أكدت مديرة الأسعار في وزارة الاقتصاد والتجارة وفاء الغزي أن الوزارة بصدد إعادة النظر بعدد من السلع المحررة أسعارها بغية إلغائها من قائمة المواد والسلع التي تخضع لسياسة تحرير الأسعار، خاصة تلك المواد التي وصلت إلى مؤشرات غير مسبوقة في ارتفاع أسعارها، مشيرة إلى أن الإلغاء لن يتم إلا بعد التباحث مع أصحاب الشأن والمعنيين بتلك السلع، وبالتالي بحث المسألة وعرضها على رئاسة مجلس الوزراء للحصول على الموافقة النهائية على إلغاء تحرير أسعار بعض السلع والمنتجات وجعل أسعارها مقيدة وملزمة بحدود تضعها مديرية الأسعار في الوزارة.
وقالت الغزي في تصريح لسيريانديز أن اجتماعاً كان من المفترض عقده مؤخراً مع المعنيين من المنتجين والموردين لبعض المواد التي حلقت أسعارها بشكل غير مقبول لدراسة إلغاءها من قائمة المواد المحررة أسعارها، إلا أن الاجتماع قد تم تأجيله إلى الاجتماع القادم الخاص بوضع النشرة التأشيرية النصف شهرية للأسعار، لعدم حضور أي من المعنيين بتلك المواد إلى الاجتماع السابق، مؤكدة أن الإلغاء سيشمل مجموعة من السلع والمواد ولن يكون هناك أية نية لمناقشة إلغاء سياسة التحرير بشكل نهائي على جميع المواد والمنتجات التي خضعت وبشكل تدريجي لسياسة التحرير التي بدأ تطبيقها منذ عام 2001.
وكشفت مصادر خاصة في وزارة الاقتصاد أن عدداً من مجالس المحافظات قد ناقشت في اجتماعاتها الأخيرة إلغاء سياسة تحرير الأسعار، وقامت برفع مطالبها بذلك إلى وزارة الإدارة المحلية، والتي قامت بدورها بتحويل تلك المطالبات إلى وزارة الاقتصاد، وبحسب المصادر فقد بررت المجلس مطالباتها بإلغاء سياسة تحرير الأسعار، لجهل الكثير من المواطنين بقائمة المواد المحررة أسعارها، وبالتالي سيطرة عدد من التجار والموردين على الأسواق من خلال حالات الاحتكار لبعض المواد، والتحكم بأسعارها.
ومن جهتها، المصادر، لم تؤكد عدد السلع والمواد التي سيتم إعادة النظر بتحرير أسعارها، إلا أنها توقعت إعادة النظر بقائمة تتضمن ما لا يقل عن عشرة سلع أو أكثر، حيث بنت توقعاتها على سبرها المستمر للأسواق ومعرفة المواد التي انخفضت أسعارها خلال الفترة الأخيرة عما كانت عليه في السابق، وملاحظتها أن هناك عدداً لا يستهان به من المواد التي لم يطرأ عليها أي تغيير في مؤشرات أسعارها، منوهة إلى أن تلك السلع ستخضع لمناقشة وبحث إعادة النظر بإلغاء تحرير أسعارها.
وفي هذا السياق، نؤكد على أن سورية بدأت بتطبيق سياسة تحرير الأسعار على السلع والمنتجات بشكل تدريجي منذ عام 2001، وقد كانت إحدى الخطوات الهامة ضمن السياسات الاقتصادية الانفتاحية العليا للدولة، حيث كان الهدف منها ترقية وتنمية الاقتصاد السوري والنهوض به إلى مراتب متقدمة وبالتالي انفتاحه على اقتصاديات العالم بشكل ينعكس إيجابياً على حياة المواطن السوري ويضمن عيشه برفاهية، وقد تحقق ذلك عبر تمكن الدولة من تأمين أهم السلع الاستراتيجية والاستهلاكية، إلا أنه وبمرور الوقت فإن بعض ضعاف النفوس قاموا باستغلال السياسة لتنفيذ مآربهم ومصالحهم الشخصية الضيقة مما شكل عبئًا إضافيًا ثقيلاً على الاقتصاد السوري بشكل عام والمواطن بشكل خاص، وخير دليل على ذلك انفلات السوق والارتفاع الجنوني للأسعار بدءًا من الكبريت إلى الدولار، الأمر الذي تطلب التدخل السريع لإعادة النظر ببعض المواد المحررة أسعارها ولإخراجها من دائرة التحرير.
وبنظرة سريعة إلى الظواهر المتفشية في الأسواق المحلية من ارتفاع للأسعار وغيرها من مظاهر الاحتكار، نجد أنها من صنع هؤلاء "النفر" من التجار والمستوردين والموردين والمنتجين وغيرهم ممن استغلوا سياسة التحرير لأغراض تتنافى وتخالف الغرض الأساسي من وضعها، الأمر الذي ولد شريحة كبيرة من المتضررين الذين يكابدون الليل والنهار لتوفير لقمة العيش والحصول على حاجاتهم من السلع والمنتجات بأسعار تتناسب ودخولهم.
إذا هنالك خرق حقيقي في سياسة التحرير من قبل فئة معينة، ولا بد هنا للدولة أن تتدخل بسلطان قوانينها، لكبح جماح فوضى الأسعار، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه استغلال السياسات الاقتصادية لمصلحته الشخصية ولا مبرر لترك الحبل على الغارب للأسعار بالأسواق دون أي ضوابط.