تراجعت تحويلات السوريين المقيمين في الخارج بنسبة تفوق 30٪ العام الماضي بينما ،يخشى أن يتسبب هذا التراجع في تآكل قدرة الاقتصاد على تمويل الواردات في وقت يواجه فيه الكثير من صادراته أداءً ليس جيدا.
ويعتبر الاقتصاد السوري من الاقتصادات المستفيدة من تحويلات المقيمين بالخارج ولعل من المهم التساؤل عن التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لتراجع تحويلات السوريين الآن ، خاصة وان الاقتصاديين غالبا ما يثيرون هذا الجانب معتبرين إن لها أثرا ايجابيا من ناحية مساهمتها في التخفيف من الفقر والرفع من حجم الاستهلاك الذي يساهم في حث عجلة الاقتصاد على الدوران وزيادة نشاطها بما يعين على توفير أرضية لخلق وحدات إنتاجية لتلبية الطلب المتزايد.
إضافة إلى إمكانية تشكيل نوع من الرأسمال القابل للاستثمار في مجال من المجالات. كما تساهم هذه التحويلات في تقليص عجز ميزان الأداء وفي الرفع من احتياطي العملة الصعبة لتغطية الواردات.
وعلى الرغم مما سعت إليه الحكومة أخيرا من زيادة في الإنفاق الاجتماعي في مسعى لحماية الاستقرار وسط الظروف الاستثنائية التي تشهدها البلاد لكن زيادة الإنفاق الحكومي لا يمكن أن يستمر إلى ما لانهاية مما يعني ان تحويلات السوريين المهاجرين ستظل حيوية للاقتصاد .
يقول مصدر حكومي للثورة آن ميزان المدفوعات بصدد وضع استثنائي عام 2012 ومن شأن اي تدهور في تدفقات العملة الصعبة أن يتسبب في تآكل قدرة سورية على تمويل الواردات في وقت تواجه صادراته منافسة محتدمة من منتجين اقل تكلفة مثل الصين ومن المرجح آن يزيد عجز ميزان المعاملات الجارية في 2012.
وتشكل تحويلات المغتربين السوريين إلى المحافظات السورية دمشق وحلب ودرعا هى الأعلى قيمة مقارنة بحجم المبالغ المحولة إلى المحافظات السورية الأخرى وان معظم هذه الحوالات ترسل من اجل شراء الأراضي وبناء العقارات السكنية وتسديد أقساط الجمعيات السكنية او شراء الآلات الثقيلة والمعدات الصناعية التي تحتاجها المطاعم وورش الصناعة بمعنى استثمارات ريعية بينما يذهب نحو 30٪ منها للمتطلبات الأسرية خاصة إذا كان لدى الأسر السورية أبناء يدرسون في الجامعات والمعاهد العلمية.
وإذ يصعب تحديد رقم لتحويلات السوريين الرسمية لا تمثل الأخيرة أيضا إجمالي التحويلات نظرا لكون الكثير من الأموال تمر بقنوات لا تسجل فيها وتفيد الدراسات ان التحويلات على مستوى العالم تتوزع على الشكل الآتي:
50٪ الى 70٪ تحويلات غير رسمية، غير ان ذلك لا يلغي أهمية هذه التحويلات على النمو الاقتصادي الإجمالي!
إذ تعتبر التحويلات حفنة من الأموال الخارجية مثل الاستثمارات الأجنبية المباشرة وهي رساميل تجوب البلاد بحثا عن فرص للاستثمارات ولكن وفقا للتحليلات الاقتصادية فان الأموال السورية التي تستثمر في الدول العربية تساوي على الأقل جميع الأموال الأجنبية التي تستثمر في البلاد سنويا والتي سجلت نحو 700 مليون دولار خلال السنوات القليلة الماضية فيما تساوي الأموال السورية المستثمرة في الدول العربية فقط رسميا ثلثي هذا المبلغ أو حتى تضاهي هذا المبلغ.وهذا الأمر يعني إننا متأخرون كثيرا على صعيد النمو باستخدام تحويلات المغتربين مايطرح - اليوم - تحديات كثيرة أمام الحكومة لتحفيز ومضاعفة النمو غير الحيادي عبر جعل الأموال السورية غير حيادية لا تقتصر فقط على دعم الموازنات الاستهلاكية للعائلات فالعملية ممكنة لكن إذا استخدمت القنوات الملائمة لاستخدام الأموال السورية المهاجرة كالاستثمار في الصناعات التحويلية والقطاع الزراعي والصناعي .