أشار اتحاد نقابات عمال دمشق في تقرير أصدره مؤخراً إلى أن وزارة الصناعة لم تفلح بإنجاز أي مشروع أو رؤية للإقلاع بإصلاح القطاع العام الصناعي وكل ما يقال في هذا المجال يبقى في حيز الكلام داعياً إلى ضرورة الإسراع في إيجاد حلول مجدية مثل إعطاء الشركات والمؤسسات العامة الصناعية الاستقلالية والإدارة الكفوءة لأن ذلك سيحل الكثير من المعضلات في هذا القطاع.
وبين التقرير بحسب تشرين أن سبب تراجع القطاع العام الصناعي الإهمال المتعمد له وضعف التشريعات الناظمة لعمله, وفساد بعض الكوادر الإدارية إضافة للتشابكات المالية التي أثقلت كاهله وتراكم المخازين التي وصلت قيمتها إلى مليارات الليرات بسبب مشكلات التسويق وعدم رغبة الزبائن بهذه المنتجات التي لم تعد صالحة لهذا القرن.
وأضاف التقرير أن ضرورة الاهتمام بالقطاع العام عموماً تأتي من كونه يشغل حوالى 1.5 مليون عامل ويعتبر الضامن لحل الأزمة والنجاة من الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية ولذلك فإن مسؤولية إصلاح القطاع العام يجب ألا تكون مسؤولية وزارة الصناعة فقط بل لابد من مشاركة الحكومة بهذه العملية واستخراج آراء الاقتصاديين والحقوقيين والنقابيين للوصول إلى صيغة جديدة وآلية عمل وتشريعات حديثة تساعد الجهات المعنية في تنفيذ هذه الرؤية الإصلاحية.
ويشير التقرير إلى أنه لكي يكون الإصلاح جذرياً لابد من اتخاذ بعض القرارات ومنها اختيار مديري القطاع العام حسب تاريخهم الوظيفي ونظافة كفهم وكفاءتهم والابتعاد عن المحسوبيات وتمكين الأكفاء من العمال والموظفين وإخضاعهم لدورات تأهيل وتدريب على أسس الإدارة والتكنولوجيا المتطورة واستبدال خطوط الإنتاج القديمة بحديثة وإصلاح ما عطل منها وإعطاء صلاحيات واسعة لمديري القطاع العام والتخلي عن فكرة المركزية التي تقتل أي مبادرة خلاقة لإصلاح القطاع العام ومحاسبة رموز الفساد السابقين وتنظيف هذا القطاع من الوصوليين وغير الأكفاء.
مشكلات متنوعة
ولفت التقرير إلى جملة من الصعوبات التي يعاني منها القطاع العام وبخاصة الصناعات التحويلية وأهمها الصعوبات الفنية المتمثلة بالتخلف التكنولوجي وعدم وجود خطة للإصلاح وصعوبات إدارية تتمثل بشخصنة الإدارة وانتشار الفساد والترهل الإداري وعدم انتشار ثقافة المحاسبة والجهل في تطبيق القوانين والتشريعات وضعف التدريب والتأهيل للكوادر البشرية العاملة فيه إضافة لمشكلات مالية مستمرة وعدم تنفيذ للشق الاستثماري في موازنة الدولة وصعوبات تسويقية بسبب عدم إيلاء مسألة التسويق الداخلي والخارجي الأهمية التي تستحقها وعدم توافر الكوادر اللازمة لذلك.
مفاتيح وحلول
وأكد التقرير ضرورة إعادة النظر بالسياسات العامة التي تحكم القطاع العام وأن تتم دراسة جدية لمجموع القوانين والمراسيم التي تحكم عمله.وضرورة دراسة وضع كل قطاع وكل شركة على حدة وتحديد مشكلاتها الذاتية والموضوعية ووضع الحلول الخاصة بها.
أما في المجال الإداري فيرى التقرير ضرورة الإسراع بإصدار مشروع قانون إصلاح القطاع العام الصناعي وتفعيل دور المجالس واللجان الإدارية وإعطاء المرونة والصلاحية لهذه المجالس, وإيجاد آلية اختيار وتعيين للإدارات العليا والوسطى تعتمد بشكل معياري على الكفاءة والنزاهة وأن يكون للمؤسسة دور في اقتراح هذه الإدارات، وإصدار نظام للتقييم المؤسساتي والإداري يعتمد على حزمة من المؤشرات أهمها الإنتاجية وتطويرها والمخازين والسيولة والمديونية والمبيعات وتعزيز اللامركزية الإدارية وتطبيق نظم التكاليف المعيارية.
ونوه التقرير بضرورة إصدار قانون جديد وإصدار تشريع يعفي الشركات من رسم اهتلاكات على الموجودات والأصول التي تجاوز عمرها الإنتاجي 20 سنة على أن يكون معدل الاهتلاك 10% للسنوات العشر الأولى و5% للسنوات العشر الثانية من عمر الأصل الإنتاجي والثابت وإعادة تقييم المخازين وفق وضعها الراهن.
القانون العقدة
وفيما يتعلق بالقطاع الخاص أوضح التقرير أنه نتيجة للأزمة التي تمر بها البلاد تم إغلاق مئات المنشآت الخاصة وتسريح عشرات آلاف من العمال فيها وبعض أرباب العمل لجؤوا إلى التسريح دون الإغلاق.
وبحسب التقرير فإن الأرقام مقلقة حيث إن البطالة وصلت إلى نسبة 30% بسبب غياب سياسات التشغيل فالمستثمر لا يهمه سوى الربح في ظل غياب أي حماية للعامل في القانون رقم 17 قانون العمل وبأن أرباب العمل لا يطبقون أي فقرة من القانون في ظل غياب أي دور تفتيشي لوزارة العمل.
وطالب التقرير بالإسراع في تعديل أو صياغة مواد هذا القانون بهدف حماية العامل وإعادة النظر في تشكيل محكمة البداية العمالية التي خالفت في تشكيلها أبسط قواعد ومواد أصول المحاكمات ومن المستحيل البت في أي دعوى وفق وضعها الحالي فإذا حضر مستشار العمال يغيب مستشار أرباب العمل والعكس بالعكس وبهذا الشأن يقترح التقرير أن تكون محكمة فرد ويحضر الجلسة مندوب عن العمال ومندوب عن أرباب العمل حتى يستقيم العمل في المحكمة.
حتى النقابيون
ويضرب التقرير أمثلة عن هذه المنشآت التي ستتوقف (كمعمل المصري للسيراميك) الذي يحوي أكثر من 200 عامل والذي استحصل على موافقة وزارة الصناعة بإغلاق المنشأة والذي تم التحاور معه في المنظمة النقابية وخلاصة الحوار أن يستأنف العمل بشكل جزئي ولكنه التف على ما خلص إليه الحوار وضرب به عرض الحائط واستمر بإجراءات إغلاق المنشأة وكذلك (معمل العوا) الذي فصل أكثر من 23 عاملاً ومن بينهم رئيس اللجنة النقابية وأعضاء اللجنة خلافاً لجميع القوانين والأنظمة.