كشف أحد الصيارفة لـ«الوطن» أن مصرف سورية المركزي بصدد تأسيس شركة مالية تكون الذراع المالية له وتعمل كشركة صرافة في بيع وشراء الدولار، ليمارس تدخلاً في سوق الصرف، وهذا حصيلة أولية لاجتماع عقده المركزي يوم الخميس الماضي. بينما عزا الدكتور رسلان خضور الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق ارتفاع أسعار الصرف إلى وجود المضاربات وسياسات المركزي وتحكم الحاكم بالقرارات وتهميش مجلس النقد والتسليف إضافة إلى وجود تآمر من خلال شركاء محليين والسعودية وقطر.
وكانت أسعار الصرف وصلت إلى مستويات غير مسبوقة نهاية الأسبوع الماضي، وتجاوزت حدود 110 ليرات، ما خلق إرباكاً كبيراً في سوق الصرف، واستدعى عقد اجتماع عاجل بالمركزي، لمعالجة هذا الأمر.
وقال رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الصرافة في تصريح لـ«الوطن»: إن سعر صرف الليرة تراوح يوم الخميس الماضي بين 100 إلى 103 ليرات، وعُقد اجتماع في مصرف سورية المركزي، بحضور شركات الصرافة، وناقشنا السياسات المالية حيث اقترح المركزي أن تكون لديه مؤسسة مالية كشركة الصرافة تكون ذراعه المالية ويمارس من خلالها دور اللاعب الأساسي في السوق، عبر بيع وشراء الدولار حسب سعر السوق.
وقال المصدر: إن المركزي عرض بيع دولار لشركات الصرافة، وكان السعر بالسوق 96 ليرة، لكن لم يشتر أحد منها بسعر 95 ولا حتى بسعر 90، وتم البيع بسعر 88 ليرة ولكمية مليوني دولار، ولم يشتر أحد غير هذا المبلغ وبهذا السعر.
وعن الارتفاع الكبير الذي شهده سعر الصرف خلال نهاية الأسبوع الماضي عزا المصدر السبب إلى العامل النفسي بالدرجة الأولى، إضافة إلى غياب السلطة النقدية عن السوق بالتوازي مع الوضع الذي تمر به البلاد، ودور المضاربين و(الشقيعة)، مؤكداً أن السعر الذي تحدث عنه البعض الذي وصل إلى 105 ليرات وهو سعر مرتفع ظل (حكي بحكي) على حد تعبيره، ولم يحدث بيع وشراء بناء عليه، كما لم يحدث هلع كما ظن البعض نتيجة هذا السعر المرتفع، ويوم الخميس الماضي عرض الدولار بسعر مبيع 88 ليرة ولم يشتر أحد، كما أنه أمس (السبت) حُدد السعر بالسوق بـ84 ليرة ولم يشتر أحد، وهناك كميات معروضة ولم يشترها أحد.
الدكتور خضور قال لـ«الوطن»: اقتصادياً، الحاجة للعملة الصعبة وبالذات الدولار، لا تستدعي أن يرتفع سعر الصرف إلى هذا المستوى الكبير، ومن المفترض أننا نعلم مدى حاجتنا من الدولار، كما أن هناك احتياطياً لدى المصارف والتجار، وشركات الصرافة، ولا طلب كبيراً على الدولار، كما أن الموارد لم تنقطع بشكل نهائي.
وأضاف: هناك عوامل نفسية تؤثر إلى حد ما، لكن بشكل أساسي يعود السبب إلى المضاربات التي قد يكون دخل فيها شركاء محليون، وتجار الأزمات الذين يحققون أكبر أرباح بالمشاركة مع أناس يتآمرون بشكل حقيقي على الاقتصاد السوري، في دول الخليج ولاسيما السعودية وقطر.
وأوضح خضور أن حاجة المواطنين من الدولار خلال الفترة الحالية محدودة جداً، ولاسيما ما يتعلق بالسفر، كما أن للتجار حساباتهم، وتصديراً لدول مختلفة، ومن ثم هناك قطع أجنبي لدى الفعاليات الاقتصادية، مقابل إيقاف تمويل بعض المستوردات، وإيقاف بعض الصادرات جزئياً، لكن لا مبررات تقر بأن حاجتنا إلى الاستيراد تؤدي إلى أسعار صرف مرتفعة كهذه.
وعن تدخل المركزي قال خضور: للأسف الشديد لدينا الكثير من الملاحظات على المركزي وسياساته، ومنذ بداية الأزمة وعند بيع كل مواطن 10 آلاف كان واضحاً أن هناك لعبة من المركزي، ثم جاءت المزايدات بالطريقة التي تمت بها، ما يعكس أن كل تدخلات المركزي لم تكن موفقة، لأن مجلس النقد والتسليف بالأساس مهمش إلى حد ما، وصار اكافة لحاكم وبعض المحيطين به يتخذون القرارات دون أن يكون لمجلس النقد أي دور في اتخاذ القرارات المبنية على الدراسات وتؤخذ بتروٍ، بدليل القرار المتعلق بوقف تمويل بعض المستوردات الذي كان المركزي وراء اتخاذه.
وأكد خضور أن المركزي يتصرف بشكل ينم عن عدم كفاءة وعدم خبرة، ولدينا الكثير من الملاحظات على سياساته، ولا يجوز انفراد الحاكم بقرارات وتهميش دور مجلس النقد.
واقترح خضور لمعالجة الارتفاع في أسعار الصرف، أنه ما دام المركزي يتحدث عن وجود احتياطيات لديه، فعلى الأقل يجب أن يمول الأساسيات بشكل واضح، ويبيع الدولار للمواطنين وللمصارف ولاسيما العامة منها، دون الرجوع لأساليب المزايدات لشركات الصرافة فقط، ويتم ذلك ضمن ضوابط وحدود معينة، لتلبية الحاجة الفعلية، وهذا يخفف من ارتفاع أسعار الصرف قليلاً.
وعن سعر الصرف العادل قال خضور: إن المعطيات الحالية ستؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع أسعار الصرف، لكن ليس بهذه النسب المرتفعة، ولو أن المصرف المركزي يتصرف بشكل صحيح منذ بداية الأزمة كان الارتفاع في سعر الصرف لا يتجاوز نسبة 15 إلى 20 بالمئة، وأن يكون سعر الصرف نحو 60 ليرة مقابل الدولار.