سجل سعر الدولار في السوق السوداء ارتفاعات كبيرة أمس حيث تجاوز تسعين ليرة سورية للدولار الواحد في حين ما زالت النشرات المعلقة على أبواب مكاتب الصرافة تشير إلى أن سعر الدولار لا يتجاوز السبعين ليرة.. وللوقوف على أسباب هذا الارتفاع ومعرفة ما يمكن اتخاذه من إجراءات لتخفيض الأسعار, حاولنا الاتصال بالسيد حاكم مصرف سورية المركزي لكننا لم نوفق.. لكن من تحدثنا معهم من فعاليات اقتصادية أشاروا إلى أن سبب هذا الارتفاع هو العامل النفسي المخيم وقلة عرض الدولار وتخلي المصرف المركزي عن تمويل المستوردات الأساسية.
تخفيض السعر..بتمويل المستوردات
محمد الحلاق عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق أكد لصحيفة تشرين "أن ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة السورية يعود لسببين الأول هو العامل النفسي المؤثر على سعر القطع والسبب الثاني تمويل المستوردات مؤكداً وجود طلب بالسوق على تمويل المستوردات خاصة أن صاحب المدخرات التي أراد تخبئتها بالدولار سبق أن فعل..وركز الحلاق على أهمية أن تعود الحكومة إلى تمويل المستوردات الغذائية الضرورية مشيراً إلى أن هذا الأمر سوف يعمل على تخفيض سعر الدولار من خلال تخفيض الطلب على القطع وأيضاً سيساهم في الحد من ارتفاع أسعار هذه المواد..وفي حال اتبعت هذه الخطوة التي وجهها التجار في كتاب للحكومة, فإنه كما ارتفع السعر بشكل كبير سوف ينخفض كذلك مضيفاً إن الحكومة قادرة على التدخل بتمويل المستوردات الأساسية.
وأشار الحلاق إلى ظاهرة الفوضى السعرية للقطع الأجنبي فعندما تكون هناك كوة صرافة نظامية وأشخاص يبيعون القطع من خلال سعر صرف محدد ومعقول ومضبوط سوف يخف الضغط على القطع..لكن قلة توافر القطع وعدم وجود سعر صرف محدد يرفع حجم المخاطرة لدى التاجر الأمر الذي قد يجعله يسعر بضاعته على أساس سعر صرف الدولار 100 ليرة وهذا ما لم يفعله التجار..أو قد يلجأ التاجر إلى تخفيض بيعه للحفاظ على قيمتها السعرية فرأسمال التاجر ليس فقط مالياً وإنما رأسماله بضاعة وتأثر التاجر بسعر القطع يجعله يحافظ على رأسماله كبضاعة.. وهذا الأمر ينعكس على التاجر والمستهلك معاً.
وأضاف: ان هذه الحالة أدت إلى انخفاض حجم الاستيراد نتيجة انخفاض الاستهلاك الذي ترشد بشكل تلقائي بسبب ارتفاع الأسعار.
وتساءل الحلاق من أين يمكن للتاجر أن يمول ويؤمن القطع للمواد التي سبق أن تعاقد عليها.. وحذر من مغبة تصريحات بعض المسؤولين النقديين حيث جرى الحديث عن تدخل بالسوق ولم يتدخلوا مما أفقدهم المصداقية تجاه الآخرين.
تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي
أما أبو الهدى اللحام عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق فقد أكد أن السبب الرئيس في ارتفاع سعر القطع هو انخفاض حجم الإنتاج الزراعي والصناعي وبالتالي انخفاض حجم الصادرات للخارج, وأسباب انخفاض الإنتاج هو انقطاع الكهرباء المتكرر, ولا يخفى على أحد أهمية التصدير في تأمين القطع الأجنبي والعملة الصعبة.. بالإضافة إلى ظروف الأزمة التي تمر بها سورية. ويأمل اللحام بتأمين حاجات المستوردين من القطع الذين تراجعت مستورداتهم بعد أن انخفض سعر الليرة مقابل الدولار..وأشار اللحام إلى مشكلة أن الزيادة في ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة مستمر وليس هناك ضمان لتوقفها وبالتالي لا بد من كبح جماحها.
وعن إمكانية قيام المصرف المركزي بالتدخل في الأسواق وطرح الدولار, رأى اللحام عدم جدوى هذا الإجراء الذي تستفيد منه فئة محددة تملك السيولة , وفي حال تم التدخل فإن سعر السوق أقوى وسيعدل السعر الذي يطرح به الدولار.
وأضاف اللحام: ان الحل يكمن في زيادة الإنتاج بتأمين الكهرباء والطاقة للمصانع وتشجيع التصدير.. ونبه اللحام من مغبات وجود سعر جديد في كل يوم للقطع مشيراً إلى أنه يتسبب بخسائر للتاجر فالتاجر الذي كان عليه مثلاً دين مليون يورو كان يمكن أن يدفعه بمبلغ 70 مليون ليرة أما اليوم فيسددها بمئة وعشرة ملايين ليرة سورية هذا بالإضافة إلى العمولات الكبيرة التي تتقاضاها المصارف والفوائد على التسهيلات والتي أحجم بعضهم عن منحها.
ورأى اللحام أن هناك متوالية حسابية في ارتفاع الأسعار فارتفاع سعر سلعة يؤثر على سلع كثيرة وحتى على سعر الخدمات المختلفة وركز على أن المشكلة هي في وجود طلب متزايد على الدولار والعرض غير موجود..