الحياة تعود بسرعة الى مدينة عربين بريف دمشق ، ومئات الورشات تعود الى العمل ، وبعض منتجاتها تصدر الى الدول المجاورة ، هذه المدينة التي تبعد 7 كم عن دمشق توزع منتجاتها الى الأسواق المحلية والعربية والاجنبية حيث المكدوس والزيتون والمخلل واليبرق وقمر الدين لم تنقطع عن الاسواق الأوروبية والعالمية بالرغم من سنوات الأزمة وما لحق لأصحاب المعامل والورش من اضرار مادية مباشرة وغير مباشرة .
مراسل بزنس2 بزنس تجول اليوم في أحياء مدينة عربين حيث ورش البناء في كل مكان ضمن الاحياء تعمل كخلية نحل وتقوم بالترميم واعادة البناء، والورشات الصناعية تعود الى العمل في الاقبية والمحلات التي سويت ضمن الامكانات المتاحة، دون ان تنظر الى خسائر الماضي، أو ركام الارهاب في الحارات، أو تنتظر الحكومة لتحسين الخدمات تنتج ضمن واقع الابنية الحالي ويكاد لا يصدق من يزور هذه المدينة حجم الاصرار لدى الاهالي التي تسابق الفجر على الانتاج، ومقتدين بشركات وضعت بصمة "صنع في سورية" على رفوف أفخم المولات والاسواق العربية والعالمية مثل شركات الدرة والغوطة والاحلام للمنتجات الغذائية بعد أن استأنفت إنتاجها بشكل مميز، وتمد يد المسؤولية الاجتماعية الى المدينة ،وتقدم ما تقدمه من أجل اعادة عربين الى الانتاج والحياة كما كانت .
وفي ورشة الامل الصغيرة للأدوات الكهربائية يعمل الرجل الستيني ابو عمار منذ صلاة الفجر في ورشته لإنتاج الافران ،ويقول في تصريح خاص لبزنس 2 بزنس عدت الى ورشتي مع بداية تحرير المنطقة، ومن خلال الادوات البسيطة، مع قلة العمالة اقوم بتصنيع أكثر من 20 فرن غاز منزلي خلال اسبوع ، وخلال العام الماضي تم تصدير شحنة الى دول الجوار وأقوم بتصنيع ماركة جديدة مطلوبة الى السوق المحلية باسم "نورمكس " بعد تسجيل العلامة التجارية اصولا .
وأشار أبو عمار الى صعوبات العمل من التقلبات التي يشهدها سعر الصرف، وبعض المضايقات من كثرة دوريات الجمارك، وغياب العمالة التي تدربت واصبحت ماهرة باستثناء الوحيد لأمه، وارتفاع اجور النقل ،والايدي العاملة، وضعف السيولة نتيجة ارتفاع تكاليف الانتاج وأسعار المواد الاولية .
ولفت أبو عمار الى انخفاض انتاج ورشته من 100 قطعة في الاسبوع الى 20 قطعة داعيا الجهات الحكومية الى الالتفات الى المدينة، وتقديم الدعم اللازم للبلدية، وترحيل الانقاض بسرعة، وتقديم الخدمات اللازمة لانعاش الورش الصناعية من قروض ميسرة وأدوات الانتاج .
بدوره لفت العامل خالد الوحيد لأمه ويقوم بتركيب مفاتيح الغاز الى انه يعمل يوميا من الساعة 8 صباحا حتى الساعة الخامسة مساء مع استراحة ساعة وقت الغداء براتب يومي 4000 ليرة سورية مع ان خبرته لا ترتقى على مستوى معلم حرفة بل شغيل عادي .
ومن خلف المخرطة التي يقوم بخراطة بعض القطع الحديدة يقول عمار خسرت الكثير خلال سنوات الازمة التي مرت من تهجير لمنشأتي وتراجع الانتاج وحتى الربح نتيجة ارتفاع سعر الصرف، لافتا الى ان فرن الغاز كان يباع قبل الازمة ب 10 الاف ليرة ويربح به 3 الاف ليرة بينما اليوم ارباحه تكاد لا تذكر، نتيجة ارتفاع سعر الصرف وأجور النقل واليد العاملة وتراجع حجم الانتاج الى اقل من 20 بالمئة .
ودعا عمار الى زيادة الاهتمام بالكادر التدريسي في المدارس لتشجيع الاهالي الى العودة الى عربين، والاسراع في ترحيل الانقاض من الشوارع والحارات، وزيادة عدد عمال وسيارات النظافة لتتمكن من ترحيل القمامة ،ورش المبيدات الحشرية، وتقديم الدعم الفعلي للعائلات المنتجة وخاصة التي خسرت مواشيها ومشاغلها لتتمكن من العودة الى الانتاج .
مدينة عربين التي يعمل غالبية سكانها في المجال الصناعي والتجاري تفرش منتجاتها على رفوف المتاجر العربية والعالمية، وترفع شعار صنع في ريف دمشق تحتاج الى لفتة حكومية جادة لاستثمار هذه الخبرات والطاقات ، وتشد على ايدي الشركات الاقتصادية التي تقوم بمسؤوليتها الاجتماعية للإسراع في تحسين أحوال المدينة واعادة انعاشها، فهل قادرة الحكومة على استثمار هذه الخبرات والطاقات، أم تبقى تعمل في اطار الشعارات .