قال معاون وزير الاقتصاد والتجارة خالد سلوطة: إن الصادرات السورية لا تتوافق كثيراً مع متطلبات السوقين الأوروبية والأميركية وإنها في المقابل مرغوبة أكثر في السوقين الإيرانية والروسية.
وأشار معاون الوزير إلى أن الاتفاقية التي تربطنا مع أوروبا تتمثل باتفاقية برشلونة التي تتضمن الكثير من بنودها إعفاءات رسوم جمركية على الصادرات بيننا وبين أوروبا.
ولفت سلوطة إلى أن علاقاتنا الاقتصادية مع إيران جيدة إلا أن الجدار الجمركي بين البلدين عالٍ جداً إذ يتراوح بين 4-400% موضحاً أن توقيع اتفاقية التجارة الحرة مؤخراً مع إيران سيفضي إلى تخفيض الرسوم الجمركية ما سيسهم في زيادة صادراتنا إلى ذلك البلد.
وبيّن سلوطة أن الأمر كذلك بالنسبة لروسيا التي تفرض رسوماً جمركية على الواردات إليها تصل إلى 120% لذلك من الصعب الدخول إلى تلك الأسواق كاشفاً عن مباحثات تجري حالياً لتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع كل من روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا.
وجاء كلام سلوطة أمس خلال ورشة العمل التي أقامتها هيئة الصادرات السورية في قاعة رضا سعيد بجامعة دمشق بحضور رئيس الهيئة حسام اليوسف وعدد من الأكاديميين والاقتصاديين والمهتمين.
وبيّن الباحث الاقتصادي ربيع نصر في ورقة عمل حملت عنوان (نموذج الجاذبية ومحددات الصادرات السورية وآثار الأزمة على الصادرات) أن بعض الدول تستورد من سورية أضعاف الصادرات الممكنة ولا تعد مصدراً مستداماً للصادرات، لأن الصادرات إلى تلك الدول ستميل للعوامل الموضوعية على الأجل المتوسط والطويل.
وأشار إلى أن حجم خسائر سورية بحسب سيناريو الأزمة التجارية يقدر بـ52% من الصادرات الممكنة للدول العربية المشتركة في العقوبات وخسارة 93% من الصادرات الممكنة لأوروبا متمثلة بأهم الشركاء لسورية و82% من الصادرات الممكنة لتركيا.
ومن الجانب الآخر قدرت الدراسة زيادة الصادرات السورية إلى العراق بـ40% وللأردن بـ20%، و100% إلى إيران.
25 بالمئة نسبة العجز المحتمل للميزان التجاري
وبيّنت الدراسة أن سورية خسرت 44% من إمكانيات التصدير إلى الشركاء وهي مرشحة للزيادة مع دخول دول جديدة على خط العقوبات ووفق هذا السيناريو يقدر وصول عجز الميزان التجاري إلى 18% لعام 2011، و25% لعام 2012 بافتراض ثبات الواردات والناتج بالأسعار الجارية.
وفي السياسات المقترحة لمواجهة آثار الأزمة على الصادرات بيّن نصر أن الأزمة غيرت من الأسواق المحتملة مقترحاً نموذجاً يساعد على وضع خريطة أولية للشركاء المحتملين للصادرات السورية، وأن أثر العقوبات عميق وخطير ويحتاج إلى إستراتيجية لمعالجة آثار الأزمة بما لا يتناقض مع تطوير هيكل الاقتصاد وتنافسيته على الأجل الطويل.
إضافة إلى التقليل من خسائر السلع السورية (وخاصة المصنعة) لأسواقها التقليدية بموازاة البحث عن أسواق وفرص جديدة.
وكذلك العمل على الإصلاح المؤسساتي الذي يعتبر جوهر تنمية الصناعة المحلية من خلال تحسين كفاءة الإدارة الحكومية والشفافية والمساءلة وسلطة القانون ومحاربة الاحتكار.
إضافة إلى الاستثمار في دراسة بدائل سلعية قابلة للتصدير، ومعالجة الاختناقات المحلية: الطاقة والبنية التحتية والتمويل وتوفير العمالة والتبادلات المالية من خلال توفير المناطق الصناعية وإمداداتها اللوجستية، وإيجاد سياسة انتقائية للواردات تركز على تسهيلات السلع الوسطية والرأسمالية.
ودلّ نصر على المتغيرات التي اعتمدت الدراسة عليها وقال إنها انطلقت من بيانات الصادرات الدولية من 210 دول مصدرة إلى 210 دول وعلى مدى الفترة الزمنية 1995-2010، وتم وضع معايير لاختيار الدول التي تمثل أكثر من 95% من الصادرات العالمية وأكثر من 98% من الصادرات السورية إضافة إلى تضمين كل الدول العربية ليصل عدد الدول المختارة إلى 84 دولة مصدرة إلى كل دول العالم وهي التي تم اعتمادها في بناء النموذج العالمي.
22 بالمئة نمو الصادرات السورية في 2008
وفي دراسة للمركز السوري للبحوث التنموية بعنوان «الصادرات السورية خصائص ومؤشرات» قدمت خلال ورشة العمل، تبّين أن الصادرات السورية حققت معدلات نمو جيدة خلال الأعوام 2005- 2008 لتصل إلى أعلى قيمة لها في عام 2008 بمعدل نمو 22% إلا أنها تراجعت بشكل واضح في عام 2009 لتعود إلى مستوياتها السابقة.
ويعزى هذا التراجع في قيمة الصادرات إلى تراجع قيم معظم الصادرات وخاصة الصادرات النفطية، وقد ترافقت تلك الفترة بتفاقم الأزمة المالية العالمية وانتقالها إلى القطاعات الاقتصادية الحقيقية.
وقالت الدراسة: إن القطاعات غير النفطية استطاعت خلال السنوات الأخيرة أن تسهم بشكل أكثر فعالية في التجارة الخارجية وخاصة لجهة الصادرات، وقد شكل عام 2005 نقطة التحول الرئيسية في الصادرات غير النفطية حيث تساوت نسبتها من إجمالي الصادرات مع نسبة الصادرات النفطية.
ويعزى هذا التطور إلى فتح أسواق جديدة مثل أسواق بعض الدول الآسيوية والدول العربية بما فيها دول الخليج العربي مستفيدين من التوقيع على عدد من اتفاقيات التجارة الحرة.
وتحقق هذا الارتفاع في حجم الصادرات على الرغم من انخفاض سعر الصرف في السنوات الأخيرة من 50 ليرة سورية لدولار التصدير عامي 2006-2007 إلى نحو 46 ليرة سورية في الأعوام اللاحقة.
وفي دراسة أخرى بعنوان «الصادرات السورية خصائص ومؤشرات» أعدها كل من راميا إسماعيل وزكي محشي وربيع نصر قدمت خلالها لمحة عن الاقتصاد السوري الذي حقق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة نسبياً خلال سنوات 2005 - 2010 بمعدل وسطي نحو 5%، مع تباين واضح في معدلات التضخم.
وانخفاض مساهمة النفط في الصادرات مع تسجيل القطاعات غير النفطية نمواً ملحوظاً إذ بلغ متوسط معدل نمو الصناعة التحويلية 10%، والخدمات 7%.
كما حققت معدلات البطالة استقراراً نسبياً حيث بلغ وسطي معدل البطالة 8.8% للأعوام 2005-2010، ترافق ذلك مع معدلات تشغيل منخفضة وارتفاع ملحوظ في نسبة من هم خارج قوة العمل وخاصة من النساء، وتراجع ترتيب سورية في مؤشر التنافسية من المرتبة 80 من أصل 131 دولة لعام 2007 إلى المرتبة 98 من أصل 142 لعام 2011.
وكذلك تحقيق تطور كبير في البيئة التشريعية والمؤسساتية لقطاع التجارة الخارجية من خلال إصدار العديد من القوانين الناظمة لقطاع التجارة والتعرفة الجمركية وتوقيع العديد من الاتفاقيات التجارية.
وفي جانب التجارة الخارجية في سورية فقد أصبح الميزان التجاري الإجمالي سالباً منذ عام 2004 متأثراً بانخفاض الصادرات النفطية للقطاع العام وارتفاع واردات القطاع الخاص.
وبالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية فقد حقق الميزان التجاري فائضاً تحول إلى عجز في عام 2005 ليبلغ نحو 9% في عامي 2009 و2010.
ونسبة الصادرات المصنوعة ونصف المصنوعة إلى إجمالي الصادرات بدأت بالازدياد بشكل واضح منذ عام 2004 الأمر الذي يمكن أن يعكس تحسناً في قطاع الصناعة التحويلية وزيادة قدرته التنافسية، كما يعزى في جزء منه إلى تراجع نسبة الصادرات من المواد الخام بسبب تراجع إنتاج المواد النفطية وضعف الإنتاج الزراعي الموجه للتصدير متأثراً بالجفاف.
ويستحوذ استيراد وتصدير السلع ذات الاستهلاك الوسيط على الحصة الأكبر من تركيبة كل منهما.
ومن الملاحظ الزيادة الواضحة لصادرات السلع الاستهلاكية من إجمالي الصادرات ما يعكس تطوراً في الصناعات التحويلية التي، على ما يبدو، استفادت من استيراد الأصول الثابتة.
أما في الصادرات السورية فتعتبر دول الاتحاد الأوروبي من الشركاء التجاريين الأهم في هيكل الصادرات السورية حسب الدول، فقد وصلت نسبة الصادرات إلى 45% من الصادرات كلها في عام 2005 انخفضت لتصل إلى 37% عام 2010.