لا يمكن القول إن دول «بريك»، أي الصين والبرازيل والهند وروسيا، ستكون شاطئ الأمان النهائي للمستثمرين الدوليين. صحيح أن هذه الدول تمثل جزءاً رئيساً ينتمي إلى مجموعة من الدول الناشئة التي تشهد أسواقها نمواً واعداً في آفاقه المالية والاقتصادية. لكن يبدو أن دول «بريك» الأربع بدأت تتخبط في مشاكل مقلقة تدفع المستثمرين السويسريين الكبار إلى التأني في اتخاذ قرار الاستثمار فيها.
إذ تحارب البرازيل لمكافحة التضخم المالي، فيما غرقت روسيا في بحر من التجاذبات السياسية التي تؤثر مباشرة على أسواقها المالية الحذرة، وتصطدم الهند بحواجز تحول دون إعطاء محركاتها الاقتصادية القوة الضرورية لإقناع المستثمرين الأجانب بمدى صلابة الأسواق الداخلية. في حين يُرجّح أن يكون مستوى النمو الاقتصادي في الصين دون التوقعات. لذا باشر المستثمرون البحث عن «خليفة» لدول «بريك» قادرة على تحقيق أحلامهم الاستثمارية تدريجاً.
ويرى خبراء محليون أن لدى الدول المؤهلة لخلافة دول «بريك» الأربع ميزتيْن، هما حركة الاستهلاك الداخلية المتواضعة حالياً، إضافة الى تخلّف النظام المالي الداخلي مقارنة بالأنظمة المالية المتطورة التابعة للدول الغربية. وبالطبع، ترتبط الحركة الاستهلاكية بقوة الدخل الفردي السنوي. لكن ثمة دول واقعة جغرافياً في أفريقيا وآسيا، يتراوح فيها الدخل الفردي السنوي بين 300 دولار و500 فقط، غير قادرة على منافسة حركة الاستهلاك في الدول الصناعية. وربما تتحوّل هذه الدول الفقيرة مستقبلاً إلى نقطة لاستقطاب المستثمرين الدوليين، فمعظمها غني بالثروات الأولية التي لا تزال إدارتها سيئة.
ويشير محللون سويسريون إلى أن قائمة دول «بريك» الموسعة ستشمل 48 دولة في السنتين المقبلتين. في أميركا اللاتينية، ستنضم بيرو وتشيلي وفنزويلا إليها. وفي أفريقيا، ستحتضن هذه القائمة نيجيريا وكينيا ومصر، في حين ستتوسع في آسيا، لتضمّ فيتنام وكازاخستان وأندونيسيا وتايلند.
ولافت أن المملكة العربية السعودية والإمارات في منطقة الشرق الأوسط، انضمتا إلى برنامج اقتصادي دولي مهم جداً، بدأ مفعوله الإيجابي يسري في عروق المستثمرين السويسريين المقتنعين بحيوية هذا البرنامج. ولا نغفل أن ثقل العراق في جذب المستثمرين الدوليين، أضحى إستراتيجياً للمستثمرين الأجانب الكبار الراغبين في تنفيذ مخططاتهم التجارية على المدى الطويل.
ولا يخفي الخبراء أن أسواق مصر وتونس في أفريقيا الشمالية واعدة، لكن لا تزال محفوفة بالأخطار المتعلقة بالسياسة والسيولة المالية داخل أسواقها. ويستند الخبراء على ما حصل في كل من مصر وتونس من ثورات شعبية العام الماضي. ما يعني أن السيناريوهات السياسية في هذين البلدين، قادرة على الانقلاب بسرعة، وهو ما يقلق المستثمرين الدوليين. ونظراً إلى عدم تطور أسواق رؤوس الأموال المصرية والتونسية في شكل كاف، يرى الخبراء السويسريون أن السيولة المالية مع أوضاع الأسهم والسندات، حساسة وعرضة للتقلبات السلبية المفاجئة. لذا ينصح الخبراء المستثمرين السويسريين بتنويع استثماراتهم في الأسواق المصرية والتونسية، بما أن أحوالها الأخيرة غير طبيعية بعد.
المصدر: الحياة اللندنية