يوجه الاقتصاد العالمي شكوكا كبيرة في المدى القريب. فهل تسوي منطقة اليورو وتتجنب التفكك؟ وهل تضع الولايات المتحدة مسارا إلى النمو المتجدد؟ وهل تعكس الصين مسار التباطؤ الاقتصادي؟
الإجابات على هذه التساؤلات سوف تحدد كيفية تطور الاقتصاد العالمي على مدى السنوات المقبلة. وبعيدا عن ذلك فأن الاقتصاد العالمي يدخل مرحلة صعبة جديدة للغاية. وحسب ما نشره داني رودريك استاذ الاقتصاد في جامعة هارفرد، في جريدة نيويورك تايمز الأمريكية، فان أوروبا والولايات المتحدة سوف تخرجان من هذه الصعوبات بديون ضخمة، ومعدلات نمو منخفضة، وسياسات داخلية مثيرة للنزاع.
ومع انكفاء الديموقراطيات القديمة، فإنها ستصبح أقل قدرة على العمل كشريكة مفيدة على المستوى الدولي، وأقل رغبة في دعم النظام التجاري المتعدد الأطراف، وأكثر استعدادا للاستجابة بتحركات أحادية الجانب للسياسات الاقتصادية. أما الأسواق الناشئة الكبرى مثل الصين والهند والبرازيل فمن غير المرجح أن تملأ الفراغ، لأنها ستظل حريصة على حماية سيادتها الوطنية.
ونتيجة لهذا فإن التعاون العالمي بشأن المسائل الاقتصادية سوف يتراجع. وسوف تكون بعض البلدان أكثر تضررا من غيرها. وأضاف أن الدول التي تقدم أداء أفضل فإنها سوف تشترك في ثلاث خصائص. فهي أولا لن تثقل بمستويات مرتفعة من الديون العامة. وثانيا، لن تفرط في الاعتماد على الاقتصاد العالمي. وأخيرا، سوف تكون ديموقراطيات قوية.
لقد تمكنت العديد من اقتصادات السوق الناشئة، مثل البرازيل وتركيا، من كبح جماح نمو الدين العام هذه المرة. ولكنها لم تمنع انغماس قطاعاتها الخاصة في الاقتراض. ولأن الديون الخاصة لديها وسيلة في التحول إلى التزامات عامة، فإن أعباء الديون الحكومية المنخفضة قد لا توفر لهذه البلدان في واقع الأمر, وسيلة تخفيف الصدمات التي قد تتصور امتلاكها لها. والدول التي تفرط في الاعتماد على الأسواق العالمية والتمويل العالمي لتغذية نموها الاقتصادي سوف تجد نفسها أيضاً في وضع حرج. ذلك أن الاقتصاد العالمي الهش لن يكون مضيافاً لكبار المقترضين او المقرضين الأجانب.
وسوف تظل الدول التي تعاني من عجز ضخم في الحساب الجاري (مثل تركيا) أسيرة لمشاعر السوق المتقلبة. أما الدول التي تتمتع بفوائض ضخمة (مثل الصين) فسوف تجد نفسها تحت ضغوط متزايدة تدفعها نحو التحفظ. وقد تبدو ديموقراطيات مثل الهند في بعض الأحيان، وكأنها تتحرك ببطء شديد وأنها عرضة للشلل. ولكنها توفر ساحات التشاور، والتعاون، والتنازلات بين الجماعات السياسية المتعارضة، والتي تشكل أهمية حاسمة في أوقات الاضطرابات والصدمات.
من بين المؤشرات المهمة لحجم التحديات الجديدة التي تواجه الاقتصاد العالمي أن قلة قليلة من الدول تلبي كل المتطلبات الثلاثة.. ولكن بعض الدول ــ مثل البرازيل والهند وكوريا الجنوبية ــ سوف تكون اوضاعها افضل.
المصدر: عكاظ السعودية