لا تزال أزمة النقل في محافظة اللاذقية عصيّة على الحل، في ظلّ الصدّ والردّ الذي يدور بين مجلس المحافظة ولجنة السير، فبعد قرار الأخيرة منع سرافيس جبلة والقرداحة من دخول المدينة، وعدم الأخذ بقرار مجلس المحافظة السماح للسرافيس بالوصول إلى موقف الجامعة، عاد الركّاب لمعاناتهم اليومية، المتمثّلة بالوقوف لساعات طويلة بانتظار وسيلة نقل تقلّهم إلى جامعتهم وأعمالهم… وعلى وقع هذه الأزمة القديمة الجديدة، التي أصبحت أشبه بلعبة القطّ والفأر، تبقى محطة قطار جبلة-اللاذقية شبه فارغة من الركّاب، فبعد مرور أكثر من عامين على إطلاق الخطوط الحديدية السورية لهذا القطار بهدف تخفيف الضغط على الطلاب والموظفين، يُظهر الازدحام على السرافيس عدم جدوى هذه الخطوة، وعدم قدرتها على تحقيق الغاية المرجوّة منها.
معاناة يومية
الامتعاض من واقع حال النقل سواء بالسرافيس أو بالقطار، كان السمة العامّة لدى من التقيناهم، وبالأخص الطلبة والموظفين، إذ يقول الطالب الجامعي إياد اسبر لصحيفة “الأيام”: “أزمة السير معاناة لا بد منها يومياً، فقد يستغرق الحصول على مقعد في سرفيس أحياناً أكثر من ساعة، والأنكى من الانتظار والعراك للحصول على المقعد، الجلوس فوق بعضنا البعض طيلة الطريق بسبب جشع السائق، وإجباره الركّاب على الجلوس أربعة في الصف الواحد”.
بدورها قالت الطالبة عبير عيسى: “منع السرافيس من الوصول إلى الجامعة سبّب لنا مشكلة حقيقية، فعدا عن أزمة الازدحام والانتظار الطويل، فإن القرار حرم معظمنا من تقديم الامتحانات، بسبب تأخرنا عن الموعد المحدّد وانتظارنا أكثر من ثلاث أرباع الساعة في الكراج للحصول على مقعد في باص النقل الداخلّي، فيما كان السرفيس يضعنا أمام باب الجامعة”.
القطار لا يفي بالغرض
ومع أن إنشاء محطّة القطار جاء بهدف تخفيف معاناة الأهالي إلا أنّها لم تفِ بالغرض المطلوب، بل زادت من المعاناة اليومية، بحسب الطالب الجامعي نديم حسن، الذي قال: “رغم سرعة القطار وقدرته على استيعاب أعداد كبيرة من الركّاب، إلّا أنّ مواعيد انطلاقه غير دقيقة، وتتعارض مع مواعيد خروج الطلاب وتوقيت محاضراتهم”، فيما أكّد الطالب لؤي يوسف، أنّ المسافة من محطة القطار إلى الجامعة تستغرق نصف ساعة تقريباً، أي في حال قرّر الطالب القدوم بالقطار من جبلة إلى اللاذقية لن يستطيع حضور المحاضرة الأولى، ولذلك يرى أنّ السرافيس رغم كلّ سيئاتها تبقى وسيلة نقل أسرع.
فراس علي “موظف” أشار إلى صعوبة السير للوصول إلى محطة القطار التي تقعُ خارج المدينة وخاصة في “أيام المطر” باعتبار أن سرفيس جبلة لا يصل إليها، ويضيف أنّ عدم السماح للسرافيس بدخول مدينة اللاذقية زاد من أعباء المواطنين الماديّة، ومن معاناتهم فقد أصبحوا يحتاجون إلى أكثر من باص وسرفيس للوصول إلى أعمالهم وجامعاتهم.
إحدى عطايا الحكومة
مدير محطة القطار في اللاذقية المهندس عدنان بيطار أكّد لـ “الأيام” أنّه قبل ثلاثة أعوام تقريباً، تمّ إنشاء موقف خاص للقطار السريع، تحت جسر جبلة الأول بالقرب من الكراج الجديد، حيث يخدّم القطار الموظفين، والطلاب، وأبناء القرى الذين يتوجهون يومياً من جبلة وريفها إلى اللاذقية، مبيّناً أنّ المتوسط اليومي لعدد الركّاب الذين يتوجهون من جبلة إلى اللاذقية يبلغ مائة راكب ذهابا وإيابا، ومن طرطوس ألف راكب ذهاباً وإياباً، وذلك على القطارين اللذين ينطلقان في توقيتين مختلفين.
وأوضح بيطار أنّ الخطوط الحديدية السوريّة خصّصت قطارين سريعين، ينطلقان يومياً من جبلة إلى اللاذقية، حيث ينطلق القطار الأوّل من موقف جبلة عند الساعة 7:10 صباحاً، ليصل إلى اللاذقية عند الساعة 7:35 دقيقة صباحاً، فيما ينطلق القطار الثاني عند الساعة 7:55 صباحاً، ليصل إلى اللاذقية في الساعة 8:20 صباحاً.
ولفت بيطار إلى أنّهم قاموا بتثبيت مقاعد داخل الموقف المؤقت الذي لا تتجاوز مدة توقف القطار فيه أكثر من خمس دقائق، موضحاً أنّ سعر التذكرة 50 ليرة، من جبلة إلى اللاذقية وبالعكس لكافة درجات القطار، مؤكّداً أنّها إحدى عطايا الحكومة التي تقدّمها خدمة للمواطنين وبالأخص الطلاب.
السرافيس مكانها الكراج
عضو المكتب التنفيذي المختص بقطّاع النقل وعضو لجنة السير بالمحافظة حسن جريعة، عزا السبب وراء اتّخاذ قرار منع دخول السرافيس المدينة، إلى زوال الأسباب الأمنية التي سمحت لها بالدخول بين عامي 2011– 2012، وعليه فمن الطبيعيّ أن تتخذ لجنة السير قرار إعادة السرافيس إلى مكانها الطبيعي في الكراج الشرقي، للتخفيف من الازدحام في المدينة، وتطبيق القوانين والأنظمة بما يحسّن الوضع المعيشيّ والجماليّ في المدينة.
وحلّ أزمة المواصلات اليوم، برأي جريعة، يتمثّل بمرور وسائل النقل من جهة مبنى مؤسسة المواصلات في شارع الحسيني، ما يؤدي إلى تخديم كراجات ومواقف كل من، النقل، والنقل الداخلي، والبولمان، وبيروت، والجسر، والتربية، حتى محطة القطار، مشيراّ إلى أنّه تمّ تزويد المحافظة بـ 30 باصاً للنقل الداخلي لتخديم الكراج الشرقي، على ثلاثة خطوط رئيسية، وهي الجامعة، والمشفى الوطني، وشارع الجمهورية.
وللتخفيف من الازدحام، أكّد جريعة أنّه تمّ تشغيل القطار بمعدل رحلتين صباحاً، من جبلة إلى اللاذقية تكون قادمة من طرطوس لتأمين طلاب طرطوس، بقيمة 50 ليرة سوريّة، رغم أنّ الشركة تتحمّل كلّ الأعباء الماديّة من أجل تبسيط وصول طلاب الجامعة والموظفين.
الدراسة ناقصة
مصادر من داخل مؤسسة الخطوط الحديدية أكّدت لـ “الأيام” أنّ الدراسة التي أُعِدّت لإنشاء محطة القطار السريع بين طرطوس واللاذقية ناقصة، وتمّ تنفيذها “من قريبو”، وهي خاسرة نظراً للتكلفة الحقيقية لنقل الركّاب، مدلِّلة أنّ تكلفة الراكب الواحد من طرطوس إلى اللاذقية تبلغ 700 ليرة سورية، والتكلفة من جبلة إلى اللاذقية 300 ليرة، في حين أنّ سعر التذكرة من جبلة إلى اللاذقية 50 ليرة فقط.
وحمّلت المصادر، مجلس مدينة جبلة مسؤولية عدم معرفة نسبة كبيرة من سكّان جبلة والقرداحة بوجود موقف القطار، بسبب عدم وجود لوحات طرقية تدلّ على مكان وجود الموقف، وخاصة عند مدخل مدينة جبلة، ناهيك عن ضرورة تخصيص باص نقل داخلي لنقل الركاب من داخل مدينة جبلة إلى موقف القطار.
المصدر: صحيفة الأيام السورية