كارتل اقتصادي يهز مصارف ودولا كلما أصدر تقريرا لتصنيف ادائها. ثلاث وكالات نصّبت ذاتها لتقييم اقتصاد أكثر من تسعين في المئة من دول وشركات السوق العالمية. من هي هذه الوكالات وهل من رقيب او حسيب لها؟
موديز ستاندرد اند بورز وفيتش هي ثلاث وكالات أميركية المنشأ تحتكر تقييم اقتصادات الدول، فتطلق تصنيفات تارة سلبية واخرى ايجابية وفق مقاييس خاصة بها وحدها.
تُقيّم الوكالات الثلاث المخاطر المالية للشركات او الدول من خلال الديون السيادية والسندات التي تصدرها وتبيعها لتأمين سيولة نقدية تستخدمها في تنفيذ إجراءاتها الاقتصادية.
الوكالات التي تتقاسم أكثرَ من تسعين في المئة من السوق العالمية تعمد إلى تصنيف الشركات او المؤسسات التي تفكر بالإدانة أو الاستدانة.
هذه الوكالات تعرضت مؤخراً إلى انتقادات، ففيما يرى الكثير من خبراء المال والاقتصاد ان دورها ما زال مهماً مهما قيل عنها، يذهب البعض إلى أعمق من ذلك فيعتبر أن هذه الوكالات تصدر تصنيفَها لبعض الدول أو الشركات بناء على اعتبارات سياسية.
من يموّلها؟
هذه الوكالات منتقدة فيما يتعلق بأتعابها فقبل السبعينيات كان المستثمرون هم من يقومون بدفع المال لوكالات التصنيف مقابل الحصول على التقارير، لكن بعد ذلك أصبح مُصدرو السندات أو المؤسسات الخاضعة للتقييم هي من تدفع للوكالات وهذا وضع مصداقية الوكالات على المحك، ودون أن ننسى احتكار ثلاث شركات فقط للسوق العالمية.
وما زاد الطين بِلة، ظهور بوادر خلاف أوربي أميركي كبير بصدد هذه الوكالات، خصوصاً بعدما خفضت من درجة التصنيف الائتماني لعدد من الدول الأوربية كفرنسا واسبانيا، الأمر الذي دعا المفوضية الأوروبية إلى حث الدول الأعضاء على تأسيس وكالة تصنيف ائتمانية أوروبية للتحرر من السيطرة الأميركية.
وحسب المراقبين، وحدها المنافسة يمكن أن تجعل وكالات التصنيف تعتمد الحزم والصرامة في تقاريرها، وقد سبق وأن تململت الصين من هذه السيطرة الأمريكية وسبقت الأوروبيين بإنشائها في العام 1994 وكالة «داغونغ» للتصنيف الائتماني.
كيف تعمل الوكالات؟
ذاع صيت وكالات التصنيف الائتماني خلال السنوات الماضية عبر سلسلة من الأحداث بدأت بفشلها في تقدير المخاطر المتعلقة بسندات الرهون العقارية والسندات المهيكلة والتي أدت إلى نشوء الأزمة المالية العالمية في نهاية عام 2008 وتعرضها لانتقادات واسعة على إثر ذلك ، وربما كان من نتائج ذلك أن هذه الوكالات صارت تتخذ مواقف أكثر تشددا من ذي قبل في تقدير المخاطر التي كان آخرها تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية من قبل ستاندرد آند بورز وتخفيض تصنيف احد اهم المصارف الفرنسية.
وتقوم وكالات التصنيف الائتماني بشكل عام بتقييم المخاطر المتعلقة بإصدارات الدين سواء للشركات أو الحكومات. وتعد قدرة المصدر على الوفاء بتسديد فوائد الدين والأقساط المترتبة عليه أهم مؤشر للجدارة الائتمانية التي تبنى عليها التصنيفات من قبل هذه الوكالات.
ولكن وبحسب محللون فإن الوكالات تبني احياناً تصنيفاتها على اساس مصالح سياسية واقتصادية لدولة على أخرى ما يدفعها الى إصدار تصنيفات يشكك بها خبراء واقتصاديون.
مسيرة الشركات
تسيطر كل من «ستاندرد آند بورز» و«موديز» على تصنيف أكثر من 80% من إصدارات الدين حول العالم سواء للشركات أو الحكومات أو البلديات والحكومات المحلية فيما تعد «فيتش» أقل سمعة نسبيا، مقارنة بالشركتين الأخريين. وبالعموم، فإن الشركات الثلاث تسيطر على ما يراوح بين 90 و95 % من سوق إصدارت الديون في العالم.
وتعود سيطرة هذه الشركات الثلاث إلى قرار أصدرته هيئة الأوراق المالية الأمريكية في عام 1975 باعتبار هذه الشركات كشركات معتمدة من قبلها، حيث إن كثيرا من المؤسسات المالية وشركات التأمين لا تستثمر إلا في سندات ذات تصنيف عال، فإن أسهل طريقة من قبل المصدرين للسندات لإثبات جدارتهم الائتمانية هو أن يحصلوا على تصنيف ائتماني من شركة أو اثنتين من هذه الشركات الثلاث لتصبح هذه الشركات الثلاث أشبه بمؤسسات محتكرة للتصنيفات الائتمانية حول العالم.
أهمية التصنيف
وتعرضت وكالات التصنيف الائتماني لعديد من الانتقادات في السنوات القليلة الماضية لعل أهمها ضعف قدرتها على تقييم المخاطر المستقبلية والبطء أو التأخر في رصد الاتجاهات السالبة التي يتعرض لها بعض مصدري الديون بعد عملية الإصدار وبالتالي رد الفعل المتأخر في تخفيض التصنيفات، كما يتهمها الكثيرون بتضارب المصالح مع مصدري الديون الذين هم في نفس الوقت عملاؤها الذين يدفعون المال لها مقابل تصنيف إصداراتهم من الديون.
وترد وكالات التصنيف بأن ما تقوم به ما هو إلا مجرد رأي محايد مبني على أسس محددة لقياس الجدارة الائتمانية وأن للأسواق الحرية الكاملة في الأخذ بهذا الرأي أو تركه.
وتكمن أهمية الحصول على تصنيف ائتماني أعلى في مستوى الفائدة التي يتوجب على مصدر الديون دفعها، فكلما ارتفع التصنيف الائتماني كلما انخفض مستوى الفائدة، وكلما انخفض التصنيف الائتماني كلما زاد سعر الفائدة التي يتطلب دفعها من قبل الجهة المصدرة.
كما تكمن أهمية الحصول على تصنيف ائتمان أعلى في عدد المستثمرين الذين يرغبون في شراء إصدار دين معين، وذلك نظرا لأن العديد من المؤسسات المالية وصناديق الاستثمار لا تستثمر إلا في أدوات الدين ذات الجدارة الائتمانية المرتفعة لذلك فإن انخفاض التصنيف لإصدار معين يعني بالضرورة انخفاض الإقبال عليها وصعوبة تغطيتها، نظرا لعزوف هذه الصناديق والمؤسسات المالية عن شرائها.
موقف لبنان من الوكالات
باختصار شديد لموقف لبنان من التصنيفات الائتمانية فإنه لا يثق بها .ففي آخر التصنيفات المعنية بلبنان خفّضت وكالة موديز تصنيف المصارف اللبنانية فأبدى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عدم موافقته على هذا الخفض لانه لا يستند الى عناصر مقنعة او الى تغييرات جديدة تبرر التعليق عليها، بل انه استند الى توقعات خاصة لم تُبحث معنا».
اما الدكتور امين عواد عضو لجنة الرقابة على المصارف فيعتبر ان نشاط وكالات التصنيف الائتماني مجرد عمل تجاري حر لا يخضع لاي ترخيص ولا لاية رقابة من اية جهة، بل لتقييم الاسواق، أي المتعاملين، لذا من الواجب على السلطات الرقابية ان تضع معايير لعمل هذه الوكالات، لكن من خلال المصارف التي تتعامل معها، حماية لحقوق المودعين والمساهمين ودفاعا عن الاستقرار المالي للاسواق.
ويرى امين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح انه من الضروري انشاء مجلس عربي او وكالة عربية او لجنة عربية للتصنيف الائتماني، تتمتع بالدعم العربي على كافة المستويات، من اجل ايجاد مرجعية عربية للتصنيف الائتماني تحظى بالمصداقية التي تؤهلها للعب دور محوري في هذا الحقل.
وخلاصة القول ان لبنان من بين الكثير التي لا تثق بتصنيفات تلك الوكالات ولكن لم تجرؤ الدول حتى اللحظة من التحرر من تأثير تصنيفاتها.
لكن مهما قيل عن شفافية أو عدم شفافية وكالات التصنيف فيجب الاعتراف بأن لديها نفوذا كبيرا في الأسواق المالية ولا تزال تتحكم بسياسات بعض الدول والشركات.
توضيح للرموز المستعملة من قبل وكالات التصنيف
S&P فيتش موديز الوصف
AAA AAA Aaa الأكثر أمانا
AA+ AA+ Aa1 جدارة ائتمانية عالية
AA AA Aa2
AA- AA- Aa3
A+ A+ A1 جدارة ائتمانية متوسطة إلى عالية
A A A2
A- A- A3
BBB+ BBB+ Baa1 جدارة ائتمانية متوسطة
إلى أقل من متوسطة
BBB BBB Baa2
BBB- BBB- Baa3
BB+ BB+ Ba1 غير استثمارية
BB BB Ba2
BB- BB- Ba3
B+ B+ B1 مخاطرة
B B B2
B- B- B3
CCC CCC+ Caa1 مخاطرة عالية
CCC Caa2
CCC- Caa3
Ca
C متعثرة
DDD
DD
D D
أهم المعلومات عن وكالات التصنيف الثلاث الكبرى
الشركة ستاندرد آند بورز فيتش موديز
الملكية إحداها تابعة لشركة "ماكجرو هيل" المدرجة بسوق نيويورك وأخرى تابعة لشركة فيمالاك والثالثة مدرجة في سوق نيويورك
عدد الموظفين 9000 2500 4000
الكاتبة : عزة الحاج حسن