في كل مرة تعاد السيرة نفسها، مخالفات وعمران مشوه يليه هدم ومراسيم لإزالة المخالفات، وقصة اليوم كما الأمس ولايعلم أحد أين تقف سلسلة الهدم والبناء، فبعد إشادة نحو 750 ألف وحدة سكنية مخالفة منذ بدء الأحداث في سورية يصدر مرسوم الرقم 40 لعام 2012 بإزالة المخالفات وذلك بعد السماح لمدة عام وربع ببناء تجمعات سكنية مخالفة خربت البلاد وأنهكت العباد وهدمت البنى التحتية، ومن ثم يأتي المرسوم ليقول بأن أحكامه لن تطال المخالفات الجماعية ماعدا الحديثه منها وأنه يمكن تسوية المخالفات القديمة لكن العلة تبقى بنزاهة البلديات ورؤوساء البلديات الذين يسوون مخالفات حديثه غير قابلة للتسوية وفق المراسيم القديمة ويخمنون الأراضي التي جرى تسويتها بأسعار زهيدة بحيث يوفرون الآلاف على صاحب المخالف مقابل آلاف أخرى تضمن سكوتهم وانهيار البناء على رؤوس أصحابة وجيرانه فيما بعد.
واليوم المشكلة تتفاقم وتصبح أكثر خطراً، فهناك آلاف المخالفات المخفية في الظل التي لايعلم بها إلا أصحابها والتي بنيت ضمن البيوت نفسها، وبذلك ترتفع عدد المخالفات في سورية لأكثر من مليونين ونصف مخالفة حيث يصل عدد المخالفات في سورية قبل الأزمة إلى مليون و800 مخالفة قديمة تضاف إليها 750 ألف وحدة بنيت مع بدء الأزمة في سورية .
ورغم أن البعض يتوقع ارتفاع أسعار مواد البناء والعقارات بعد البدء بمشروع الهدم، إلا أن هناك اعتبارات عديدة تجعل الخبراء يستبعدون هذا الأمر، فمدير عام شركة إسمنت عدرا جهاد عبد الغني يبين لـ b2b أن قرار وزارة الاقتصاد الذي صدر مؤخراً باستيراد الأسمنت للقطاع الخاص من شأنه أن يخفض من أسعار العقارات في سورية ويعيد التوازن للسوق
ويؤكد أحد المطورين العقاريين كذلك أن المخالفات التي بنيت أشيدت بمواد بناء فاسدة رخيصة وليست سليمة ومن هنا فإن هدم الأبنية التي أقيمت بناء عليها لن يتسبب بنقص مواد البناء السليمة في سورية أو ارتفاع اسعار العقارات، مشيراً إلى انتشار اسمنت التخزين المخالف في الأسواق ونتيجة لذلك حتى صار تجار مخالفات البناء يخلطون كيس اسمنت فاسد مع كيسين اسمنت نظامي، كما أن التجار رفعوا اسعار مواد البناء بما فيها الاسمنت والحديد حينما ارتفع الدولار علماً بأنهم في تلك الفترة لم يستوردوا مواد جديدة وكانت المواد موجودة لديهم واستوردوها على السعر القديم، وأيضاً لم يخفضوا السعر حينما انخفض الدولار وحققوا أرباحاً فاحشة بسبب الأزمة التي استغلوها خير استغلال.
ومن هنا يقترح الباحث في الاقتصاد العقاري د. عمار يوسف لـ b2b تطبيق مشروع الإسكان القومي والذي من شانه حل المشكلة العقارية في سورية، بحيث تدمج كافة الجمعيات السكنية والمؤسسة العامة للإسكان بهيئة تعنى بأمور السكن تكون متخصصة ويمكن أن تكون تابعة لرئاسة الجمهورية لما لهذا المشروع من أهمية قصوى وإستراتيجية وخاصة في هذه المرحلة ويجب ان تمتاز الهيئة بالكفاءة والسرعة والاعتماد على الخبراء والفنيين من أي مكان مع تسهيل للإجراءات الإدارية المتعلقة بها بغية تحقيق أهدافها وتأمين ما لا يقل عن مليون مسكن بشكل سريع، حيث يعتقد الناس أن الجمعيات السكنية سبب أساسي في فشل الحالة العقارية في سورية، وتساهم المؤسسة العامة للإسكان في هذا الفشل، فهاتين الجهتين تعيشان حالة من الترهل وعدم المسؤولية أو الإنتاجية، لدرجة أن ما أنجزته هاتين الجهتين من أبنية لم يغطي حاجة سورية من المساكن ولم يتجاوز ما بنسبة 2% من الحاجة الفعلية للمساكن لأسباب تتعلق بالفساد وعدم القدرة على الانجاز والترهل الإداري والواقع العملي ونسبة الانجاز تشهد على ذلك.
ويرى اليوسف أن مشروع الإسكان القومي خير حل لرفع نسبة العرض عن الطلب وحل مشكلة الاستملاكات وإيجاد مناطق بديلة وفتح الضواحي السكنية الجديدة، وهو يحقق أرباح حكومية هائلة، مؤكداً أن الدولة الآن ليست عاجزة عن بناء الضواحي السكنية.