تعتبر سوق دمشق للأوراق المالية سوقاً وليدة نظراً لكونها افتتحت منذ ثلاثة أعوام فقط ولكون عدد الأوراق المالية المدرجة فيها ضئيلاً نسبياً..
وفي الوقت الذي تراجعت فيه أسعار بعض الأسهم في السوق بنسب متفاوتة بلغ بعضها 60%، نتساءل: من المسؤول عن حماية المستثمرين؟ هل هي السوق نفسها أم شركات الوساطة؟ ومن بإمكانه أن يساهم في تخفيف خسائر هؤلاء المستثمرين الذين رغبوا في الحصول على عائد استثماري لرؤوس أموالهم الصغيرة في هذه السوق المالية؟
لا حماية من هبوط الأسعار
الدكتور مأمون حمدان المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية أكد لـ«تشرين» أن السوق لا تحمي المساهمين أبداً من هبوط أسعار الأسهم، فهذا الأمر مردّه لقوى العرض والطلب.. مضيفاً إنه لا يوجد بورصة في العالم تحمي المساهم الذي يعود القرار إليه في بيع أسهمه في يوم ما وتحقيق ربح أو عدم تحقيقه..
وأشار حمدان إلى أن المعيار الأساسي هو وجوب أن يدرس المستثمر سعر السهم وقيمته الحقيقية بالرجوع إلى التحليل الأساسي وليتخذ بالتالي قراره الاستثماري السليم في الوقت المناسب لافتاً إلى أن الوقت عنصر مهم بالاستثمار في البورصة.
وركز حمدان على أنه لا يمكن حماية المستثمر من ظروف السوق ذاتها من حيث ارتفاع أو انخفاض الأسعار وتأثير ربحية الشركات وتوقعات المستقبل لكن مع ذلك تم اتخاذ العديد من الإجراءات للحد من المضاربة في السوق ومنها عدم السماح لأي شخص بشراء الورقة المالية وبيعها في اليوم نفسه وهذا الإجراء حدّ من المضاربة، وكذلك الحدود السعرية للأسهم التي بدأت سوق دمشق بتطبيقها منذ انطلاقتها حيث فرضت على السهم سعراً محدداً لا يجوز أن يرتفع عن هذا الحد الأعلى خلال الجلسة الواحدة أو ينخفض عن الحد الأدنى.
وعن حقوق المستثمرين المساهمين في شركات مساهمة عامة لم تدرج أسهمها بعد في السوق وبالتالي لا يمكن معرفة قيمة أسهمها الحقيقية؟ قال حمدان: يوجد 53 شركة مساهمة عامة في سورية وهي ملزمة بالإدراج في السوق المالية بحكم قانون الشركات وعاجلاً أم آجلاً سيتم إدراجها.. أي إن هناك إلزاماً للشركات لكن هناك شروطاً موضوعية.. ومن بين هذه الشروط تسديد رأس المال أي إن الشركة إذا لم تسدد كامل رأسمالها فالسوق ترفض إدراجها.. وأحياناً هناك شروط قانونية بسيطة جداً لا يمكن إدراج الشركات المساهمة العامة إلا إذا حققت هذه الشروط.. والسوق تقوم بمساعدة الشركات المذكورة على تجاوز هذه الظروف من أجل تسريع عمليات الإدراج.
ونصح الدكتور حمدان المستثمرين في السوق بعدم الاستماع للشائعات مشيراً إلى أن البعض يصف الاستثمار في البورصة بأن فيه خطورة على أنه لا يوجد أي استثمار إلا وفيه درجة من المخاطرة، وعلى المستثمر أن يقبل درجة الخطورة مقابل العائد الذي يحصل عليه.. وأضاف: إن المستثمر هو الذي يحدد العائد وشكل المخاطرة عندما يحلّل بشكل جيد ويستشير الخبراء مؤكداً وجود شركات وساطة تعطي الخدمات الاستشارية..
كشف التلاعب
المحاسب القانوني فؤاد بازرباشي رأى أنه لا يمكن لسوق الأوراق المالية أن تحمي صغار المستثمرين لكن دور المحاسب القانوني الذي يدقق حسابات الشركات المساهمة هو كشف التلاعب في الشركة وفي حال وجد مخالفة معينة عليه إبلاغ مجلس إدارة الشركة وبدوره يعلم وزارة الاقتصاد والتجارة بالمخالفة التي يقع على عاتقها معالجة الخلل.. وأشار بازرباشي إلى أن المحاسب القانوني إذا كان يعمل بوضوح وشفافية فإنه قد يدعو إلى هيئة عامة لعرض التلاعب.. لكنه أشار إلى وجود مشكلة هي أن مجلس إدارة الشركة هو من ينتخب مدقق الحسابات وهناك سبعة أو ثمانية أشخاص من مجلس الإدارة يملكون أكثر من 50% من الأسهم، ورئيس مجلس الإدارة غالباً ما يملك قسماً كبيراً من الأسهم وبالتالي تكون الهيئة العامة بغالبيتها من المجلس وهذا يؤدي إلى اتخاذ قرار من مجلس الإدارة يوائم رغبات كبار المساهمين وليس المساهمين الصغار.
ولحل هذه المشكلة، أكد بازرباشي أن تطبيق نظام الحوكمة الذي يفرض على المصارف وجود أشخاص من صغار المساهمين في مجلس الإدارة يحلّ هذه المسألة، لكن هذا الأمر لم يتبعه سوى مصرف واحد فقط أعلن أن من لديه رغبة من المساهمين الصغار أو حتى من غير المساهمين أن يترشح كعضو مجلس إدارة أن يقدم ترشيحه.. وهذا الأمر يساهم في حماية حقوق صغار المساهمين.
ممنوع إعطاء النصائح!
جود بدرة نائب رئيس الاستثمار في شركة وساطة مالية أكد أنه ممنوع على شركات الوساطة إعطاء النصائح للمستثمر، لكن يمكن توجيه العميل من خلال عرض تقارير تظهر أن أرقام إحدى الشركات أفضل من العام الماضي وبعد تزويده بالتقارير المالية والأخبار يترك القرار بشكل حصري للمستثمر.. لكن بالنسبة للمستثمرين ذوي الملاءة، فإنه بإمكانهم توكيل مدير للاستثمار من قسم «إدارة الأصول».
وأشار بدرة إلى تقديم شركات الوساطة تقريراً يومياً وشهرياً عن المصارف وتقريراً فنياً عن أداء السوق، لكن الشركة تلتزم بالدور تجاه من يتصل أولاً من المستثمرين ويعطي أمراً بالبيع والشراء سواء كان مستثمراً صغيراً أم ذا ملاءة.
ونصح بدرة المستثمرين الذين اشتروا أسهماً في السوق المالية منذ فترة طويلة وخسروا في سعرها ألا يبيعوا في الفترة الحالية إلا إذا كانوا مضطرين جداً للبيع.. فالأسهم حالياً انخفض سعرها وسهم أحد المصارف الإسلامية انخفض 60%، وسيكون خطر الانخفاض أكثر ضآلة أمام الربحية.. أما إذا اشترى المساهم منذ فترة بسيطة، فإنه لا يمكن نصحه بأن ينتظر مدة عام تقريباً حتى يتحسن السعر.
ورأى بدرة أن المستثمر في هذه السوق اليوم يجب ألا يكون مضارباً بل أن يستثمر على المدى الطويل حيث يشتري الأسهم ويخبئها.. فالسهم الذي انخفض 50% من سعره يمكن أن يعود لسعره القديم وبالتالي فإن عودة سعره فيها احتمالات ربحية بنسبة 100%.
وأشار بدرة إلى أن الأموال المودعة في البورصة تحافظ على قدرتها الشرائية أكثر من الأموال المودعة في المصارف متوقعاً تحقيق ربحية بنسبة من 50 إلى 70% خلال عامين.. وأضاف: إنه من بين ميزات البورصة إذا ما قورنت بالاستثمار في العقارات أنه يمكن استثمار مبلغ بسيط فيها (100 ألف ليرة) وبهذا المبلغ لا يمكن شراء منزل، وفي حال احتاج المستثمر لمبلغ يمكنه بسهولة بيع الأسهم.
تراجع المستثمرين المودعين
حسب بيانات سوق دمشق للأوراق المالية، تراجع عدد المستثمرين المودعين في البورصة من 9573 مستثمراً عام 2009 إلى 4406 مستثمرين في نهاية عام 2010.. ووصل عدد هؤلاء المستثمرين في نهاية 2011 إلى 4316 مستثمراً، أما عدد المستثمرين المودعين لغاية 26/2/2012 فبلغ 713 مستثمراً فقط.
لكن مصادر سوق دمشق للأوراق المالية شجعت ونصحت الناس على الاستثمار في السوق والبدء باستثمار مبلغ صغير قد لا يتجاوز خمسة آلاف ليرة مشيرة إلى أن الاستثمار في الأسهم يعمل على تنمية الادخار والحد من التضخم والمساهمة في تحسين مستوى المعيشة.