يحتاج نظام البناء والتشغيل والإعادة الـ (بي أو تي) لقانون يوطنه محلياً حيث لا يختلف اثنان على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص ودورها في الاقتصاد الوطني لكن تطبيقاتها بالشكل الأمثل مازال يكتنفه بعض الغموض نظراً لوجود أنماط عدة تنضوي تحت إطارها أبرز المشاريع المنفذة بناء على عقود الـ (بي أو تي) دون وجود نص أو تشريع قانوني ينظم عملها ما أثار جدلا حول تطبيقها في بلد بحاجة ماسة لمشاريع إستراتيجية تكلف الخزينة العامة مبالغ طائلة.
ويعتبر بعض الخبراء أن وجود نص تشريعي يوطن عقود الـ (بي أو تي) بشكل قانوني أو عدم وجوده سيان على اعتبار أن المشاريع تنجز على أكمل وجه وتفي بالغرض ولاسيما أنه يمكن اعتماد بعض المواد القانونية في التشريع السوري لإبرام مثل هذه العقود بينما يصر أخرون على ضرورة صياغة نص قانوني ينظم هذه العقود تفاديا للوقوع في تجاوزات تهضم من خلالها حقوق أحد طرفي العقد من جهة وعدم التزامهما وخاصة المستثمر ببنود العقد من جهة أخرى.
وبحسب ما جاء في صحيفة تشرين ،أكد الخبير القانوني عمر المنصور أن عقود الـ بي أو تي في المشاريع العامة عبارة عن تفويض من الدولة لشخص من القطاع الخاص لإدارة مرفق عام وأن المادة 634 من القانون المدني تنص على أن عقد التزام المرافق العامة هو عقد تقوم بموجبه الدولة بتفويض شخص طبيعي أو اعتباري من القطاع الخاص بإدارة هذا المرفق واستثماره مقابل بدل معين أي أن هناك أصل قانوني لعقود الـ بي أو تي معتبرا أن النص واضح جدا ويمكن اعتماده إضافة إلى أن قانون العقود رقم 51 لعام 2004 نظم عقود المشتريات الحكومية وجاء لتأمين احتياجات الجهات العامة وبيع أموالها واستثمارها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وأضاف المنصور.. إذا افترضنا أن مادة القانون المدني غير موجودة وإذا فسرنا القانون الذي ينص في بعض مواده على أن المرافق العامة ملك للشعب والحكومة تعمل على استثمارها بالطريقة التي تراها مناسبة وبما فيه مصلحة المجتمع فإنه لا توجد مشكلة قانونية بطرح (بي أو تي) في الجهات العامة بدليل أنه تم الإعلان عن مشروع ضخم جدا ذي أبعاد إستراتيجية كبيرة وفقا لهذا النظام وهو مشروع الطرق الذي يربط الحدود الأردنية بالتركية وطرطوس بالحدود العراقية الذي تصل تكلفته إلى نحو ملياري دولار. كما أن عمليات طرح المشاريع للتعاقد بنظام بي أو تي مازالت تتسم بالعشوائية ويرجع ذلك بحسب بعض المراقبين إلى عدم وجود دراسات الجدوى المطلوبة قبل طرحها للتعاقد وتتعزز المشكلة بضعف الكادر المؤهل لإعداد مثل هذه الدراسات إلى جانب الضعف الشديد في صياغة العقود ودفاتر الشروط.
وفي هذا السياق أوضح المنصور أنه في كثير من الأحيان تبخل الجهات العامة على توظيف مستشار أو مشاور لإعداد دراسة جدوى اقتصادية لمشاريعها أو الاستعانة بمكتب استشاري بحجة أن قانون العقود لا يسمح بذلك معتبرا أن ذلك ليس مبررا ولاسيما أن القانون 51 ينص على إمكانية الجهات العامة بالتعاقد مع مكاتب استشارية لتقديم دراسات متخصصة.
بينما اعتبر الاقتصادي الدكتور زكوان قريط أن عدم وجود قانون خاص لتنظيم عقود (بي أو تي) له إشكاليات كثيرة أبرزها التهرب من الالتزامات نتيجة الثغرات القانونية التي تكتنف هذا النوع من العقود.
فضلا عن أن وجود قانون واضح من شأنه أن يشجع على زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وخاصة الإستراتيجية منها مثل استصلاح الأراضي والتنقيب عن الثروات الباطنية سدود طرق.. الخ وأن تنفيذ هذا النوع من المشاريع يحتاج إلى شركات عالمية كبرى معروفة.
وأضاف قريط إن المشاريع المنفذة وفق (بي أو تي) ضعيفة جدا في سورية بحكم عدم وجود قانون خاص بها ويوجهها بالاتجاه الصحيح وبالتالي يضمن حفظ حقوق الدولة والمستثمر مشيرا إلى أن وجود قانون مدروس بطريقة علمية من شأنه أن يتشدد بموضوع التبعية الاقتصادية بمعنى أن يحد من تأثير الظروف السياسية على الشركات الأجنبية الموكل إليها تنفيذ مشاريع (بي أو تي) والانسحاب من العمل قبل نهاية المشروع تحت طائلة فرض غرامات وتعويضات مالية والحجز على ممتلكاتها محليا.
ودعا إلى ضرورة توخي الحذر والعقلانية في صياغة هذا النوع من العقود مع الأخذ بعين الاعتبار عدم التركيز على شركات أجنبية من جنسية واحدة بل يجب التعاقد مع أكثر من جنسية وذلك لتخفيف المخاطر وخاصة في حال وقوع أزمات اقتصادية وسياسية تؤثر على مثل هذه العقود.