اللافت في بعض القرارات الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء تناقضها مع بعضها البعض، ففي الوقت الذي تقوم فيه رئاسة المجلس بالطلب من وزاراتها ومؤسساتها التابعة بالحد من الإنفاق نراها في المقلب الآخر توافق لإحدى الشركات العامة التابعة لوزارة الصناعة على شراء أربعة سيارات (دبل كبين)، وبالقطع الأجنبي تصل قيمة السيارة الواحدة نحو مليون وسبعمئة ألف ليرة، مع العلم أن الشركة لم تطلب هذا النوع من السيارات فقط وإنما طلبت سيارات شام وباصات لزوم العمال وصهريج مياه وسيارة حقلية وأخرى للشحن، نتيجة تنسيق أكثر من 42 آلية قديمة ومع ذلك جاءت الموافقة على شراء 4 سيارات (دبل كبين) دون الموافقة على الآليات الأساسية والتي لا تستطيع الشركة الاستغناء عنها مع العلم أن الشركة أكدت حرصها على توفير المال لو أن الموافقة كانت فقط لشراء سيارات شام خاصة ضمن هذه الظروف، وكذلك يأتي انسجاماً مع تطبيق تعميم الرئاسة نظراً لأنها في شرائها لسيارات (دبل كبين) لم توظف في مكانها المناسب وهنا تكون رئاسة الحكومة وليس الشركة هي من يقوم بالهدر وعدم ترشيد الإنفاق وعدم إدارة القطع الأجنبي بشكل يتناسب وواقع الاقتصاد المحلي، لاسيما وأن قيمة السيارة الواحدة من النوع الذي اشترته الرئاسة يشتري ثلاث سيارات من شام، وبالتالي هذا يوفر قطعاً أجنبياً للبلد ويدعم الصناعة الوطنية التي هي في وقت أحوج ما تكون فيه إلى الدعم وأن أي مبادرة من هذا النوع لا تدعم الصناعة السورية فقط وإنما العاملون الذين يعملون في هذا المصنع، وبالتالي ينطبق القول هنا على أن الحكومة هي من تبدأ بالتبذير في غير مكانه، فمن خلال الطلب إياه انحازت إلى السيارات المستوردة، والتي تحتاج إلى دولارات بدلاً من توجيه تلك المخصصات لدعم الصناعة الوطنية التي تتغنى بها على الدوام، يبدو أن مزمار الحي لا يطرب حتى ولو كان من «شام»!!.
توضح صحيفة الثورة إن تناقض القرارات يجعل الأطراف المنفذة لها غير ملتزمة بها لاسيما أن هناك الكثير من المؤسسات والوزارات نراها تطبق قرار الحد من الإنفاق كما يحلو لها فالبعض يطبقه على حساب العاملين كالإنفاق على شراء آثاث للمكاتب من النوع الفخم في بيوتهم لا يشترونه، إضافة إلى القيام بشراء مستلزمات غير ضرورية ناهيك عن القيام ببناء «شماسي» للسيارات دون الحاجة لها وغيره من الإنفاق اللا مبرر له ضمن هذه الظروف التي نحتاج فيها إلى الموضوعية والتعقل والحكمة في إنفاقاتنا!!.