كشف التدقيق في البيانات المالية الأولية السنوية عن الدورة 2011 للشركات المدرجة في بورصة عن تراجع واضح في إجمالي الموجودات، قابله تحسن في مستوى حقوق الملكية أو حقوق المساهمين.
وبلغت خسارة موجودات الـ21 شركة المدرجة في السوق خلال العام الماضي 102.109 مليار ليرة سورية (بما يتجاوز 1٫4 مليار دولار لو احتسبنا الدولار بـ 72٫5 ل.س)، محققة تراجعاً نسبته 15.8% مقارنة بالعام السابق 2010.
وكان هذا التراجع نتيجة للتراجع الحاد في موجودات 10 شركات مدرجة، طغت على ارتفاع موجودات الشركات الإحدى عشر المتبقية.
ووذكرت صحيفة الوطن أن التراجع الأكبر من حيث النسبة كان من نصيب موجودات بنك بيمو السعودي الفرنسي وبنسبة 34%، بينما كان أكبر ارتفاع في الموجودات من نصيب بنك الشرق بنسبة 72.9%.
ومن جهة أخرى اكتسبت حقوق المساهمين الاجمالية لـ21 شركة خلال العام 2011 ما قيمته 14.58 مليار ليرة سورية (بما يتجاوز 0٫2 مليار دولار لو احتسبنا الدولار بـ 72٫5 ل.س)، محققة نمواً نسبة 20.4% مقارنة بالعام 2010.
وكان نمو حقوق المساهمين من نصيب 18 شركة بصدارة فرنسبنك- سورية بنسبة 174%، بينما تراجعت حقوق المساهمين في ثلاث شركات، على رأسها المجموعة المتحدة للنشر والتسويق بنسبة تجاوزت 28.1%.
وهنا من المفيد في تحليل المركز المالي للشركات المدرجة والقطاعات التركيز على نسب الرفع المالي، والتي تشير إلى عدد المرات الواجب على حقوق الملكية أن تتضاعف بها لتغطية إجمالي الموجودات، أو لنقل تعكس درجة اعتماد الشركة على مصادر التمويل الداخلية المرتبطة بحقوق الملكية لتغطية الموجودات.
ومن خلال متابعة البيانات التي يعرضها الجدول نلاحظ مثلاً أن وسطي نسبة الرفع المالي في قطاع المصارف في سوق دمشق للأوراق المالية بلغ 6.85 في نهاية عام 2011، أي في المتوسط يجب على حقوق الملكية للقطاع أن تتضاعف 6.85 مرات لتغطي إجمالي موجودات القطاع، أو لنقل كل ليرة من إجمالي الحقوق تدعم 6.85 ليرة من الموجودات، على حين يتم الاعتماد على الديون بشكل كبير لتمويل العمليات التشغيلية، على الرغم من تراجعها «على نحو إيجابي» عن نهاية العام 2010 حيث كانت 10.15 مرات.
وصحيح أن المصارف بالأساس تعتمد على الديون في العمليات التشغيلية «إيداعات- قروض» إلا أن الارتفاع المبالغ فيه للرفع المالي الذي يعتمد أيضاً على مجموعة من الأدوات المالية غير القروض «أوراق مالية - مشتقات مالية - في الحالة غير السورية-...».
ولعل الفكرة الأساسية بمتابعة نسب الرفع المالي للشركات المدرجة في السوق في نهاية عام 2011 و 2010، تتركز بتراجع النسبة بشكل واضح في قطاع المصارف على حين ارتفعت في باقي قطاعات السوق، والمصارف أدت إلى انخفاضها على أساس السوق بصورة إجمالية.
وبالتدقيق في الجدول، نجد أن قطاع التأمين والخدمات والصناعة والزراعة تتميز باعتمادية مهمة على مصادر التمويل الداخلية، نظراً لصغر نسب الرفع المالي خلال الفترتين المذكورتين رغم ارتفاعها، لكونها تتراوح بين حد أدنى 1.10-2.18 على أساس قطاعي، وبين 1.10-2.68 على أساس الشركات، بما يشير إلى دعم مهم للموجودات من إجمالي حقوق الملكية، ودور ضعيف للديون، أي إن هذه القطاعات تعمل بشكل محافظ بالاعتماد على القروض، ما يخدم المركز المالي للشركات، إلا أن ارتفاع النسبة في2011، يشير إلى عدة احتمالات، أكثرها أهمية ارتفاع مستوى الديون في تلك الشركات، مع ملاحظة ارتفاع مستوى الموجودات.
انضباط المصارف
تكشف لنا بيانات الجدول تراجع موجودات المصارف بحدود 16.3% خلال 2011 بالمقارنة مع 2010، على حين ارتفعت حقوق الملكية بـ 24%، ومن ثم انخفاض في التزامات المصارف على نحو وسطي، وارتفاع مستوى دعم حقوق الملكية لموجودات المصارف خلال فترة الأزمة، والتي تعزى لعدة أسباب منها السحوبات التي أدت إلى انخفاض معدلات الإيداع. وهكذا نجد أن للظروف الخاصة التي يمر بها البلد أثراً مباشراً على المركز المالي للمصارف، وعلى نسبة الرفع المالي، والتي تعطي انطباعاً بوجود سياسة متحفظة في إدارة السيولة والحد من مخاطر الرفع المالي.
أما بالنسبة للمصارف خارج الإطار الوسطي للقطاع، فنلاحظ تبايناً كبيراً في سياساتها المالية، حيث نجد مصارف تعتمد كثيراً على الديون مع وصول نسبة الرفع المالي إلى 22.9 في نهاية 2010، على أحد المصارف، لتتراوح النسبة بين 1.61-22.9، المر الذي تم ضبطه بشكل مهم خلال العام الماضي حيث تراوحت نسب الرفع المالي بين 1.39-12.31.
كلام في الرفع المالي
احتلت نسب الرفع المالي أهمية بالغة في الأعوام الثلاثة الماضية، وتحديداً عندما بدأت الأزمة المالية بقرع ناقوس الخطر عبر تساقط المؤسسات المالية تترأسها المصارف الأميركية.
عندها أشارت أصابع الماليين والاقتصاديين إلى نسب الرفع المالي العالية التي أسست لتربة خصبة تنمو فيها تهديدات السيولة والاستقرار المالي للشركات، ما جعلها أكثر هشاشة أمام المخاطر. لذا توجهت المؤسسات المعنية والمتخصصة لتطوير الأنظمة المصرفية تحديداً لضبط موضوع كفاية رأس المال وتقييد معدلات الرفع المالي وضبطها بما يؤمن السلامة المالية للمؤسسة.
ويخدمنا التحليل المالي بمجموعة نسب للرفع المالي، أهمها ما اعتمد حديثاً باسم جديد «نسبة الرفع المالي- Financial Leverage Ratio» والتي تحسب بقسمة إجمالي الأصول على إجمالي حقوق الملكية، مع الانتباه إلى أن حقوق الملكية وفقاً لمعادلة المحاسبة الشهيرة هي إجمالي الأصول مطروحاً منها إجمالي الالتزامات. وهكذا تصبح النسبة كما يلي: «نسبة الرفع المالي= إجمالي الأصول/ إجمالي حقوق الملكية».
وتخبرنا هذه النسبة بدرجة اعتماد الشركة على الديون، فارتفاع النسبة مثلاً يعني اعتماد الشركة بشكل كبير على الديون، رياضياً انخفاض المقام «إجمالي حقوق الملكية» الذي يؤدي إلى ارتفاع النسبة، يأتي من ارتفاع التزامات الشركة وفق معادلة المحاسبة.
ويلجأ بعض الشركات لرفع نسبة الرفع المالي لكونها تخدم الربحية، إلا أنها تضع سيولة الشركة تحت الخطر مع استحقاق المطالبات المستقبلية، التي ترهق قائمة المركز المالي «الميزانية العمومية سابقاً»، وتؤثر سلباً في درجة الإيفائية solvency للشركة، بمقدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير.
وفي اتجاه آخر نجد أن الرفع المالي يرتبط بربحية الشركات عبر تحليل نسبة العائد إلى حقوق الملكية ROE والتي تقيس مدى مساهمة حقوق الملكية في خلف صافي الربح.
وانطلاقاً من المعادلة الأساسية العائد على حقوق الملكية =صافي الربح/وسطي حقوق الملكية، يمكن أن نصل عبر التجزئة إلى معادلة جديدة، العائد على حقوق الملكية= العائد على الموجودات × الرفع المالي، فعندما تكبر نسبة الرفع المالي، ترتفع نسبة العائد على حقوق الملكية، أي إن الشركات يمكنها دعم العائد على حقوق الملكية من خلال زيادة اعتمادها على الدين لتمويل عملياتها التشغيلية.