضرورة الحد من الهدر في الخبز.
سادساً: التجارة الخارجية
يجب إلغاء عمل المنصة في المقام الأول، والسماح بتعزيز دخول المواد الأولية لجميع المستوردين، وترك التنافسية تعزز الأسواق بدلا من الاحتكار وإحداث مناطق الحرة والخروج من الواقع الحالي للسياسة المتبعة في دعم الإنتاج والتوجه إلى الأسواق التي تفضل المنتج السوري.
سابعاً: الزراعة تحتاج الزراعة إلى تجديد الاستراتيجيات بعد فترة من الفوضى، من خلال تحديد المناطق المروية وزيادة الإنتاج المحلي للقمح. و يجب تعزيز الزراعة التعاقدية مع الفلاحين لتقليص الاستيراد، واستعادة مستوى المخازين الزراعية، والحفاظ على القطيع السوري ومنع تهريبه. كما يتطلب الأمر إعادة تنشيط البحوث الزراعية، مراجعة أملاك الدولة والعلاقات الزراعية، وتسويق المنتجات بما يضمن استثمار كل شبر من الأرض بشكل فعّال بدلاً من الاعتماد على الشعارات.
ثامناً: التنمية الإدارية
تحتاج التنمية الإدارية إلى تطبيق نهج سوري محدد، مع تنفيذ مشروع الإصلاح الإداري بتعيين الأشخاص المناسبين في المناصب المناسبة، مع الالتزام بالقوانين وتجنب الممارسات غير المفهومة التي لا تساهم في تحقيق التنمية. كما يجب العمل على بناء هيكل إداري فعّال يعزز الأداء المحلي والمركزي.
تاسعاً: الشؤون الاجتماعية
ينبغي على الحكومة تحسين الوضع الاجتماعي من خلال تنظيم و ضبط عمل الجمعيات والتبرعات الداخلية، وتفعيل القانون 109 لدعم الفئات المحرومة وذوي الإعاقة. و من الضروري تطوير الريف عبر مشاريع استراتيجية لتسويق منتجاته والحفاظ على الحرف التقليدية. كما يجب إعادة تقييم الواقع الاجتماعي في ضوء التغيرات الديمغرافية الناتجة عن الأزمة.
عاشراً: التربية والتعليم العالي والبحث العلمي
تحتاج التربية والتعليم إلى إعادة هيكلة شاملة، مع التركيز على تحسين إدارة المدارس وتدريب المعلمين، واستخدام الإمكانات المتاحة للنهوض بالتعليم ما قبل الجامعي وتخفيف الضغوط عن الطلاب والأسر السورية. وفي مجال التعليم العالي، يجب معالجة قضية الموفدين واستثمار خبراتهم لتعزيز الرصيد العلمي في الجامعات. ومن الضروري أيضاً التوسع في السكن الجامعي، فتح المجال للقطاع الخاص، وتحديث البرامج الدراسية لتواكب التطورات الحديثة، مع الاستغناء عن المناهج القديمة التي لم تعد تلبي احتياجات السوق.
الحادي عشر: الصحة
يشهد القطاع الصحي أزمة حادة، مع ارتفاع غير مسبوق في تكاليف العلاج وفقدان تأثير الدواء المحلي. وتتطلب الوضعية الحالية إعادة هيكلة شاملة، مع التركيز على ترتيب الأولويات في النظام الصحي. ومن الضروري توفير الطبابة المجانية لكبار السن وذوي الإعاقة، وتوسيع التأمين الصحي ليشمل جميع المواطنين لضمان وصول الخدمات الصحية الأساسية لكل السوريين.
الثاني عشر: الإسكان والتعمير
في مرحلة إعادة الإعمار، يعد الإسكان والتعمير من الملفات الحيوية، ويجب على الحكومة التركيز على التخطيط الإقليمي وإغلاق ملفات الفساد المتعلقة بالإسكان الشبابي. يتطلب الأمر التحول نحو بناء مدن متكاملة لتلبية احتياجات أكبر عدد من السوريين، خاصة الشباب، وتنظيم مناطق العشوائيات بطريقة تضمن رضا جميع الأطراف وتحقيق مكاسب مالية للخزينة.
الثالث عشر: الموارد المائية
تعد إدارة الموارد المائية من الأولويات القصوى، حيث يجب استثمار كل قطرة مياه والحفاظ على المخزون المائي. ينبغي تنفيذ مشاريع مائية ذكية لتقليل الهدر وتوفير المياه لجميع المناطق. كما يجب فرض رسوم تصدير على مياه المنتجات الزراعية، بالنظر إلى النقص العالمي في المياه.
الرابع عشر: وزارة العدل
يتطلب إصلاح وزارة العدل إعادة توازن العدالة وضمان تطبيق القانون بشكل نزيه، بعيداً عن الوثائق المزورة. يجب رفع مستوى العدالة إلى المكانة التي تستحقها، مما يساهم في تحقيق الإنصاف وحماية الحقوق الأساسية.
الخامس عشر: الإعلام السوري
نأمل أن يستفيد الإعلام السوري من تجارب الإعلام الخاص لتطوير أدواته وتعزيز جودة المحتوى. ينبغي إعادة تقييم قانون الجريمة المعلوماتية والتعامل مع الإعلام بقوانين منظمة بدلاً من قوانين الانتقام. يجب تصحيح الأخطاء والرد على وجهات النظر بشكل رسمي بدلاً من تقديم شكاوى بموجب قانون الجريمة المعلوماتية.
وأخيراً يتمتع رئيس الحكومة المكلف بخبرة واسعة في مجالات الهندسة والإدارة والاقتصاد، مما يعزز الأمل في قدرته على مواجهة التحديات الكبيرة. رغم صعوبة المهمة التي تنتظره، فإن الأمل يبقى في أن ينجح في تشكيل فريق عمل قوي قادر على إحداث التغيير المنشود.