أكد الدكتور عماد الصابوني وزير الاتصالات والتقانة أنه سيتم إعادة الإعلان لإدخال مشغل ثالث للاتصالات النقالة بعد الموافقة النهائية من مجلس الوزراء على هذا الموضوع مع الحفاظ على النهج المتبع في استقدام مشغل ذي خبرة عالمية بإجراءات تنافسية قادر على تغيير واقع السوق لجهة تخفيض الأسعار وتحسين جودة الخدمات وتنوعها بما يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحويل العقود الحالية للشركتين المشغلتين إلى تراخيص.
وأوضح الوزير الصابوني خلال مؤتمر صحفي عقدته الوزارة اليوم بمكتبة الأسد أن إدخال المشغل الثالث وتحويل العقود تمت دراستهما في مجلس الوزراء استنادا للدراسات الاستشارية المحدثة التي توصلت إليها الوزارة مع شركة استشارية عالمية هي شركة (ديتيكون) الألمانية التي اظهرت أنّ خيار تحويل العقود الحالية إلى تراخيص بالتزامن مع إدخال مشغل ثالث هو أفضل البدائل من حيث تحقيقه لأهداف التنمية الاقتصادية بما فيها زيادة معدلات الانتشار وتحفيز المنافسة حيث سيؤدي إلى تخفيض الأسعار وتحقيق الجودة من دون أن ينجم عن ذلك تراجع في إيرادات الخزينة العامة للدولة.
ولفت الوزير الصابوني إلى ان الوزارة تلقت ردودا ايجابية من عدد من المشغلين ذوي الخبرة العالمية من عدد من الدول الراغبة في دخول سوق الاتصالات النقالة في سورية.
وأشار إلى انه نتيجة الدراسات الاستشارية تبين عدم إمكانية دخول مشغل ثالث إذا استمرت عقود الـ (BOT) الموقعة مع الشركتين المشغلتين الحاليتين حيث كان من المقرر إدخال المشغل الثالث بالتزامن مع تحويل العقود مع المشغلين الحاليين إلى تراخيص وهو ما يتفق مع قانون الاتصالات رقم 18 لعام 2010 الذي ينص أيضاً على تحويل المؤسسة العامة للاتصالات إلى شركة والذي سيتم بعد نحو شهرين بما يؤدي في النهاية إلى تطوير قطاع الاتصالات وتحويله إلى قطاع ديناميكي يقوم على المنافسة ويحقق قيماً إضافية عالية داعمة للاقتصاد الوطني.
وقال" إن الوزارة استندت من جانب آخر إلى الدراسات التي أعدتها الشركة الاستشارية في تحديد المبالغ المالية التي سيجري التفاوض حولها مع المشغلين الحاليين في حال تقرر منحهما التراخيص حيث أجري العديد من جولات التفاوض مع المشغلين الحاليين بحضور ممثلين عن الشركة الاستشارية ما أدى إلى اتفاق أولي على مبلغ بديل للترخيص الابتدائي وعلى الشروط العامة للترخيص التي تنص على تقاسم الإيراد بنسبة 25 بالمئة وهي ذات النسبة المقررة للمشغل الثالث وفق شروط الإعلان".
وأشار إلى أن الوزارة قامت أيضاً بتكليف الشركة الاستشارية دراسة عدد من السيناريوهات الإضافية لإدخال المشغل الثالث ومنها استمرار الوضع الراهن وتحويل العقود مع المشغلين الحاليين إلى تراخيص او إعادة الإعلان عن إدخال مشغل ثالث وتحويل العقود مع المشغلين الحاليين إلى تراخيص او منح رخصة ثالثة للمؤسسة العامة للاتصالات وغيرها من السيناريوهات إضافةً إلى تحديث الدراسات المالية للأخذ في الحسبان الفرق الزمني الناجم عن تأخر دخول المشغل الثالث الذي يتطلب إعادة النظر في مبالغ بدل الترخيص الابتدائي للمشغلين الحاليين حيث أنجزت الشركة الاستشارية الدراسات المطلوبة.
وبين أنه جرى عرض هذه السيناريوهات على مجلس الوزراء في فترة سابقة وتقرر تفويض وزارة الاتصالات والتقانة بمتابعة التفاوض مع المشغلين الحاليين لتحويل عقودها من صيغة الـ (BOT) إلى صيغة الترخيص على النحو الذي يحقق مصلحة الدولة مع توسيع قاعدة الملكية فيهما على أن تبدأ الشركتان المشغلتان بالعمل وفق صيغة الترخيص على التوازي مع منح الرخصة للمشغل الثالث.
وأشار إلى أن الوزارة تنطلق من أهداف عامة لتنمية قطاع الاتصالات وتطويره ليؤدي دوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع تأكيد ان الاتصالات النقالة لم تعد خدمة كمالية أو ترفيهية بل هي من أهم الخدمات التنموية حيث تتجاوز معدلات انتشارها في كثير من دول العالم100 بالمئة معتبرا ان الوضع الراهن لسوق الاتصالات النقالة في سورية غير صحي في ظل انخفاض معدل الانتشار والاسعار المرتفعة ووجود خدمات محدودة مع انعدام المنافسة الحقيقية وبقاء إيرادات الخزينة هي العامل المهيمن.
من جهته أشار الدكتور محمد الجلالي معاون وزير الاتصالات والتقانة إلى ان الهدف من الدراسات الاستشارية تنمية السوق والوصول إلى توازن بين الإيرادات المتوقعة المختلفة للدولة دون تحول عقود الـ (BOT) ومع التحول إلى تراخيص إضافة للخيارات الأخرى حيث تمت دراسة كل السيناريوهات ومقارنة النتائج وتم التوصل إلى القيمة الدنيا المجدية للدولة وهي الحد الأدنى لبدل الترخيص الابتدائي الممكن للدولة قبوله والقيمة القصوى المقبولة للمشغل وهي الحد الأقصى الذي تظهر الدراسة الاستشارية أن المشغلين الحاليين لن يكونا على استعداد لدفع مبلغ أكبر منها فأظهرت الدراسات أنه من غير الممكن دخول المشغل الثالث بنفس صيغة العقود الحالية وبالتالي يجب تحويلها إلى تراخيص وأن دفع قيم بدلات ترخيص ابتدائية قريبة من القيمة القصوى المقبولة للمشغلين كاف للوصول إلى توازن في الإيرادات على المدى المنظور.
وقال إنه من المتوقع بعد التحول إلى تراخيص أن تظهر في السوق خدمات جديدة وظهور الترابط الشبكي كمصدر هام للدخل مع انخفاض تدريجي في معدل الايراد الوسطي للمشترك إلى نحو النصف وتضاعف معدلات الانتشار خلال 5 إلى 7 سنوات.
وبين الجلالي انه خلال العمل على هذه الدراسات ظهرت بعض الدراسات والمقالات التي تشكك في الأرقام التي توصلت إليها الشركة الاستشارية وخاصة تلك المتعلقة ببدائل الترخيص التي ينبغي الحصول عليها من المشغلين الحاليين لتحويل عقودهما إلى تراخيص حيث أوردت هذه الدراسات أرقاماً غير واقعية مبالغا فيها إلى حد بعيد من دون الاطلاع على منهج الدراسة الاقتصادية.
وأشار معاون الوزير إلى أنه لدى مراجعة الأسس التي قامت عليها هذه الدراسات تبين وجود الكثير من الأخطاء الحسابية والمغالطات الاقتصادية إذ انها تتجاهل المبادئ الأساسية لإنجاز الدراسات الاقتصادية لهذا النوع من المشاريع والتي منها ما يتعلق بالقيمة الزمنية للنقود وعدم الأخذ في الحسبان نمو السوق الناتج عن التنافسية والإيرادات الأخرى بما فيها العائد غير المباشر والآثار الاقتصادية للتحول إلى صيغة التراخيص التي تدعم التنمية الاقتصادية وتؤثر إيجابياً في إيرادات القطاع عدا مبالغتها في تقدير قيمة الشبكة ووقوعها في أخطاء حسابية تؤثر في النتائج تأثيراً جوهريا.
من جهته استعرض الدكتور إباء عويشق مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات ابرز المؤشرات المتعلقة بالهاتف النقال في سورية مقارنة مع دول الجوار وذلك استنادا إلى تقرير ملامح مجتمع المعلومات الصادر عن منظمة الإسكوا مؤخرا مبينا ان معدل الانتشار في الهاتف النقال بلغ 57 بالمئة في عام 2010 لتأتي سورية في المرتبة 12 من أصل 14 دولة في منطقة الإسكوا مقارنة مع 107 بالمئة في الاردن و87 بالمئة في مصر و68 بالمئة في لبنان.
ولفت عويشق إلى ان معدل النمو في هذا القطاع خلال عامي2009 و2010 بلغ17 بالمئة فقط مقارنة مع اليمن35بالمئة ومصر28 بالمئة ولبنان 20 بالمئة والعراق 22 بالمئة موضحا ان اسباب انخفاض هذه المؤشرات يعود إلى الأسعار المرتفعة والتنافسية الضعيفة والخدمات المحدودة حيث تعد أسعار خدمات الاتصالات النقالة الأعلى في المنطقة بمعدل 9ر9 بالمئة من الدخل القومي للفرد مقارنة مع 2ر9 بالمئة في اليمن و1ر4 بالمئة في لبنان ومصر و2ر3 بالمئة في الأردن و2ر0 بالمئة في الإمارات فيما حلت سورية في المرتبة 13 من أصل 14 دولة تليها فقط لبنان من حيث التنافسية.
وقال مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات إنه لم يطرأ تغيير حقيقي على الأسعار إلا مرة واحدة والباقي كانت تخفيضات على شكل عروض محدودة حيث لا يمكن إجراء تخفيض ملموس على الأسعار في ظل الشروط الراهنة مشيرا إلى أن هامش أرباح الشركات نحو 14بالمئة من الإيراد أي إن تخفيضاً من مرتبة20 بالمئة وهو ليس بالتخفيض الكبير ولن يكون ممكناً ما لم يترافق بتغيير في شروط العقد معتبرا أن الحل المقترح يكمن في الانتقال من سوق شبه احتكارية لا تنافسية إلى سوق تنافسية الذي يعد أحد أهم أهداف قانون الاتصالات عن طريق إدخال مشغل ثالث للاتصالات النقالة يسمح بالتنافس الفعلي ويزيد الكفاءة والفعالية في تقديم الخدمات وتخفيض الأسعار لتصل إلى مستويات مقبولة.
وفيما يتعلق بإمكانية منح ترخيص المشغل الثالث للمؤسسة العامة للاتصالات أوضح عويشق أنه حسب دراسة الخيار الأفضل لدخول هذا المشغل واولويات الاستثمار الحكومي ومتطلبات ونفقات بناء وإطلاق المشغل الثالث فقد يكون من الأفضل لمصلحة قطاع الاتصالات والبلد توجيه الاستثمارات إلى مجالات استراتيجية أخرى تحقق عائداً كبيراً ولاسيما في مجال البنى التحتية وشبكات الألياف البصرية والإنترنت بالحزمة العريضة التي يصل معدل انتشارها الحالي إلى 33ر0 بالمئة.
ولفت إلى أن دخول المؤسسة كمشغل ثالث يعد استثمارا فيه مخاطرة عالية مع وجود شركتين منافستين لديهما حصة كبيرة من السوق حيث يبقى الخيار الافضل هو استقدام شركة عالمية ذات خبرة بالعمل في سوق تنافسية تحافظ على ايراد ثابت للدولة مشيرا إلى ان حصة المؤسسة العامة للاتصالات في شركة المشغل الثالث هي 20بالمئة. وكانت وزارة الاتصالات والتقانة اعلنت بتاريخ 24/9/2010 طلب عروض للتأهيل الأولي لإدخال مشغل ثالث للاتصالات النقالة في سورية وتلقت عروضا من ست شركات عالمية جرى بعد تقييمها قبول خمسٍ منها في مرحلة الدراسة الفنية والتشغيلية وطلب منها بعد ذلك التقدم بعروضها الفنية والتشغيلية والمالية فتقدمت شركتان فقط هما شركة الاتصالات السعودية (STC) وشركة (Qtel) القطرية وكان مقرراً أن يجرى في مرحلة الإحالة مزاد مالي بتاريخ 27/4/2011 إلا أن الظروف التي تمر بها سورية حالت دون إتمام ذلك.