"نسبة العجز المحتمل للميزان التجاري 25 %, وأثر العقوبات عميق وخطير ويحتاج إلى إستراتيجية لمعالجة آثار الأزمة"
قال معاون وزير الاقتصاد والتجارة خالد سلوطة إن الصادرات السورية لا تتوافق كثيرا مع متطلبات السوقين الأوروبية والأميركية وإنها في المقابل مرغوبة أكثر في السوقين الإيرانية والروسية، فيما أشارت دراسة إلى أن سورية خسرت 44% من إمكانيات التصدير إلى الشركاء بسبب العقوبات, وان نسبة العجز المحتمل في الميزان التجاري تصل الى 25 %.
وأوضح سلوطة خلال ورشة عمل التي أقامتها هيئة الصادرات السورية في قاعة رضا سعيد بجامعة دمشق بحضور رئيس الهيئة حسام اليوسف وعدد من الأكاديميين والاقتصاديين والمهتمين أن "الاتفاقية التي تربطنا مع أوروبا تتمثل باتفاقية برشلونة التي تتضمن الكثير من بنودها إعفاءات رسوم جمركية على الصادرات بيننا وبين أوروبا".
وتم توقيع اتفاقية برشلونة عام 1995 من قبل ممثلي 15 دولة أوروبية تشكل الاتحاد, مع ممثلي 11 دولة من الدول الإثني عشر التي تنتمي إلى جنوب وشرق المتوسط، حيث تتناول الشراكة 3 مجالات وهي المجال الأمني والسياسي، والمجال الاقتصادي والمالي، والمجال الاجتماعي والثقافي والإنساني.
ولفت سلوطة إلى أن "علاقاتنا الاقتصادية مع إيران جيدة إلا أن الجدار الجمركي بين البلدين عالٍ جداً إذ يتراوح بين 4-400%"، موضحا أن "توقيع اتفاقية التجارة الحرة مؤخراً، مع إيران سيفضي إلى تخفيض الرسوم الجمركية ما سيسهم في زيادة صادراتنا إلى ذلك البلد".
ووقعت سورية وإيران في طهران، الشهر الماضي، البرنامج التنفيذي لاتفاقية التجارة الحرة التي ستوضع موضع التنفيذ خلال ثلاثين يوما، وذلك بعد أن تم عام 2010 بحضور الرئيس الأسد ونظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد التوقيع على اتفاقية تجارة حرة بين سورية وإيران تهدف إلى تخفيض الرسوم الجمركية والضرائب على كل السلع المتبادلة بين البلدين خلال مدة خمس سنوات وبشكل تدريجي.
وقال وزير الاقتصاد والتجارة محمد نضال الشعّار، مطلع الشهر الجاري، إن إيران بوابة جديدة للاقتصاد السوري، مشيرا إلى أن اتفاقية التجارة الحرة السورية ـ الإيرانية مهمة جداً بالنسبة لسوريا، ولنكها في الوقت نفسه امتحان للاقتصاد السوري.
وبيّن سلوطة أن "الأمر كذلك بالنسبة لروسيا التي تفرض رسوماً جمركية على الواردات إليها تصل إلى 120% لذلك من الصعب الدخول إلى تلك الأسواق"، كاشفاً عن "مباحثات تجري حالياً لتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع كل من روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا".
بدوره، قال الباحث الاقتصادي ربيع نصر في ورقة عمل حملت عنوان "نموذج الجاذبية ومحددات الصادرات السورية وآثار الأزمة على الصادرات" إن "بعض الدول تستورد من سورية أضعاف الصادرات الممكنة ولا تعد مصدراً مستداماً للصادرات، لأن الصادرات إلى تلك الدول ستميل للعوامل الموضوعية على الأجل المتوسط والطويل".
وأشار إلى أن "حجم خسائر سورية بحسب سيناريو الأزمة التجارية يقدر بـ 52% من الصادرات الممكنة للدول العربية المشتركة في العقوبات وخسارة 93% من الصادرات الممكنة لأوروبا متمثلة بأهم الشركاء لسورية و82% من الصادرات الممكنة لتركيا".
وكانت عدة دول عربية وغربية فرضت على سوريا مجموعة من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية بسبب استمرار أعمال العنف في البلاد، في حين ترد السلطات السورية بأن العقوبات تستهدف الشعب السوري بالدرجة الأولى.
وفرضت تركيا مؤخرا حزمة من العقوبات على سورية, على خلفية الأحداث التي تشهدها البلاد, فيما قررت الحكومة السورية عقب ذلك، اتخاذ إجراءات ضد تركيا منها إيقاف العمل بمنطقة التجارة الحرة بين البلدين, وفرض رسم بنسبة 30% من القيمة على كل البضائع ذات المنشأ التركي المستوردة إلى سوريا.
من جهة أخرى، قدرت الدراسة "زيادة الصادرات السورية إلى العراق بـ40% وللأردن بـ20%، و100% إلى إيران".
وكان رئيس مجلس الأعمال السوري العراقي احمد الشهابي نفى تشرين الأول الماضي، ما يقال حول تراجع الصادرات السورية إلى العراق، متوقعا أن تصل إلى نحو ملياري دولار أو أكثر خلال المرحلة المقبلة.
وكانت تقارير اقتصادية ذكرت، مؤخرا، أن الصادرات السورية إلى العراق تشهد انخفاضا، بسبب الأحداث التي تشهدا سورية، من حركة احتجاجية داخلية وعقوبات اقتصادية أمريكية وأوروبية.
وأشارت الدراسة إلى "نسبة العجز المحتمل للميزان التجاري 25 %"، مبينة أن "سورية خسرت 44% من إمكانيات التصدير إلى الشركاء، وهي مرشحة للزيادة مع دخول دول جديدة على خط العقوبات ووفق هذا السيناريو يقدر وصول عجز الميزان التجاري إلى 18% لعام 2011، و25% لعام 2012 بافتراض ثبات الواردات والناتج بالأسعار الجارية".
وفي السياسات المقترحة لمواجهة آثار الأزمة على الصادرات، بيّن نصر أن" الأزمة غيرت من الأسواق المحتملة" مقترحاً نموذجاً يساعد على "وضع خريطة أولية للشركاء المحتملين للصادرات السورية", لافتا الى أن "أثر العقوبات عميق وخطير ويحتاج إلى إستراتيجية لمعالجة آثار الأزمة بما لا يتناقض مع تطوير هيكل الاقتصاد وتنافسيته على الأجل الطويل، إضافة إلى التقليل من خسائر السلع السورية وخاصة المصنعة لأسواقها التقليدية بموازاة البحث عن أسواق وفرص جديدة".
وبين أنه "من السياسات المقترحة أيضا العمل على الإصلاح المؤسساتي الذي يعتبر جوهر تنمية الصناعة المحلية من خلال تحسين كفاءة الإدارة الحكومية والشفافية والمساءلة وسلطة القانون ومحاربة الاحتكار، إضافة إلى الاستثمار في دراسة بدائل سلعية قابلة للتصدير، ومعالجة الاختناقات المحلية وهي الطاقة والبنية التحتية والتمويل وتوفير العمالة والتبادلات المالية من خلال توفير المناطق الصناعية وإمداداتها اللوجستية، وإيجاد سياسة انتقائية للواردات تركز على تسهيلات السلع الوسطية والرأسمالية".
ودلّ نصر على المتغيرات التي اعتمدت الدراسة عليها، موضحا أنها "انطلقت من بيانات الصادرات الدولية من 210 دول مصدرة إلى 210 دول وعلى مدى الفترة الزمنية 1995-2010، وتم وضع معايير لاختيار الدول التي تمثل أكثر 95% من الصادرات العالمية وأكثر من 98% من الصادرات السورية إضافة إلى تضمين كل الدول العربية ليصل عدد الدول المختارة إلى 84 دولة مصدرة إلى كل دول العالم وهي التي تم اعتمادها في بناء النموذج العالمي".
وتأثر الاقتصاد السوري في الآونة الأخيرة بالأحداث التي تتعرض لها سوريا من احتجاجات اندلعت في عدة مدن سورية منذ 15 آذار الماضي، والتي أسفرت عن سقوط مئات الشهداء، إضافة إلى جملة من العقوبات الاقتصادية غربية وعربية طالت عدد من الشخصيات الاقتصادية والسياسية والكيانات الاقتصادية.