صوت البريطانيون في استفتاء على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وفيما يلي إجابات عن أسئلة رئيسية بشأن ما سيحدث في الفترة المقبلة في علاقات بريطانيا مع الاتحاد.
ما الذي يعنيه هذا؟
تعتري الصدمة الاتحاد الأوروبي ويواجه تجربة لم يتعرض لها من قبل. فلم يسبق أن انسحبت أي من الدول الأعضاء على الإطلاق.
ولا تقدم المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي التي تحدد كيف يمكن أن تترك إحدى الدول التكتل تفاصيل تذكر.
وعلى الرغم من أنها تقدم إطارا قانونيا عاما للانسحاب في فترة تبلغ عامين فإن كثيرين يعتقدون أن إقامة علاقات تجارية جديدة بين بريطانيا والاتحاد ستستغرق وقتا أطول ويخشى البعض من أن تشوب المرارة العملية مما سيعطل الاقتصاد والشؤون الأوروبية على مختلف الأصعدة.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه سيستقيل بحلول أكتوبر / تشرين الأول ويترك لخليفته باعتباره رئيس حزب المحافظين إخطار الاتحاد بأن بريطانيا ستنسحب بموجب المادة 50.
وسيعني هذا بدء فترة العامين ويعتقد مسؤولون أن الاتحاد لا يستطيع إطلاق العملية بنفسه. ويريد البعض في الاتحاد البدء بسرعة أكبر حتى بمجرد أن يطلع كاميرون زعماء الاتحاد على التطورات خلال قمة تعقد يوم الثلاثاء ويشعرون بالقلق من إشارة المدافعين عن انسحاب بريطانيا من الاتحاد إلى أنهم ربما يفضلون بدء محادثات قبل اللجوء للمادة 50.
وقال خليفة كاميرون المحتمل بوريس جونسون إنه لا يرى سببا لبدء العملية وإنه ليس هناك ما يحتاج تغييرا على الأمد القصير.
وأبرم كاميرون اتفاقا مع زعماء الاتحاد الأوروبي في فبراير / شباط للحد من المهاجرين وحماية المصالح المالية للندن من منطقة اليورو لكن نتائج الاستفتاء نسفته واستبعد زعماء الاتحاد إجراء محادثات جديدة على صيغة أخرى لعضوية بريطانيا انطلاقا من أن “الانسحاب يعني الانسحاب.”
ويريد كثيرون انفصالا سريعا خلال عامين بينما قد يستغرق التفاوض على شروط العلاقات المستقبلية وقتا أطول. لكن القوى الكبرى بالاتحاد تبدو حريصة على أن يكون الانتقال إلى علاقة جديدة منظما قدر الإمكان.
ويمكن أن ينطوي هذا على مفاوضات على المادة 50 التي تنص المعاهدة على أنها يجب أن “تضع في الاعتبار” العلاقة الجديدة بين الاتحاد وبريطانيا بحيث يمكن مدها بعد انتهاء العامين لإتاحة وقت لعقد اتفاق أوسع. لكن هذا التمديد يتطلب موافقة كل الدول الأعضاء وعددها 28 وسيكون التوصل إلى إجماع مشكلة.
وإذا لم يتم الاتفاق على معاهدة فإن بريطانيا لن تصبح خاضعة للوائح الاتحاد بعد عامين من تقديمها إخطارا رسميا بالانسحاب.
ولحين توقيع معاهدة بالانسحاب وهو ما يتطلب موافقة بريطانيا وأغلبية من الدول السبع والعشرين المتبقية تقاس بعدد السكان فإن بريطانيا ستظل تتمتع بعضوية كاملة نظريا لكنها تستبعد من المشاورات المتصلة بشروط انسحابها.
عمليا يتوقع كثيرون استبعاد الوزراء والنواب البريطانيين سريعا من المشاركة في معظم شؤون الاتحاد.
كما قال بعض المدافعين عن الانسحاب إن على بريطانيا أن تتحرك بسرعة أكبر مثل أن توقف تمويل ميزانية الاتحاد أو تمنع الهجرة من دوله. وقد يدفع هذا الاتحاد لاتخاذ إجراءات انتقامية.
وقال مسؤول كبير بالاتحاد الأوروبي “المادة 50 هي عملية طلاق: من يحصل على المنزل ومن ستكون له حضانة الأطفال ومن يحصل على حسابات البنوك” في إشارة إلى أولويات مثل تحديد ميزانية الاتحاد ووضع البريطانيين الذين يعيشون في دول أخرى من دوله ووضع مواطنيه في بريطانيا ويقدر عددهم الإجمالي بالملايين.
وقال المسؤول لرويترز إن عدم الالتزام بالمادة 50 سيؤدي إلى “طلاق فوضوي” وأضاف “سيكون الأمر مثل زوجين يرشقان أحدهما الآخر بالأطباق بدلا من الاتفاق من خلال محامين.”
ولن تصبح مجموعة من قوانين الاتحاد الأوروبي واستحقاقاته سارية على الشركات والمواطنين البريطانيين وهو ما يقول المدافعون عن انسحاب بريطانيا إنه سيتيح فرصا لمزيد من النمو والمزيد من الهجرة الانتقائية لكن كاميرون قال إن هذا سيضر بالاقتصاد وبنفوذ بريطانيا العالمي.
ما الذي يحدث الآن؟
أدلى زعماء الاتحاد ورؤساء مؤسساته في بروكسل بتصريحات تؤكد الأسف لخسارة نحو خمس اقتصاد الاتحاد الأوروبي والمزيد من نفوذه العسكري والعالمي واحترام إرادة الشعب البريطاني والعزيمة لتظل الدول السبع والعشرين الأخرى أعضاء الاتحاد معا.
كما ذكروا بريطانيا بأنها لا تزال تتمتع بعضوية كاملة بكل ما ينطوي عليه ذلك من حقوق وواجبات.
ويجتمع وزراء الخارجية طول اليوم في لوكسمبورغ.
ويجتمع وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ يوم السبت.
ويجتمع رئيس قمة الاتحاد الأوروبي والرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند في باريس يوم الاثنين ثم يسافران إلى برلين للقاء المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي.
ويجتمع زعماء الاتحاد في بروكسل في قمة تبدأ في الخامسة من مساء الثلاثاء. ويتوقع مسؤولون أن يتحدث كاميرون عن الاستفتاء وما الذي ستفعله بريطانيا في المرحلة القادمة ثم يعود إلى بريطانيا ليلا.
وربما يتفق الزعماء على الاجتماع مجددا في يوليو / تموز.
ما هي المادة 50؟
يحتوي هذا الجزء المكون من 261 كلمة من معاهدة لشبونة على عبارات رئيسية منها:
- يجب أن تخطر الدولة العضو التي تقرر الانسحاب المجلس الأوروبي بنيتها… يجب أن يتفاوض الاتحاد مع هذه الدولة ويتوصل إلى اتفاق يحدد الترتيبات لانسحابها مع الوضع في الاعتبار إطار العمل لعلاقتها المستقبلية بالاتحاد.
- لا تسري المعاهدات على الدولة المعنية اعتبارا من تاريخ دخول الاتفاق حيز التنفيذ أو في حالة عدم الالتزام بعد عامين من الإخطار… إلا إذا قرر المجلس الأوروبي بالإجماع بالاتفاق مع الدولة العضو المعنية مد هذه الفترة.
- يجب ألا يشارك عضو المجلس الأوروبي أو المجلس الممثل للدولة المنسحبة في المناقشات أو القرارات المتصلة به.
ماذا سيفعل الاتحاد الأوروبي بعد ذلك؟
يحتاج الاتحاد للمسارعة بسد فجوة حجمها سبعة مليارات يورو في ميزانيته السنوية البالغة 145 مليار يورو والمحددة حاليا حتى عام 2020 حين يخسر مساهمات بريطانيا بينما سيوفر من المبالغ التي يحصل عليها البريطانيون من حسابات الاتحاد الأوروبي.
كما سيحتاج الاتحاد أيضا لتوضيح وضع الشركات والأفراد الذين يستخدمون حقوقهم بموجب العضوية في الاتحاد الأوروبي للتجارة والعمل والعيش على جانبي الحدود الجديدة بين بريطانيا والاتحاد في أقرب وقت ممكن.
وقد يسعى زعماء الاتحاد إلى استعراض سريع للوحدة في مواجهة المتشككين في عضويته الذين ستلهمهم نتائج استفتاء بريطانيا بمن فيهم زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان التي تتصدر استطلاعات الرأي لانتخابات الرئاسة الفرنسية التي تجري في أبريل / نيسان القادم.
ما الذي سيتغير إذن؟
من الناحية النظرية لن يتغير شيء على الفور. لا يزال البريطانيون من مواطني الاتحاد الأوروبي وستستمر الأمور كما كانت من قبل.
على الصعيد العملي يعتقد كثيرون أن القرارات التجارية والاستثمارية والسياسية سوف تستوعب سريعا رحيل بريطانيا عن الاتحاد.
وقد يواجه الاتحاد تفكك بريطانيا إذ يخطط الاسكتلنديون للسعي مرة أخرى للاستقلال والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بمفردهم.
وهناك “توافق في بروكسل” لكي تصبح بريطانيا عبرة لمن يفكر في الرحيل لإثناء الآخرين عن اتخاذ تلك الخطوة وستواجه مستقبلا يتسم بالفتور وربما تضطر لخوض محادثات للعودة فيما بعد لإقامة شكل من أشكال العلاقات التجارية مقابل تنازلات مثل حرية الهجرة من داخل الاتحاد ومساهمات في ميزانيته وهي أمور يريد الناخبون المؤيدون لانسحاب بريطانيا أن تنتهي لكن دولا مثل النرويج وسويسرا قبلتها بأشكال مختلفة.
لكن دبلوماسيين حذرين لا يستبعدون حدوث تحولات مفاجئة.