تشكل المشروعات الصغيرة والمتوسطة أكثر من 90% من مجمل المشاريع الوطنية، ولكن دورها مازال مغيباً وبعيدة عن التطبيق العملي في تقديم الدعم لها، في الوقت الذي نسمع فيه ومن جهات عدة، وأولها الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات، أن هذه المشروعات مهمة لدرجة أنها جامعة لمختلف القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية والإنتاجية، وخلق فرص العمل.
تعاني هذه المشروعات مساحة واسعة في اقتصادنا، من صعوبات جمّة باتت تشكل بالنسبة لها تحدياً جسيماً يقف أمام نموها وتطورها، منها ما يتعلّق بحجم العمل والترخيص والمكان وحجم الضريبة وقوانين التصدير والتسويق والمشاركة بالمعارض التي لا تنطبق عليها، وليس آخرها مسألة التمويل التي تحتاج إلى إعادة النظر فيها. وهذا ما توضحه الهيئة العامة للتشغيل والتنمية بأن هذه المشروعات تحتاج لأدوات تمويلية بعوامل تحفيزية وشروط ميسّرة تساير هذا النوع من المشروعات وتراعي ظروفها ولاسيما في الجوانب المتعلقة بسعر الفائدة وفترات السداد والسماح، ونسبة مساهمة المستفيد من المشروع وطيف الضمانات المطلوبة إذا ما كانت الضمانة تقتصر مثلاً على العقارية أم تتجاوزها إلى أنواع أخرى، إضافة إلى ضرورة وجود مؤسسات لضمان مخاطر الإقراض. وما يعترض هذه المشروعات من عثرات تطرق لها بهاء الدين حسن نائب رئيس غرفة تجارة دمشق، حين قال: إن هذه المشروعات لم تلق اهتماماً في السابق، مقترحاً تخفيف الرسوم الجمركية عن المواد الأولية المستخدمة في الصناعة وتقديم الدعم الفني والمادي من قبل الحكومة وغرف التجارة والصناعة والزراعة، وكذلك من قبل اتحاد المصدرين والقطاع الخاص حتى تستطيع هذه المشروعات أن تقدم ما عليها من عمل ملموس على أرض الواقع.
وكانت الحكومة نتيجة ما تعانيه هذه المشروعات من الصعوبات، ومنها مسألة التمويل أحدثت صندوقاً للدعم، إلا أنه ما زال معلقاً، إذ ليس له أي صفة في الوقت التي ثبت عدم وجود مرجعية أو تبعية لهذا الصندوق المزمع إيجاده. وبنظرة متأنية في بنود نص إحداثه يتضح وجود ثغرات عديدة تبرز جليةً في مادته الأولى المتعلّقة بتعريف هذه المشروعات الوطنية، الذي حدّد عدد عمال المشروعات الصغيرة أقل من 50 عاملاً ورأسمالها أقل من 50 مليون ليرة. أما المشروعات المتوسطة فحدّد عدد عمالها بأقل من 250 عاملاً ورأسمالها أقل من 250 مليون ليرة، ما يعني أن جميع المشروعات لدينا تنطوي تحت هذا التعريف، وهو أمر قد يستغله البعض من أصحاب الفعاليات الاقتصادية على حساب مستحقي الدعم الفعليين.