تحدثنا في زاوية سابقة عن قيام بعض أمناء صناديق الجمعيات التعاونية السكنية وبعض رؤساء هذه الجمعيات والمحاسبين باختلاس أموال المكتتبين وهروبهم بها وترك هؤلاء المكتتبين مشتتين.. لكن يبدو أن الأمر تعدى ذلك ليصل الاختلاس إلى الاتحاد الفرعي، ومن يعلم.. قد نكتشف لاحقاً اختلاسات في مفاصل أخرى أكبر من «الفرعية»، وكدليل على ما نقوله فإنا نعرض اليوم أغرب حالة تزوير واختلاس في الاتحاد التعاوني السكني في طرطوس والمستمرة منذ حوالي /22/ عاماً..
التفاصيل..
لا يهم إن كان «القبض» على الجاني بطريقة المصادفة أو عن طريق «النكوشة» أو أن يكون لدى نائب رئيس الاتحاد التعاوني السكني في طرطوس معلومات عن «المزور»، فإن تفاصيل هذه العملية تتلخص بقيام مساعد أمين صندوق الاتحاد التعاوني السكني في طرطوس وهو «يقطع» الإيصالات يقوم بوضع كرتونة بين النسخة البيضاء التي تسلم لمسدد المبلغ وبين الأورمة «النسخة الصفراء» حيث يقوم بتسجيل الرقم الحقيقي المدفوع من الجمعية أو العضو التعاوني على النسخة البيضاء ويسجل مبلغاً آخر على النسخة الصفراء التي تحفظ لدى الاتحاد..
وفي التفاصيل أيضاً أن نائب رئيس الاتحاد التعاوني في طرطوس تقدم بمذكرة إلى المكتب التنفيذي بتاريخ 13/7/2017 يقول فيها: لوحظ خلل في أعمال الصندوق في الأعوام السابقة ولاسيما لجهة إيرادات توثيق العقود وإيرادات رسوم التنازل وتأجير قاعة الاتحاد وذلك من واقع حسابات الأرباح والخسائر بتاريخ 31/12/2015 كتأجير القاعة بـ /3000/ وتأجيرها بـ /2000/ ل.س كما هو وارد في تقرير الأرباح والخسائر بتاريخ 31/12/2016 علماً أن قيمة الإيجار تتراوح بين /6000/ و/7000/ ليرة وهذا أيضاً من الواقع الحقيقي ومن قرارات مجالس إدارات الجمعيات المتعلقة بتأجير قاعة الاتحاد.
بعد ذلك شكل المكتب التنفيذي لجنة لدراسة الأمور المثارة في المذكرة المشار إليها على أن تقوم اللجنة برفع نتائج أعمالها إلى المكتب التنفيذي وبالفعل تم تكليف محاسب الإدارة ومدقق الحسابات بمطابقة الإيرادات المحصلة بين النسخ ذات اللون الأبيض التي تسلم إلى «الجمعية- المجمع- أو العضو التعاوني» وهذه المبالغ هي الإيرادات الفعلية للاتحاد مع النسخة ذات اللون الأصفر «الأورمة» التي تحفظ في الاتحاد على أساس أنها قيود محاسبية.
النتيجة
في الإنذار الموجه إلى ح-س مساعد أمين الصندوق من قبل رئيس المكتب التنفيذي هناك فقرة تقول: «من خلال مباشرتك العمل بتاريخ 5/1/1995 وقبض مضمون الإيصالات المالية حتى الرقم /20315/ تبين وجود اختلاسات تفوق الـ 10 ملايين ليرة» لذلك ننذركم بتسديد ضمانة مالية بقيمة /10/ ملايين ليرة في حساب الاتحاد التعاوني السكني في طرطوس لدى المصرف العقاري وسنعود لهذا لاحقاً، المهم أن اللجنة وضعت يدها على أمور مهمة جداً حيث قامت بمقارنة بعض الإيصالات بنسختيها البيضاء والصفراء لـ /10/ جمعيات هي: جمعية الإسمنت للسكن والاصطياف- جمعية عمريت- مشتى الحلو- منتجع القدموس- المستقبل- الشاطئ- 16 تشرين- الخير- الفدى- ومجمع الرمال الذهبية.. وبواقع /34/ إيصالاً حيث تبين فروق كبيرة بين الأرقام «المبالغ» المسجلة على النسخة البيضاء لدى الجمعية طبعاً وبين الأرقام «المبالغ» المسجلة على النسخة الصفراء «الأورمة» المحفوظة في الاتحاد ووصل الفرق بين المبلغين إلى 3.4 ملايين ليرة لمصلحة «التزوير»، وهذه الإيصالات تعود إلى أعوام 2013- 2014- 2015- 2016- 2017 وهي تشكل أجزاءً قليلة أو عينات من هذه الجمعيات العشر.. فما بالك بـ /20315/ إيصالاً تعود لعام 1995 وما بعد وبـ/137/ جمعية تعاونية سكنية عليها أن تدفع سنوياً رسوماً إلى الاتحاد بطريقة الإيصالات.
احترافية
سنعرض هنا لبعض الإيصالات المزوّرة بحيث تبين وفق الأرقام والتواريخ المبالغ الحقيقية المسددة للاتحاد من قبل الجمعيات والمبالغ التي تم اختلاسها. فمثلاً الإيصال رقم 06478 تاريخ 3/4/2014 العائد لجمعية عمريت تم تسجيل مبلغ /154683/ لمصلحة الاتحاد، بينما المبلغ الذي دوِّن على النسخة الصفراء للرقم والتاريخ ذاتهما والجمعية ذاتها هو 51600 ليصبح المبلغ الذي تم اختلاسه من هذا الإيصال فقط هو 103083 ليرة وهو الفرق بين الإيصالين الأبيض والأصفر.
وفي الإيصال رقم 08322 تاريخ 18/5/2016 العائد لجمعية الإسمنت سجل على النسخة البيضاء مبلغ 62238 ليرة وهي حصة الاتحاد.. بينما سجل على النسخة الصفراء التي تحمل الرقم والتاريخ ذاتهما واسم الجمعية ذاتها مبلغ 500 ليرة فقط ليصبح المبلغ الذي تم اختلاسه من هذا الإيصال 61738 ليرة وهكذا..؟
وهذا ينسحب على كل الإيصالات التي دققتها اللجنة ورفعتها إلى المكتب التنفيذي التي بلغت قيمتها كما أسلفنا 3,4 ملايين ليرة أي بوسطي 100 ألف ليرة عن كل إيصال.
اعتراف
لاحقاً تبين أن هذه الأفعال قد تمت خاصة بعد أن اعترف (ح.س) إلى الاتحاد بممارسته لهذه الأعمال، بل تعهد بدفع كل ما يترتب عليه وما يظهر لاحقاً نتيجة تدقيق اللجنة للإيصالات المتبقية وهو فعلاً قام بدفع مبلغ 500 ألف ليرة إلى صندوق الاتحاد ثم قام بتسديد مبلغ 5 ملايين ليرة في حساب الاتحاد التعاوني السكني لدى المصرف العقاري، وهنا لا نعتقد أن هذه الاعترافات قد أخذت عنوة وتحت الإكراه بل إنها موثقة في الاتحاد.
في النهاية
الأمر الآن بيد فرع الأمن الجنائي في طرطوس منذ نحو أسبوع تقريباً بعد أن تقدم الاتحاد بمذكرة للمحافظة يشرح فيها قضية التزوير هذه، حيث قام محافظ طرطوس بتوجيه الأمن الجنائي لمتابعة التحقيق.. وحسب مصادر خاصة فإن التحقيق مع (ح.س) قد يتجاوز موضوع الإيصالات والاتجاه إلى مواضيع أخرى، ولاسيما بعد قيام الفرع بمراسلة الجمعيات التعاونية السكنية والطلب إليها بتزويده ببعض الوثائق التي من ضمنها الإيصالات، وحتى صدور النتائج فإننا تؤكد ضرورة أن تقوم الجمعيات بتسديد مستحقات الاتحاد في حسابه لدى المصرف العقاري في طرطوس، ولاسيما أن هناك بعض الجمعيات تقوم بذلك، وتالياً يشكل هذا الإجراء جزءاً من الرقابة السابقة، وعلى المكتب التنفيذي في طرطوس أن يوجه الجمعيات بذلك.
المصدر: صحيفة تشرين